استكمالاً لموضوع المقال السابق والذي يخص جائزة الشارقة للبحث النقدي.. والتي عقدت دوراتها الثلاث حتي الآن ولاهميتها كقضية ملحة بالعالم العربي حيث يفتقد الفن التشكيلي إلي حركة نقدية فاعلة توازي حركة الإبداع الفني في العالم العربي.. فالإبداع الفني في مجالاته يعتمد علي منظومة هامة للتأمل والتحليل وبدونها يفقد الابداع الفني أحد جناحيه، وأشرت بالمقال السابق بأنني سأجتهد بعرض إشارة مختزلة علي مضمون الابحاث التي حازت علي الجوائز منذ بدايتها، فاليوم نستعرض البحث الفائز بالجائزة الاولي.. بالدورة الأولي عام 7002/8002 للباحث الدكتور نزار شقرون وموضوع البحث (شاكر حسن آل سعيد الحقيقة في الفن) والباحث من مواليد مدينة صفاقس »الجمهورية التونسية« حصل علي الإجازة في اللغة والآداب العربية من كلية الآداب والعلوم الانسانية بصفاقس، وشهادة الدراسات المعمقة في نظريات الفن من المعهد العالي للفنون الجميلة بتونس.. وعلي الدكتوراه مرحلة ثالثة في علوم وتقنيات الفنون من المعهد العالي للفنون الجميلة بتونس. وأنتج أكثر من عشرة برامج اذاعية فنية وأدبية وثقافية بإذاعة صفاقس منذ سنة 4991.. والكثير من المشاركات في الندوات والمؤتمرات الدولية، كما ألف أربعة كتب شعرية.. وحصل علي العديد من الجوائز، اما موضوع البحث الذي يفند فن شاكر حسن الذي ولد عام 5291 في مدينة السماوة في أواسط العراق وكان العراق آنذاك تحت سيطرة الحكم الملكي الهاشمي الذي بدأ بفيصل الأول.. ثم فيصل الثاني ثم إنتهي الحكم الهاشمي بالعراق عام 8591، خلال هذه الفترة السياسية درس شاكر حسن في المدرسة الإبتدائية بمدينة الكويت ثم إنتقل إلي بغداد لاستكمال الابتدائية عام 2391 ثم الإعدادية 1491 وكان مولعا برسوم الخرائط.. وأتم دراسته الجامعية عام 8491 حيث درس في قسم العلوم الاجتماعية.. ومارس فن الرسم بجانب دراسته الاصيلة وبتوجيه من الفنانين شوكت وحافظ الدروبي - وخالد الجادر.. وفي هذا السياق يكشف البحث عن رافدين هامين لتجربته الفنية الأولي: تتلمذه علي يد فنانين كبار (جواد سليم وغيره) والثاني إندماجه في الكتابة بفضل احتكاكه بالكتاب وإيمانه بأهمية السند النظري للتجربة الفنية، وفي مقدمة البحث التي كتبها الدكتور شربل داغر الناقد الفني والاستاذ بجامعة بيروت يقول.. وأول ما يستوقف في هذا الكتاب، في هذا الفنان (بمجموع إنجازاته) هو أن الفن عنده عملية ثقافية في المقام الأول، بل »عملية وجودية« بحسب لغة آل سعيد، وهو ما يضئ هذه التجربة النادرة في التشكيل العربي الحديث، حيث أننا امام فنان كتب بقدر ما صور، ومارس الفن بقدر ما مارس التفكير، فتأمل علي أنه يعيش، وأبدع علي أنه يختفي، وبسط اللون ومحاه، ناسباً إلي غيره - إلي المبدع والقادر الوحيد - ماله ان ينجلي في عتمة اشكاله، عجيب أمر شاكر حسن آل سعيد: فهو ينتسب من دون شك الي قلة نادرة من المبدعين العرب.. فتعرض الباحث الي المرجعيات والمصادر المعتمدة وتصنيفها، كما أشار الباحث الي الوعي الإصطلاحي عند شاكر.. ولكن اشارة خاطفة إلي أهمية المسابقة ومضمون البحث الفني بالمعلومات وفلسفة المنهج الذي لملم جميع اركان وروافد ومراحل الفنان العراقي الكبير شاكر حسن الذي رحل في 5 مارس علي 4002 بعد تكريمه ببينالي الشارقة عام 3002 وبقيت إبداعته وفكره ثروة ينهل منها الأجيال فنانين وكتاب ومؤرخين.