العقل وحده هو القادر علي تفعيل ملحات منظوماته ومحاكاتها بالمنطق الذي يستسيغه الزمن لتشخيصه فهو الاداة الفعلية لمحاكاته وتفعيله لادراكه بما هو عليه والعقل دوما في حركة، والحركة نفسها هي التي تدلنا علي الزمن، هذا ما صرح به »ارسطو« والحقيقة التي اعتنقها »هيجيل« كما يقول فيلسوف الهند »كريشنا مورتي« ان حركة العقل تسعي دائما الي تغيير شيء إلي شيء آخر لتخلق بذلك زمنا. من هذا المنطلق فاننا نأمل في ان نبين بان الزمان العقلي الذي يحياه العقل وينطلق فيه ما هو الا مجرد جزء من الزمان وان الامر نفسه ينطبق علي المكان العقلي، فإذا العقل متصل اتصالا مباشرا في الافعال، والتفعيل العقلي هو سلسلة زمانية، وبهذا المعني يكون العقل في الزمان او يكون الزمان اساس بنية وأصل تكوينه. فهذا التزاوج بين العقل والزمان اذا دل علي شيء فانه يدل علي ان العقل هو وليد الزمان والتطور فيه. فهو اي العقل شرط في تعقل الزمان، وليس الزمان وليد العقل وانما يخضع النشاط العقلي او الافعال العقلية للزمان وتخلق لنا من جراء ذلك سلسلة زمنية، فالزمان الذي نتعلقه هو الزمان الطبيعي الذي يوجد خارج ذواتنا، ومن هذا المنطلق نجد انفسنا علي عتبة الانفصال تمشيا مع الفكرة القائلة ان الزمان هو وليد العقل واساس وجوده المرتبط به، فمادام هناك عقل يكون هناك زمان، ومن يقول ان الزمان موجود حتي اذا لم نكن موجودين وهاتان النظريتان يقال عنهما الذاتية الموضوعية، وهكذا انشطر الفلاسفة فيما بينهم فمنهم من رجح الاولي ورفض الثانية ومنهم من عكس الامر، ولكن المسألة باتت معلقة. ومن هذا المنطلق اعطوا حكايته دورا رئيسيا للعقل وافعاله من حيث هو الحس الخام فالعقل يدخل في تركيب كل مدرك، ومن ثم فالعالم المدرك هو تركيب العقل بان الزمان ما هو الا احد صور العقل ذاته، فالعالم في نظر بعض الفلاسفة وعلي رأسهم الفيلسوف »كانت« لايكون عالما بمعني نظام مرتبط دون العقل من حيث ان العقل يعتبر هو الذي يشكل الحس الخام علي صورة وخبرة مدركين، فالعقل يدخل في تركيب كل مدرك ومن ثم فعالم المدرك هو تركيب العقل، فنحن اذا نتعرف علي الزمان من خلال الاشياء عن طريق العقل فالعقل وحدة هو الذي يدلنا عليه ويقودنا الي ان نخترع الآلات كي نقيسه، وقياس الزمن هنا يعني الاطمئنان التام لمعرفة ماهيته وطبيعته وهكذا الي جانب الزمان من خلال الاشياء هناك الزمان من خلال العقل والحال كذلك علي الدوام، فكل زمان حقيقي هو في وجوهره متعدد الاشكال العقل الحقيقي للزمان يتطلب المتطابقات وتأليف المجهودات الايقاعية. العقل دوما في حركة، والحركة هي الشرط الاساسي اللازم لقياس الزمن فهي تتهيأ لمساره ان كان هذا المسار دائريا او خطيا فالحركة اذن مصدر معرفي وادراكي للزمن، ولهذا لايمكننا تصور الزمان بدون حركة ولا حركة بدون زمان، وهذا هو الجانب الادراكي الذي من خلاله ان نعي الزمن، كما ان الحركة هي التي تدلنا عليه وهذا هو الجانب المعرفي كما يقول »كريشنا مورتي« بان عملية الزمن تنتهي بدون حركة للنفس، فالعقل قادر علي جر الزمن الفيزيائي الي داخل الحلقة النفسانية، لان العقل مرهون بالزمن الخطي من الخارج وكما هو مشروط بذلك فان الزمن السيكولوجي يتم قبوله علي هذا النحو، فالعقل اذا هو الاداة التي عن طريقها نكتشف الزمن وندرك الزمن . كاتب المقال : عضو اتحاد كتاب العرب