كان وداعا حزينا لواحد من الرعيل الأول لأبناء »أخبار اليوم« الذين ساهموا في بناء هذا الصرح الصحفي العظيم الذي يُعد مدرسة صحفية مصرية رائدة في قيادة وتوجيه الرأي العام من خلال حرية التعبير. هذا الفارس الراحل هو عثمان لطفي الذي عرفته سكرتيرا لتحرير »الأخبار« عندما بدأت خطواتي الأولي في العمل الصحفي وأنا طالب في الثانوية العامة قبل أن التحق بقسم الصحافة في كلية آداب القاهرة. كان علامة بارزة في فن التوضيب الصحفي علي مستوي الصحافة المصرية. بدأت علاقتي بالفقيد العزيز عندما حملت إلي أخبار اليوم أولي محاولاتي الصحفية تلك المهنة التي كنت أعشقها. حدث ذلك في الخمسينات عندما كنت في رحلة مدرسية إلي أسوان ضمن برنامج »أعرف بلدك« حيث صادفتنا حادثة قطار قمت بتصويرها وجمعت كل ما أستطيع من معلومات حولها. وعقب الوصول إلي القاهرة مشيت من محطة السكة الحديد حتي دار أخبار اليوم. تقدمت إلي قسم الاستعلامات وأخبرتهم بما لدي. في لحظات وجدت نفسي في صالة التحرير الشهيرة لأحكي قصة الحادث إلي أستاذنا المرحوم أحمد لطفي حسونة نائب رئيس تحرير الأخبار في ذلك الوقت والذي قام بصياغتها ثم أعطي الفيلم الذي التقطته إلي عثمان لطفي سكرتير التحرير الذي كان يجلس إلي جواره. ونشرت الحادثة في اليوم التالي في »الأخبار« طبعا بدون اسمي لتكون أول عمل صحفي لي علي طريق مشواري في هذه المهنة. بعد أن عدت إلي بلدتي سمنود حيث كنت أقيم مع أسرتي دفعني شغفي وحبي للصحافة إلي أن أبعث رسالة إلي عثمان لطفي الذي أنست فيه ودا وأعجابا بمبادرتي الصحفية. طلبت منه مساعدتي في أن أكون مراسلا »للأخبار« لينتهي الأمر بدون أن اتلقي ردا. ومرت سنوات وانضممت للعمل محررا تحت التمرين وأنا طالب بقسم صحافة بآداب القاهرة. وبعد تعييني بدأت علاقتي بعثمان لطفي تتوثق إلي أن فوجئت به يستقبلني في يوم من الايام ضاحكا وهو يقدم لي الخطاب إياه الذي كنت قد بعثته إليه. كانت مفاجأة سعيدة للغاية وكنا دائما نتندر بها ومازلت أذكرها حتي اليوم. رحم الله الأستاذ والصديق عثمان لطفي. و»إنا لله وإنا إليه راجعون«