وللتذكر ددنا السؤال الاول في استراتيجتنا البحثية في البحث في الوائق التي تأسر الصراع الاجتماعي العام من اقامة اتصال مدني فعال بين الدولة والمجتمع.. وللإجابة علي هذا السؤال صممنا ثلاث مجموعات من المتغيرات يتم الاستعلام عنهم، اولها مرتبطة بثقل التاريخ علي حياة الافراد والجماعات، وثانيها مرتبطة بحجم القوي المحافظة الساندة للنظام السياسي والتي تعطي له سمت الاستقرار والاستمرارية، وثالثها مرتبطة بقدرة العمليات السياسية الحالية علي تفادي الاجبار علي التغيير الشامل غير المرغوب. ووصلنا إلي تحديد بحجم القوي المحافظة الساندة للنظام السياسي والتي تعطي له سمت الاستقرار والاستمرارية إلي القول بأن هناك بنية علمانية مستمرة في تونس وان هذه البنية تغيرت من منهج العلمانية المتشددة الي العلمانية المتسامحة علي يد الرئيس بن علي. وظهر اثر ذلك في تغير المؤشرات الجغرافية الاقتصادية التي تشكل جوهر المؤشرات الاجتماعية الطبقية في التوجهات التالية: اولا: تغيرت الخصائص الديمغرافية تغيرا واضحا فتونس علي مشارف المرحلة الديمغرافية العصرية حيث مكنت السياسة السكانية من تحقيق نتائج مهمة حيث انخفضت معدلات الخصوبة إلي 20.2 طفل للمرأة الواحدة سنة 4002 وتراجع نسبة النمو الطبيعي الي 80.1٪ سنة 4002، تغيرت ملامح التركيبة العمرية وتراجع الفتوة السكانية حيث تمثل الفئة العمرية من 0 إلي 71 سنة 7.62٪ من مجموع السكان سنة 4002 في المقابل ارتفعت نسبة الشيوخ فوق 06 سنة إلي 3.9٪ من مجموع السكان يبرز التفاوت واضحا في توزيع السكان بين الاقاليم 5002 كالتالي: بالالف نسمة: تونس الكبري 9.5822، الشمال الشرقي 9.3863، الشمال الغربي 8.3121، الساحل 5.6722، الوسط الغربي 3.1631، الجنوب الغربي 8.865، الجنوب الشرقي 729 ثانيا: تواصلت حركة التحضر حيث ارتفعت نسبة التحضر بصفة ملحوظة وتواصلت هيمنة العاصمة علي النظام الحضري وبروز قطب الساحل كأهم الاقطاب المنافسة.. ثالثا: تطور المجتمع والدولة التونسيين كمعبر عن نمو واتساع وهيمنة الطبقة الوسطي المستمرة بمختلف تجلياتها، هذه الطبقة الوسطي وتفاعلاتها ولدت هوية المؤشر الثالث والمتمثل في قدرة العمليات السياسية الحالية علي تفادي الاجبار علي التغيير الشامل غير المرغوب. وظهر ذلك في نتائج انتخابات نقيب المحامين نوفمبر 0102، حيث لم يحصل مرشحو ما يسمي بخلية المحامين التجمعيين، التابعة للحزب الحاكم، علي الحد الأدني من الاصوات خلال الدورة الاولي، وهو ما افضي إلي صعود المحامي عبدالرزاق الكيلاني المعروف باستقلاليته ومواقفه الناقدة وعلاقاته الجيدة بأوساط المجتمع المدني. علما ان اليساريين والاسلاميين يشكلون الكتلتين الرئيسيتين في تغيير موازين القوي داخل هياكل المحامين، خاصة بعد تراجع تأثير القوميين طيلة السنوات الأخيرة منذ تولي البشير الصيد منصب النقيب للمرة الثانية علي التوالي، وهو المعروف بميوله إلي الناصرية. الامر الذي يقترح بزوغ تعددية سلمية ونشطة من داخل النظام ربما لم تعرفها تونس طوال تاريخها المعاصر.. بعبارة أخري نلاحظ ان الاتصال المدني الفعال جاء نتيجة النمو المتواصل للطبقة الوسطي ناحية الاحتواء السياسي والتسامح المدني للقوي المدنية مع استمرار منهج التشدد في مواجهة المتطرفين الأصوليين.. نتحول إلي السؤال الثاني في استراتيجيتنا البحثية ونواصل التحليل.