جمال الغىطانى بخروج المشير طنطاوي من الخدمة يكون آخر ضابط مصري حارب في اكتوبر قد تقاعد، اول من انتبه الي ذلك اسرائيل، الفريق الأول السيسي يمثل جيلا جديدا من القادة، حرب اكتوبر بالنسبة إليهم مرتكز ومعلم وذاكرة، ما يعنيني كمواطن مصري الحفاظ علي موقع الجيش في الذاكرة الوطنية، وهنا يجب إشارة واجبة إلي وطنية الجيش المصري منذ مينا موحد القطرين اما الحفاظ عليه وتسليحه وتدريبه فتلك مهمة قادته ورجاله المحترفين، مؤسس الدولة، لم يكن جيش غزو وعدوان، انما مدافع عن أول حضارة، ويوجد متحف جميل في القلعة، مهجور للأسف، مهمل من المدارس والجامعات، فيه وثائق الجيش ومراحله بكل تفاصيلها، انه أقدم جيوش العالم ويبدو اننا ننسي البديهيات، احتفظ قادة الجيش بتقاليد عميقة فلم تخرج طلقة واحدة خلال الثورة في اتجاه الشعب، ولكن الملاحظ حالة التعتيم التي فرضت علي رموز الجيش، وقادته وابطاله، بل ضرب سور حوله خلال الاربعين عاما الاخيرة حتي بدا كيانا بعيدا، نائيا، تحيطه الاقاويل والشائعات اكثر مما يجب ان يكون عليه، مصدرا للفخر وللعبر، أراد النظام السابق اقصاء الجيش عن السياسة فأقصاه عن الروح الي حين، أقول الي حين لأن ذلك مستحيل فهذا الجيش من الشعب والشعب منه، يبدو أن تهتك الذاكرة الوطنية استفز مجموعة من الشباب الذين ولدوا جميعا بعد اكتوبر، أول من نبهني إليهم ابني، انشأوا موقعا علي الانترنت باسم »مؤرخو 37« واتجهوا الي الضباط والجنود، وعبر لقاءات استغرقت مئات الساعات، قاموا بتسجيلات مهمة، واصدروا أول كتاب ورقي يضم شهادات ثمينة للطيارين المصريين الذين حاربوا، وأقدموا علي انتاج فيلم وثائقي مدته ساعتان وضعوا فيه كل ما ادخروه تكلف اربعمائة وسبعين ألف جنيه، راجعوه بواسطة ادارة الجيش المختصة، ولكن بدأت المأساة عندما عرضوه علي جميع المحطات الفضائية فرفضوا دفع مليم واحد من التكاليف، اما ادارة الشئون المعنوية فرفضت دعم الفيلم وطلبته بدون مقابل، هؤلاء الشباب منهم الطبيب والمهندس والصحفي، بدأوا عملا جميلا رائعا، وقد خصصت لهم يوما ثابتا في الشهر لتقديم تجاربهم ونتائج عملهم في مكتبة القاهرة، لكن وطنيتهم لا تعني توافر الخبرة لديهم، بسوق المحطات الفضائية ودخائلها، لذلك اتوجه الي وزير الدفاع مرة أخري مطالبا بدعم جهود هؤلاء الشباب وما قاموا به، متمنيا عرض الفيلم الذي انتجوه- وقد اتيح لي رؤيته وانه لعمل رائع ليس فقط في المحطات الفضائية ولكن في النوادي والمدارس والجامعات، حتي لانصاب بالزهايمر الوطني، الجيش يجب ان يمثل في الذاكرة، تراثه تراثنا، وابطاله منا، وأن ننساه او نعتم عليه فهذا يعني اننا جسد مخلي من روحه!!