مركز توثيق التراث.. نشأ كحلم جميل لتزاوج تكنولوجيا العصر والتراث المصري.. هذا المركز كان من الممكن أن يصبح منارة للثقافة والآثار والتراث ليس في مصر وحدها بل علي مستوي العالم.. لكن ثورة يناير كشفت النقاب عن جوانب الفساد.. وهذا المركز لم يسلم من البلاغات التي قدمت للنائب العام ضد مديره السابق الدكتور فتحي صالح .. وأيضا لم يسلم من الشائعات والقيل والقال. وكانت الشائعة الأولي أن هذا المركز نشأ بقرار جمهوري بعيداً عن هيئة الآثار ووزارة الثقافة لينفرد به فتحي صالح بدعم كامل من تلميذه أحمد نظيف سنة 2001 . هذا المركز لايزال يحظي بدعم وزارة الاتصالات ويعتبر جزءا من مكتبة الإسكندرية وهو بمثابة سلة لتجميع المشروعات المدعمة من الاتحاد الأوروبي والمنظمات الدولية في مجال الثقافة والتراث الطبيعي والحضاري. هناك إصرار علي إخفاء الميزانية الحقيقية للمركز بحجة انها جهة حكومية. لم تكن الميزانية فقط من هذه المشاريع الأوروبية ولكن المركز كانت له ميزانية ثابتة من مكتبة الإسكندرية ووزارة الاتصالات.. فما حكاية الأموال الطائلة التي كانت تنفق علي هذه العزبة المكونة من الأقارب والأصدقاء.. وهل يخضع المركز لمراقبة الجهاز المركزي للمحاسبات؟ وهل يعلم الحهاز المركزي للمحاسبات كم إهدار المال الذي حدث بمشروع ذاكرة العالم العربي بالتعاون مع مكتبة الإسكندرية ووزارة الاتصالات؟ وما قصة هذا المركز وإصداراته؟ أمام هذه الشائعات كان لابد من مواجهة د.فتحي صالح مدير المركز في هذا الحوار.. ❊❊ في البداية كان موعدي مع الدكتور فتحي صالح في مركز توثيق التراث الحضاري والطبيعي بالقرية الذكية وبصراحة شديدة مركز التراث أري انه مفخرة مصر فيه من التكنولوجيا وتزاوجها مع تراث مصر الفرعوني والإسلامي والقبطي ما يجعلني أشعر بالفخر أمام ما شاهدته، هناك وسائل تكنولوجيا متقدمة تنقلت من قاعة لأخري وأبحرت في تاريخ مصر القديم والفرعوني.. كل تراث مصر بأنواعه هناك. داخل جدران المركز تحيط به أسوار القرية الذكية ولكن للأسف رغم مرور اكثر من عشر سنوات علي تسجيل تراث مصر إلا أن هذا المركز لايعلم عنه الكثير من المصريين. - بادرني الدكتور فتحي صالح بأن هذا المركز من أحسن المراكز في العالم لتوثيق التراث خصوصا فكرة المركز التي قامت علي أن يكون مركزا شاملا واستطعنا أن نحصل علي دعاية عالمية لذلك حصلناعلي مشاريع كثيرة وهي منح من الاتحاد الأوروبي وصل عددها إلي 15 مشروعا وهناك مشروعات انتهت وأخري مازلت قائمة مؤكدا أن مركز توثيق التراث أكثر هيئة لديها مشاريع بسبب الاتحاد الأوروبي لأننا أصبح لنا وزن عنده. ❊❊ عندما أنشئ المركز لماذا لم يتبع وزارة الثقافة او المجلس الاعلي للآثار في ذلك الوقت بسبب تخصصاته في توثيق التراث واصبح يتبع وزارة الاتصالات؟ فكرة المركز بدأت عام 1990 حيث كنت أعمل وقتذاك رئيسا لقسم هندسة الحاسبات وكان لديّ ميول واهتمام خاص بالثقافة وعندما كنت سفير مصر في اليونسكو وجدت أن الفرنسيين لديهم اهتمام بمصر وعندما عدت إلي مصر قررت تنفيذ فكرة توثيق التراث خاصة في حضارة مصر القديمة. وفي مركز المعلومات بمجلس الوزراء أنشأوا كيانا لعمل قواعد بيانات للبلد وكان يشرف علي مركز المعلومات د.هشام الشريف وبالفعل أنشأنا وحدة في مركز المعلومات بمجلس الوزراء لعمل تجارب توثيق التراث وبدأنا بالمتحف المصري وبعض المخطوطات والموسيقي العربية. عندما جاء د. عاطف عبيد رئيسا للوزراء أنشأ وزارة الاتصالات وعين د. أحمد نظيف وزيرا لها وعندما قابلت عبيد شرحت له الفكرة وقلت له إن هذا المشروع فكرته قومية لأنه يهم مصر كلها وهذا النوع من المراكز المفروض أن يتبع رئيس الجمهورية وكانت وزارة الاتصالات امتدت لمركز المعلومات في مجلس الوزراء وطلب من أحمد نظيف أن أستأذن فاروق حسني لاقامة هذا المركز وسوف نتعاون مع وزارة الثقافة وفعلا استأذنت فاروق حسني . يضيف صالح: في عام 2000 أنشأنا وحدة صغيرة في وزارة الاتصالات أطلقنا عليها (مشروع توثيق التراث) وفي عام 2002 عقد د.إسماعيل سراج الدين اول اجتماع لمجلس امناء مكتبة الإسكندرية وطلب مني عمل عرض أمام مجلس الأمناء ليشاهدوا افكاري وعلاقتها بالتكنولوجيا وفعلا اندهش كل الموجودين وكان هناك قرار صادر من مكتبة الإسكندرية بإنشاء 6 مراكز بحثية في ذلك الوقت صدر قرار جمهوري بأن تستمر وزارة الاتصالات في دعم هذا المركز ماديا وتكنولوجيا واهتم المركز بتراث مصر الحضاري والثقافة والسياحة. ❊❊ ولكن يتردد أن المركز يفتقر إلي المتخصصين في تراث مصر الحضاري والفرعوني ؟ عندما انشأنا المركز أنشأنا مجلس إدارة مكونا من 9 أفراد ثلاثة ممثلون من الوزارات المعنية: الاتصالات والثقافة والبيئة وخمس شخصيات عامة لهم علاقة بالتراث ويتم تغييرهم كل عام ويرأس مجلس الإدارة مدير مكتبة الإسكندرية أيضا وقعنا برتوكول تعاون مع هيئة الآثار ووزارة البيئة ❊❊ عندما استأذنت فاروق حسني وزير الثقافة الأسبق لإنشاء المركز ماذا كان رد فعله؟ فاروق حسني لم يعترض علي مركز توثيق التراث ولكن عندما افتتحت مكتبة الإسكندرية اعترض لأنه من المفروض أن مكتبة الإسكندرية تتبع وزارة الثقافة وأنا كنت عضو مجلس إدارة في المجلس الأعلي للآثار ❊❊ هل يخضع مركز توثيق التراث إلي جهات رقابية والجهاز المركزي للمحاسبات ؟ المركز جزء من مكتبة الإسكندرية وبالتالي المكتبة تخضع للجهات الرقابية وايضا للجهاز المركزي للمحاسبات. ❊❊ يقال إن المركز أنشيء من أجل أبناء أصدقاء فتحي صالح وأقارب أحمد نظيف وهايدي راسخ وأدهم نديم وإسماعيل سراج الدين عينوا من أجل الرواتب الفلكية وليس لتفعيل هذه المشاريع البناءة؟ سؤال جميل ولكن الذي لايعرفه أحد أن هناك قانونا في مكتبة الإسكندرية يمنع تعيين الأقرباء حتي الدرجة الرابعة وعلي سبيل المثال الدكتورة إجلال بهجت لم تعين علي أساس أنها زوجة د. عليّ الدين هلال لكن هي شخصية فعالة في مركز معلومات مجلس الوزراء خصوصا في أرشفة المعلومات وعندما استلم المركز بعض العاملين انتقلوا إلي مركز التراث ومن ضمنهم إجلال بهجت . ❊❊ ما حقيقة إنك شريك في شركة الكسندرينا التي تأخذ الأعمال بالأمر المباشر من مكتبة الإسكندرية ؟ 96 في المائة من رأس مال الشركة لمكتبة الإسكندرية و6 في المائة يملكها ثلاثة أشخاص ولكي تؤسس شركة مساهمة لابد أن يكون لها أربعة أشخاص ورأس المال 60 ألف جنيه .. فأنا لست شريكا في شركة الكسندرينا ولكنني رئيس مجلس ادارة الشركة ولم أتقاض مليما واحدا منها وقد انشئت الشركة لكي تقوم بالأعمال التجارية لمكتبة الإسكندرية . ❊❊ لكن يتردد أن هذه الشركة تقوم بعملية غسيل لأموال المشاريع ؟ هذه الشركة تسوق للتعريف بحضارة مصر الفرعونية والاسلامية والقبطية وهذا جزء من الحملة للتعريف بمصر. ❊❊ ما قصة طارق الحضري المدير المالي الذي هرب بعد أن استولي علي المخصصات المالية بمشاريع الاتحاد الأوروبي؟ طارق الحضري اختير علي مدي تسع سنوات مديرا ماليا وكان ممتازا جدا، في السنة الأخيرة عند قيام الثورة كان هناك خلل مالي في المكتبة فاستغل الفرصة وفتح حسابا خاصا علي بنك (سي – آي بي ) باسمه رغم أن المكتبة لها حساب علي نفس البنك واستطاع أن يحصل علي أموال الآخرين وقدمنا بلاغا بكل الأموال التي صرفها ولم تصل إلي مستحقيها ❊❊ يتردد أن أفكار المركز سرقت من مشروع القاهرة الخديوية ومشروع خريطة مصر الأثرية بخلاف أقتباس أفلام تسجيلية لفنانين وبيعها للقنوات الفضائية باعتبارها أفكار المركز؟ المركز لم يقتبس أي أفكار وحينما قررنا إنتاج مجموعة من الأفلام القصيرة مدتها دقيقتان كانت عبارة عن أفلام ثقافية رائعة جدا ولكن لم يقم المركز باقتباس أفكار آخرين لينسبها لنفسه لأن هناك فريق عمل لكل فيلم . ❊❊ هناك اتهامات موجهة للمركز بأن من يعمل فيه لايتمتع بالتخصص المطلوب.. مارأيك؟ كل مجال في التراث المصري يعمل فيه متخصصون فمثلا في التراث القبطي يعمل الأب ماكسيموس الأنطوني علي دراية كاملة بالتاريخ القبطي وهو راهب في دير الأنبا انطونيوس بالبحر الأحمر أقدم دير في مصر . ❊❊ بخصوص مشروع ذاكرة العالم العربي لماذا لم توضح ميزانيته خصوصا أن هناك مرحلة ثانية للمشروع تحتاج نحو 3 ملايين دولار وكان مفترضا افتتاحها العام الماضي ؟ نحن لانضع ميزانيات المشروعات علي الموقع الإلكتروني للمشروع وهذا المشروع من أصعب المشاريع حيث إن عملنا كله يهتم بالتراث المصري ودورنا تنسيقي ولكن يرأس المشروع جامعة الدول العربية وهذا المشروع تمت الموافقة عليه من الجامعة العربية ومن مجلس الوزراء العرب. ونحن نشتغل علي تراث 22 دولة عربية ونطلب من كل دولة تراثها وأنشأنا موقع بوابة إلكترونية بشكل مبدئي وليس النهائي . ❊❊ لكن يقال إن الشركة الأجنبية تركت موضوع الذاكرة بسبب مشاكل مالية ؟ شركة (آي بي إم ) لم تنه عملها ولكن الشركة كلفت شركة أخري بعمل البوابة الإلكترونية وعموما هذا المشروع يعتمد علي أن كل دولة تنفق علي الجانب الخاص بها ❊❊ لماذا طلبتم اكثر من 3 ملايين دولار لتنفيذ المرحلةالثانية ؟ حتي الآن لم تتم الموافقة علي هذا الطلب . ❊❊ بخصوص مشاريع الاتحاد الأوربي هناك بلاغ ضدك وضد اسماعيل سراج الدين مدير مكتبة الإسكندرية أمام النائب العام بخصوص مشاريع المنحة الأوربية لتنمية جنوبسيناء ماحقيقة ذلك؟ هذا المشروع هو واحد من 51 مشروعا يقوم المركز بتفيذها مع الاتحادالأوروبي .. والمركز حصل علي أكبر عدد من المشاريع من الاتحاد الأوروبي في مصر وهو ما شهد به سفير الاتحاد الأوروبي في مصر . عند التقدم لأي مشروع يقوم فريق عمل بإعداد وثيقة المشروع وليس بالضرورة أن يكون فريق عمل الوثيقة هو الذي يقوم بإدارة المشروع بعد قبوله . بالنسبة لهذا المشروع فقد اشتركت السيدة مونيكا وكانت علي قوة المركز في إعداد وثيقة المشروع وفي النهاية عندما قبل المشروع تم توقيع العقد بين الاتحاد الأوروبي ومدير المركز.بعد توقيع العقد حصلت السيدة مونيكا علي منحة لإيطاليا واستقالت من المركز . وعندما طلبت السيدة مونيكا أن تكون مديرة المشروع أخبرناها بعدم جواز ذلك لعدم إقامتها في مصر وبرغم ذلك تم تعيينها علي قوة المشروع بمكافأة شهرية. إن هذا المشروع تتم مراجعته من جهة رقابية للاتحاد الأوروبي. وبالنسبة لما ذكر بشأن التدريب فقد فاقت انجازات المركز بكثير فقد كان التعاقد ينص علي تدريب 01من البدو ولكن تم تدريب 02 من البدو و8 شباب و03 طفلا . أما بالنسبة للاعتراض علي تدريب مفتشي الاثار بواسطة مهندس وليس أثريا لأن مفتشي الآثار أعلم بشئونهم الأثرية ولكن التدريب كان علي استخدام التكنولوجيا في أعمال المسح الأثري وهذا لا يقوم به إلا مهندس. وبالنسبة لمركز الزوار فإنه كان هناك بند في المشروع بإنشاء المركز ولكن عند التنفيذ وجدنا صعوبات كثيرة من ناحية الإجراءات الحكومية لتخصيص الأرض أو من ناحية التقديرات المالية المطلوبة لتنفيذها وبعد المرور بقصص طويلة ليس مجال سردها هنا تم تخصيص الأرض علي ألا تكون بالمجان كما كان مخططا فتم إقناع مكتبة الإسكندرية بتحمل ثمن الأرض من خارج ميزانية المشروع وبالتالي أصبحت مكتبة الإسكندرية هي المالكة للأرض . أما بخصوص أنها تتحدث عن وقائع فساد مالي وإداري فهذا لايليق حيث إنها كانت جزءا من فريق العمل طوال مدة المشروع وجميع الشئون المالية والادارية كانت تحت مراقبة دقيقة من وحدة الاتحاد الأوروبي المسئولة عن المشروع وكل الاموال كانت تصرف باعتماد وتصديق منهم وطبقا لبنود العقد المالية والإدارية .