جمال الشرقاوى هذه ثالث مرة أكتب هذا النداء منذ عام 5002، وطبعا لم يسمع ندايا أحد في المرتين السابقتين..فما نصيب النداء الثالث؟ فلكل دولة في العالم رغيف خبزها المميز، الذي صار كعلمها وسلامها الوطني.. نعم، أليس هو ما يأكله شعبها؟ وكان لمصر الحديثة رغيف خبزها البلدي، بمعني الوطني، تمييزا لرغيف جيرانها الشرقيين: »الشامي«، ولرغيف الأجانب المقيمين فيها، الفينو. وكان رغيف مصر البلدي/ الوطني حسن الشكل، مستديرا، متوسط القطر، متنوع الإنضاج - الطري، والمفقع، والمجفف- زكي الرائحة، لذيذ الطعم، غني بالبروتين والحديد. وكان هو »النعمة« التي يحلف عليها المصريون، الذي يتواجد علي موائدهم و»طبلياتهم«.. بجميع طبقاتهم: »البشوات، والموظفين، والصنايعية. وظل رغيفنا البلدي، الوطني في مكانته العالية، وبجودته المعهودة. فقط ظل يرتفع سعره، بعد الحرب العالمية الثانية، تدريجيا، من خمس مليمات، إلي أن توقف عند الخمسة قروش. حتي حط علينا حكم الرأسمالية الطفيلية الشهيرة ب »رجال الاعمال«. الذي أهدر كل ملمح وطني من ملامح مصر الخالدة. وكان نصيب رغيفنا أن صار اسمه الرغيف »المدعوم«. ومنذ التصقت هذه الصفة الملعونة به، صار رغيف الغلابة... الفقراء، ورغم أنه، بدعمه، صار مصدر ثراء فاحش للصوص قوت الشعب، فقد ساءت حالته، حتي تشارك في أكله الفقراء والحيوانات! وانتهت وعود كل المسئولين منذ عام 0002 حتي الان بتحسين الرغيف »المدعوم« إلي لا شيء. ولم يستطيعوا رفع سعره، لأنهم يعلمون أن 79٪ من المصريين، أي غالبيتهم الساحقة، يعتمدون عليه، وليس تقاتلهم، بل واستشهاد العشرات منهم أمام المخابز حبا في رياضة المصارعة، وإنما لاضطرارهم، وعدم قدرتهم علي أكل رغيف عيش - هو الغذاء الوحيد للكثيرين منهم - بأكثر من الخمسة قروش.. وبالكاد.. وتحايلا لرفع السعر، بدعوي تخفيض الدعم، الذي يذهب لغير مستحقيه.. مع أن دعم الرغيف هو أقل بند في قائمة الدعم، حتي مع دعم الموارد التموينية »الغذائية«.. وأنه الدعم الوحيد الذي يذهب لمستحقيه.. فمن ذا القادر الذي يمرمط نفسه، ويذل، من أجل هذا الرغيف التعيس!؟ وإدعاء بتحسين ولو جزء من كمية العيش المدعوم، بتخصيص جزء ضئيل من المخابز لانتاج خبر محسن، الرغيف بعشرة قروش. هكذا يعلن وزير التموين الحالي، ونسمع أن رئيس الحكومة الحالي سيشاهد بنفسه التجربة، وكأنهما سيفتحان عكا بتاعة العيش!.. وينسي أبو زيد محمد أبو زيد، التمويني المخضرم، أن ذلك حدث أيام الدكتور علي المصيلحي، وأن الرغيف المحسن المزعوم، أبو عشرة قروش لا يزال موجودا في السوق، وهو »مسخوط« ورديء وخال من جميع المواصفات المقررة، بقرار وزاري رسمي، للرغيف البلدي أبو خمسة قروش! القضية يا حكومات بعد ثورة عظيمة، كان شعارها »عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية.. كرامة انسانية« ليست في تحسين -حتي لو حدث- بضع ملايين الأرغفة من 522 الي 052 مليون رغيف يأكلها المصريون يوميا.. وإنما التحسين الحقيقي لكل خبز الشعب.. ليصبح الرغيف الذي يأكله آدميا، يليق بكرامته الانسانية.. وبالسعر الذي يقدر عليه 79٪ من المواطنين، حتي تتغير الاحوال، ويرتفع مستوي معيشة عموم المصريين. فالمصريون لا يستحقون استمرار ما فعله بهم النظام الساقط.. وما ينبغي. وللمرة الثالثة: رغيف بلدي/ وطني.. يليق بمصر.