سعىد إسماعىل »عيش«.. »حرية«.. »عدالة اجتماعية«.. كلمات قليلة وبسيطة، لكنها زلزلت الأرض تحت عرش نظام حكم استقر علي مدي ثلاثين عاما، وكان لها وهي تنطلق من حناجر الثوار الذين خرجوا في الخامس والعشرين من يناير قبل الماضي، صدي كبير وعظيم، أدخل الرعب في قلوب العتاة الذين احترفوا مص دماء شعب مصر المطحون لسنوات، فانهاروا وسقطوا في أيام معدودات.. انهار النظام وسقطت كل رموزه، لكن الثورة تاهت، ثم ضاعت، ثم تفرق الثوار وتشرذموا في جماعات لا حول لها ولا قوة، ولا تأثير، ولا طعم.. وقفز الانتهازيون إلي الساحة، وانتشر المرتزقة في ربوع البلاد.. وظهرت زعامات ورقية، وتعددت الائتلافات، والحركات، وانشغلت كل فئة بالبحث عن وسائل تحقق لها طموحاتها.. وعرفت مصر لأول مرة في تاريخها الاعتصامات الفئوية، والمظاهرات النوعية.. وتطايرت زجاجات المولوتوف لتحرق، وانطلقت الحجارة لتحطم وتدمر، وعمت الفوضي، والسرقات بالإكراه، وتحولت الميادين إلي أسواق بضاعتها الحشيش والهيروين، والبانجو، والبرشام المخدر، والدعارة.. الثورة قامت من أجل العيش.. فأين هو العيش؟.. ومن أجل الحرية فأصبح المصريون أسري البلطجية يحتمون في بيوتهم من المغرب كالفراخ!! ومن أجل العدالة الاجتماعية، فعم الفقر بعد الزيادات الرهيبة في أسعار السلع الغذائية الضرورية، والكهرباء والماء وبيع البنزين والسولار والبوتاجاز في السوق السوداء بأسعار خيالية!! أشعر بالحزن والأسي عندما أذهب إلي ميدان التحرير واشاهد الحالة المزرية التي آل إليها.. الثوار اختفوا وحل محلهم اللصوص والنشالون، والصيّع وقطاع الطرق، وأطفال الشوارع.. يا ميت خسارة.. ويا ألف حسرة علي العيش.. والحرية.. والعدالة الاجتماعية التي أضحت سرابا!!