لا يختلف اثنان الآن علي أن ميدان التحرير، الذي شهد مولد ثورة الخامس والعشرين من يناير العظيمة، وسالت علي أرضه دماء طاهرة لشهداء ضحوا بأرواحهم الغالية لكي يستعيد شعب مصر، المغلوب علي أمره، كرامته وحريته.. قد تحول بالتدريج الي ملتقي تسلل اليه المأجورون، والمرتزقة، والمنافقون.. ثم أصبح مأوي لتشكيلات من الصيّع، والنشالين، والحرامية، والقوادين، ومروجي البرشام المخدر والبانجو والحشيش!! ميدان التحرير أصبح مقسما الي مناطق نفوذ، تتصارع عليها كل تلك التشكيلات بالعصي، والخناجر، والمطاوي، والسكاكين.. كل يوم خناقات ومعارك تسفر عن اصابات، وتكسير لواجهات المحلات، وتعطيل لحركة المرور.. ورغم خلو الميدان وتقريبا من المعتصمين الذين ينتمون الي بعض الاحزاب والحركات. إلا ان أطفال الشوارع، والباعة الجائلين لا يزالون مستمرين في احتلال بعض أجزاء من الميدان، ومستمرين أيضا في الخناقات والاشتباكات التي تؤدي في كثير من الأحيان الي اصابة بعض المارة، وبعض سكان منطقة وسط القاهرة الذين يضطرون الي المرور في الميدان. والغريب ان رجال الأمن لا يزالون غير متواجدين في الميدان، ولا أعرف لماذا؟ وقد حدث منذ أيام ان شابا كان يقود سيارته، عندما استوقفه ثلاثة أشخاص طلب منه أحدهم رخصتي القيادة والسيارة ثم طلب منه ساعته وما معه من نقود فخضع مكرها.. ثم طلب منه الموبايل فأعطاه له.. ثم أمره بالنزول من السيارة، فما كان من الشاب إلا ان انطلق بالسيارة كالمجنون من شدة خوفه، ولم يتوقف إلا أمام قسم شرطة قصر النيل.. وعندما روي كل ما حدث له أمام الضابط المتواجد داخل القسم.. هدأ الضابط من روعه، وقال له بمنتهي الهدوء، »احمد ربنا اللي جت علي قد الموبايل، والفلوس والساعة«!! لن تستقيم الأمور ويعود الأمن الي الشوارع والناس، إلا بتواجد رجال الشرطة، وقيامهم بأداء عملهم علي أكمل وجه، ودون خوف أو ارتعاش.. أما التذرع بالحرص علي السماح بحرية التظاهر والاعتصام، فلم يعد مقبولا ولا مستساغا.. بل ومرفوضا أيضا!!