السيد الغضبان في الواحد والثلاثين من مايو عام 4391 شهدت مصر حدثا بالغ الأهمية في مجال الاعلام. ففي هذا اليوم تسلمت الحكومة المصرية «الاذاعة المصرية» التي كانت خاضعة لسلطة الاحتلال الانجليزي وتديرها شركة ماركوني الانجليزية. ولأول مرة خاطبت الاذاعة المواطنين المصريين بندائها الذي يؤكد عودة الاذاعة الي الوطن تحت شعار «الاذاعة اللاسلكية للمملكة المصرية» واصبح لعبارة «هنا القاهرة» رنين خاص تطرب له أذان المواطنين المصريين. وعندما نحتفل هذه الايام «بعيد الاعلاميين» الذي اتخذ من يوم تمصير الاذاعة المصرية عيدا يحتفل به الاعلاميون في مختلف وسائل الاعلام. فان هذا الاحتفال يعبر في نفس الوقت عن ادراك الاعلاميين في مختلف وسائل الاعلام لمدي اهمية «الاعلام المسموع» وفي نفس الوقت فإن هذا الاختيار يعبر عن المكانة الخاصة «للاعلام المسموع» وتطوره الطبيعي واعني به «الاعلام المرئي»، هذه المكانة التي اكتسبتها هذه الوسائل الاعلامية «المسموعة والمرئية» لما تتمتع به من قوة تأثير هائلة علي الجمهور. والمؤسف ان «تاريخ» الاذاعة المصرية لم يلق الاهتمام اللائق بمكانته وتأثيره الخطير ليس فقط علي الصعيد الوطني في مصر بل علي الصعيد القومي العربي، حيث كان للاذاعة المصرية دور بالغ الاهمية في هذا المحيط العربي. فالاذاعة المصرية كانت الاسبق في المنطقة العربية، واعتبرها العرب «الاذاعة الام» التي امدت الاذاعات العربية في جميع البلاد العربية بالكوادر الفنية التي تألقت علي اثير الاذاعة المصرية. كما ان الاذاعة المصرية ساهمت بقوة في دعم الحركات الشعبية العربية التي قاومت الاستعمار البريطاني والفرنسي، بل ان حركات المقاومة الافريقية ضد الاحتلال الاجنبي وجدت في الاذاعة المصرية «البرامج الموجهة» العون القوي الذي ساند حركات المقاومة الافريقية وظلت آثار هذا الدور المصري حتي الآن باقية يذكرها بامتنان قادة المقاومة الافريقية وشعوبها التي حصلت علي الاستقلال بفضل مساندة مؤثرة لمصر عبر اثير اذاعتها. الاذاعة المصرية بهذا الدور التاريخي الخطير بالاضافة الي دورها الهام في «تطوير» الرسائل الاعلامية التي تبث علي اثير الاذاعة والاذاعة المصرية رغم هذا الدور الوطني والقومي المشهود، لم يحظ تاريخها، وجهود روادها الاوائل بما يستحق من اهتمام. بل ان كليات الاعلام في الجامعات المصرية لم تلتفت الي هذا التاريخ. وهذا تقصير «علمي» فادح ارجو ان تنتبه له كليات الاعلام في جميع الجامعات المصرية وان تضع تاريخ الاذاعة المصرية في مكان لائق مناهج دراستها. بمناسبة الاحتفال بعيد «الاذاعة والذي وهبته الاذاعة -كرما مها- لكل وسائل الاعلام ليكون عيدا للاعلاميين ارجو ان تنال هذه الدعوة لتسجيل امين لتاريخ الاذاعة المصرية ما يستحق من اهتمام.