أسامة عجاج تعرض الأخوان المسلمون للظلم مرتين."الأولي" ،وهم في المعارضة، كجماعة محجوبة عن الشرعية". والثانية"، عندما اقتربوا من السلطة ، عبر صناديق الانتخابات، بعد ثورة يناير. وكانوا احد صناعها، وحماتها في ساعات الخطر، يوم موقعة الجمل الشهيرة. وحسب التاريخ القريب، فقد دفعوا في البداية ثمنا باهظا، وفي كل الأزمنة، مع اختلاف طبيعتها. مئات الألوف من المعتقلين أيام الملك فاروق .عندما احتدم الصراع بين الجانبين ، في الأربعينيات من القرن الماضي، واختلفت الرؤي والمواقف. وكان الثمن، اغتيال مؤسس الجماعة الشيخ حسن البنا. وفي الحقبة الناصرية ، وصلت المواجهة إلي مستويات غير مسبوقة في 1954 .بعد اتهامهم بمحاولة اغتيال عبدالناصر، وفي محنة 1965 بعد الكشف عما أدعته الأجهزة في ذلك الوقت، انه مؤامرة لقلب نظام الحكم، وتكرر المشهد المأساوي باعتقال الألوف، وإعدام البعض. ومنهم هذه المرة احد من ابرز مفكري التنظيم الشهيد سيد قطب . ومارست الأجهزة الأمنية ،أٌقصي صنوف العذاب عليهم في السجون. واستمر الحال علي ماهو عليه بعد نكسة 67 حتي توفي الرئيس عبدا لناصر. وكانت تلك احد المآسي، التي وجهت بسبها انتقادات واسعة للتجربة. واعترف بها بعض المنصفين من الرموز الناصرية. وعندما تولي السادات الحكم، لم يدم شهر العسل بينهم طويلا. رغم أنهم استفادوا من أجواء التسامح . الذي أبداها السادات تجاههم، بعد الإفراج عنهم ، ورد اعتبارهم ، والسماح لهم بممارسة النشاط السياسي. دون أن يتم الموافقة لهم بعمل حزب. وبعد أن عارضوا اتفاقية كامب ديفيد، وجدوا أنفسهم مع قوي وطنية عديدة في سجونه ،في نهاية حكمه . وتدهورت أوضاعهم مع مبارك. الذي فلت من الموت بأعجوبة، في حادث المنصة الشهير في اكتوبر 81 . الذي قام به تنظيميا الجهاد والجماعة الإسلامية. وراح ضحيته السادات ، ولكن مبارك لم ينس تلك اللحظة الفارقة، بين الحياة والموت. دون أن يميز بين الإخوان والتنظيمات ألآخري. فكلهم من تيار الإسلام السياسي .وعاني الإخوان معاناة شديدة ، في حقبة مبارك . ونجح مبارك في استخدامهم كفزاعة للغرب لتثبيت حكمه. قد يكون ظاهرة ظلم الإخوان مفهومة. طوال الثمانين عاما الماضية. فهي تتعلق بنظم حكم، أتسمت بطابع ديكتاتوري، تسلطي، حملت كل سمات الدولة البوليسية . كما يمكن تبريره، في إطار الصراع السياسي ، بينها وبين جماعة الإخوان المسلمين، التي تحمل مشروعا بديلا، ومختلفا، و متناقضا. ونتوقف عند المرة الثانية، والجديدة، وهي بكل المقاييس الأقسي من الظلم، الذي يتعرض له الإخوان المسلمين، بعد أن خرجوا من مرحلة المعارضة، واقتربوا من الحكم، وتنفيذ برنامجهم لنهضة مصر. وخاضوا تجربة تشكيل حزب سياسي "الحرية والعدالة". ونجحوا في الفوز عبر انتخابات نزيهة، وشريفة، بالأكثرية في مجلسي الشعب والشوري، ويستعدون للمشاركة في مرحلة الإعادة ،في الانتخابات الرئاسية وصعوبة الحملة الجديدة، أنها تتم في ظل إعلام معاد، في أغلب الأحيان ،أو متحيز ضد الجماعة، ويتصيد أخطاءها، ويضخمها. والأمر لم يعد مقصورا علي الإعلام الرسمي . والذي لم يتعاف من المرض الذي استشري داخله ، طوال الستين عاما الماضية. بمعادة الإخوان لصالح تنظيمات الثورة في الحقبة الناصرية . وحزب الحكومة، سواء كان اسمه حزب مصر، أو الوطني، ودخل علي الخط في المرحلة الأخيرة. إعلام حزبي ،وآخر خاص، له أجندات ورؤي، تعبر عن مصالح من مجموعة رجال أعمال. راحوا يحصنون مصالحهم بالارتباط بالنظام السابق. وملكية وسائل إعلامية، تدافع عن تلك المصالح .وهو ما ظهر بوضوح خلال مرحلة ما بعد الثورة. ونجحوا في كسب المعركة ،خاصة وأنهم يملكون الإمكانيات التقنية، والمالية، والكوادر الإعلامية والسياسية . في ظل افتقاد جماعة الإخوان لكل ذلك. وفي المقدمة الكوادر ،والتي كانت ممنوعة من العمل ،في الإعلام الرسمي، أو الصحف القومية. و استطاعت الآلة الإعلامية الجبارة ، في التأثير، والسيطرة، ومحاصرة رجل الشارع العادي الذي يفتقد الوعي، والرؤية والخبرة، والحكم الصحيح وأصبح يردد كل المعلومات المغلوطة. ويتبني المواقف المعادية. ومعظمها غير صحيح ،ويمكن الرد عليها، ومناقشتها بالحجة. ونستطيع الوقوف عند عشرات الأمثلة ،من ذلك فكرة "التكويش" .وهي مناقضة لكل الأعراف الديمقراطية . بالإضافة إلي الترويج لاتهام مجلس الشعب بعدم الاهتمام بقضايا المصريين الحيوية .دون أن يتوقف احد للتأكيد ،علي أن المجلس لايخص الإخوان وحدهم ،ونسبتهم 40٪ من الأعضاء. فماذا عن النسبة الباقية. كما أن تقرير انجازات المجلس خلال مائة يوم، موجودة وبالتفاصيل أمام الإعلام. الذي أهمله فهو يتناقض مع الخط العام والمعادي للإخوان .وهناك المقترح الذي يتسم بالخبث الشديد ،من قبيل ضرورة تنازل الدكتور محمد مرسي لحمدين صباحي. وكأننا أمام جمعية للموظفين . ونبحث عمن يقبضها الأول ،وكان الهدف واضحا ، من رفض حزب الحرية والعدالة. وهو أمر بديهي. وهنا الاتهام جاهز، أنهم غير جادين، في تحقيق أهداف الثورة. ظلم السلطة للإخوان مفهوم، ومقبول. ولكنه عندما يأتي من الشارع، والجماهير، يكون اشد ، واقسي، خاصة اذا غابت الأسباب، وانتفت المبررات.