اليوم يومك يا مصر.. ولادك يستعدون للمهمة الثقيلة.. مهمة الإختيار.. أختيار الرئيس.. الكل مشغول.. الكل حائرون.. يفكرون.. بابا أنا من يكون!! ولادك يا مصر.. يبحثون عن الأب الشرعي.. يريدون عقد الزواج الرسمي.. مصر كانت متزوجة عرفيا طوال ستين عاما.. تريد الآن استرداد حقها.. صداقها.. مهرها.. وبلدنا ع الترعة بتغسل شعرها!!. ولادك يا مصر.. ذاهبون الآن الي الصندوق.. صندوق الدنيا.. صندوق الإقتراع.. الصندوق الأسود.. ذاهبون الي المصير المحتوم.. ابنك المسافر والمهاجر والمطرود.. أدلي بصوته.. وإبنك الذليل.. اليتيم.. اللقيط.. هنا بين أحضانك. يريد خلاصك.. وخلاصه.. يريد الحرية.. ويريد لقمة عيش هنية.. شريفة.. نظيفة .. معجونة بعرق العافية.. والذمة والشرف والأمانة.. صوتك أمانة!!. ولادك يا مصر.. في انتظار حفل زفافك.. الحفل في الصباح الباكر.. الحفل ليلتان.. اليوم وغدا.. وغدا مجهول.. الكل ينتظر بكره.. وبعد بكرة.. بكرة في علم الغيب.. إنما دائما بنقول بكرة أحلي.. والنهاردة أحلي.. وليله أسود غطيس.. وعيونه في الوحلة!! ولادك يا مصر.. يقفون الان.. في انتظار الدخول.. لسه في كي.. جي.. ون.. معذرة أجهل الانجليزية إلا قليلا.. سوري.. الكل حائر.. خائر.. نافر.. عقله مسافر!. ولادك يا مصر.. لا يعرفون بعضهم البعض.. البدلة الانيقة الي جوار الجلباب.. حليق الذقن بجانب اللحية.. السافرة خلفها النقاب.. العلماني- الليبرالي.. الاسلامي.. الناصري.. الاخواني.. السلفي.. القبطي.. الكل يقف مبتسما. ابتسامه باهتة.. متجهمة.. متحفزة.. الكل ليس في واحد.. صالح وطالح.. عاطل وباطل.. طيب وخبيث.. شجاع وجبان.. البطن قلابه!!. ولادك يا مصر.. أمام الصندوق الآن.. خلف الستار.. صوت الضمير مات إلا قليلا.. صوت العقل ضاع.. هارب خلف الرؤوس.. حبوب الشجاعة.. مازالت خائفة.. مترددة.. متوجسة.. لم تتعلم من تجارب الاخرين.. ماشيين عكس الاتجاه.. كل واحد حاملا صوته في عقله.. ومرشحه في جيبه.. وكل انسان حاملا طائره في عنقه.. عقلك في رأسك تعرف خلاصك.. هل جاء خلاصك الآن؟! أم أن الخروج الآمن في طي الكتمان؟! والعصمة مازالت في يد العسكر.. وفي يد أبانا النائم الآن في المركز الطبي.. ينتظر الزوغان.. بابا نايم الآن!. ولادك يا مصر.. مازالوا علي الاعتاب.. يا أمه القمر ع الباب.. قالوا في عز النهار.. عيش حرية عدالة إجتماعية.. ثورة يناير ايقظتهم.. أعطتهم خارطة الطريق.. ولكنها لم تستمر طويلا.. يا فرحة ما تمت.. خدها الغراب وطار.. ولكن لسه ولادك متمسكين بالأمل.. بالحلم.. حلم الديمقراطية - صدقوني لن تأتي الآن - الوصول الي الجنة مفروش بالاشواك والأعمال الصالحة.. والنار طريقها مليء بالشهوات.. والملذات والسرقات. وقصور الدنيا والفيلات.. لتقول النار لربها في نهاية المطاف هل من مزيد!!.. ولادك يا مصر.. يعيشون في صمت رهيب.. ولكن لا يخلو الصمت من الهمس.. واللمس.. والآهات.. والنظرات.. والرنات.. ورسائل قصيرة.. والكل في انتظار العريس.. عريس الغفلة.. العريس راحة يومين.. يقوم الآن بعمل شاور.. مساج.. تدليك جاكوزي.. عريس الليلة وكل ليلة.. يريد العصمة في إيده.. واصحاب المقام الرفيع يعدونه بذلك.. وعد الحر دين عليه.. العقد شريعة المتعاقدين.. الشهود موجودون.. الزيطة والزمبليظة في الصالون.. عفوا في الشارع!!. ولادك يا مصر.. لم يتعلموا الدرس.. درس الديمقراطية. لم يقرؤوا التاريخ.. لم يعملوا بحكمة الفيلسوف الالماني جيته »كن رجلا ولا تتبع خطواتي« ابدأ بنفسك.. منكم يولي عليكم.. الله يراقبك الآن.. استفت قلبك.. الله يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.. الصدور مليئة بالأسرار.. والألسنة مليئة بالاكاذيب.. تعلم يا صديقي من الغراب الذي واري سوأة اخيه.. اقرأ. شاور.. حاور.. حتي تصل الي نهاية المطاف.. هدانا الله وإياكم إلي اختيار العريس!!.