ظلت دولة الكويت الشقيقة واحة للحرية والديمقراطية في كل منطقة الخليج لسنوات طويلة. ومن المظاهر الايجابية لهذا المناخ.. تمتع الصحافة بحرية واسعة وهو ما اشاع شعورا عاما بالاستقرار والتسامح بين كل عناصر هذا المجتمع. وقد جاء غزو صدام غير المبرر لهذا البلد العربي ليدفع به وبشعبه إلي غياهب محنة مظلمة وظالمة وشاء الله ان تنقشع هذه الغمة التي تمثل نقطة سوداء في التاريخ العربي والاسلامي بعملية عسكرية استعاد به هذا البلد سيادته وكيانه الذي استهدف الغزو الصدامي طمسه وتصفيته. كان من الطبيعي مع عودة الحياة الطبيعية إلي أرجاء الوطن الكويتي بعد هذه الحقبة الفاسدة التي حمّلته خسائر فادحة في الأرواح والمال.. أن يعود الوئام السياسي والاجتماعي والديني بين فئات المجتمع لتعويض ما فات وتضافر كل الجهود من أجل مواصلة مسيرة العمل الوطني والقومي. ولكن ليس »كل ما يتمناه المرء يدركه« فقد امتدت الايدي الخفية التي خرجت من الجحر للعبث بأمن واستقرار كل دول الخليج لممارسة ألاعيبها ومنها الكويت الشقيق من خلال اثارة الفتنة الطائفية واشاعة احساس بالقلق السياسي. ليس خافيا ان يكون وراء ذلك عملاء الحرس الثوري الايراني الذي يعمل علي الافلات بالنظام الايراني من تداعيات الحصار والعقوبات الدولية المترتبة علي عدم التوصل إلي حل لمشكلة الملف النووي. هذه العناصر سبق ان صدرت إليها الأوامر بالتحرك في دولة البحرين لتحقيق هذا الهدف، نفس الشئ حدث في اليمن من خلال الحوثيين وشمل الحدود مع السعودية. وقد عمد النظام الايراني وبحكم الجوار والعلاقات وباستغلاله لبعض التوجهات العقائدية إلي استخدام هذه العناصر العميلة في عمليات غسيل الأموال وتحويلها لتمويل الاعمال المريبة تحسبا للقيود المفروضة علي المعاملات المالية الايرانية علي المستوي الدولي. هذا النشاط تم اكتشافه في شكل شبكات من كبار معتنقي المذهب الشيعي المقيمين في هذه الدول الخليجية الذين اختاروا خيانة الوطن الذي من المفروض انهم ينتمون إليه. في هذا الإطار تأتي احداث الفتنة التي يقف وراءها الشيعي العراقي الجنسية المدعو ياسر الحبيب والذي حصل علي الجنسية الكويتية وقام بارتكاب كل انواع الجرائم ناسيا ومتناسيا تعاليم ومبادئ الاسلام التي يدّعي تبنيه لها. لقد لجأت الحكومة الكويتية بكل الشجاعة إلي سحب هذه الجنسية من هذا الموتور نتيجة تطاوله علي السيدة عائشة زوجة النبي محمد عليه الصلاة والسلام. استندت حيثيات القرار الي قيامه بالعمل علي الاضرار بمصالح الدولة العليا وأمنها، وكان هذا الرجل الفتنة قد غادر الكويت في ظروف مريبة إلي لندن، وقد ارادت الحكومة الكويتية بهذا القرار ان يكون مؤشرا للداخل والخارج بانها سوف تتخذ كل الاجراءات اللازمة للحفاظ علي أمن واستقرار الكويت. ان ما يحدث من عملاء إيران في الخليج بشكل خاص والوطن العربي بشكل عام يؤكد ان هذا النظام تسيطر عليه نزعة الاطماع والهيمنة وهو الأمر الذي اصابه بالجنون. ان تحركاته المحمومة تظهر بصورة أعظم فيما يتعرض له العراق الجريح من تدخلات. ليس جديد القول بأن ما يحدث إنما هو نتيجة الغزو الامريكي للعراق الذي اعطاه صدام حسين الفرصة من خلال جريمة غزو الكويت. ولا يمكن بأي حال من الأحوال تبرئة الولاياتالمتحدة من السماح لايران بهذا الدور المخُرب الذي تقوم به سياسيا واجتماعيا واقتصاديا في المنطقة العربية.