» نحن جئنا من أجل معرفة مرشحكم في الانتخابات الرئاسية « .. كانت هذه العبارة التي كتبتها علي ورقة سلمتها ل " حسين عثمان " وهو الشخص الوحيد بين المجموعة الذي يعرف إلي حد ما القراءة والكتابة، هي الطريق لإزالة التوتر الذي بدا علي وجوههم ، حيث شعروا حينها أننا نهتم بوجودهم ونسعي لمعرفة آرائهم. العدالة الاجتماعية تبدلت ملامح الوجوه الرافضة إلي وجوه مرحبة بالحوار، الذي بدأته بسؤال: ما هي مطالبكم من الرئيس القادم؟ كان عثمان طوال الحوار هو حلقة الوصل بيني وبينهم، فهو يستقبل السؤال مني مكتوبا، ويترجمه لهم بلغة الإشارة، ثم يكتب لي إجابتهم. وبعد أن ترجم لهم سؤالي الأول، جاءتني الإجابات مجمعة علي مطالب ثورة يناير »عيش حرية عدالة اجتماعية « . وبسهولة كان يمكن استنتاج مطلب " العيش " من إشارتهم ، لكن الحرية والعدالة الاجتماعية ، هي التي احتاجت بعضا من الجهد بذله " عثمان " لتوصيلها لي مكتوبة. واستفاضت المجموعة في الحديث عن مطلب العدالة الاجتماعية، فبعد أن كتب لي " عثمان " المطالب الثلاثة، وضع خطا تحت هذا المطلب، الذي هو الأهم من وجهه نظرهم، وبدأ يستقبل انطباعات كل منهم عن هذا المطلب. وفي الوقت الذي انشغل فيه " عثمان " في استقبال انطباعاتهم لترجمتها لي، اخذت أتصفح وجوههم وهم يتحدثون معه بلغة الإشارة، وحينها أدركت ان " لغة الوجوه " أبلغ كثيرا من الكلام. عدم الرضا عن حال " العدالة الاجتماعية " في مصر بدا واضحا علي الوجوه . محمد عبد المنعم من منطقة عابدين بالقاهرة رأها غير متجسدة في التعامل معهم كمواطنين لهم حق المسكن مثل غيرهم . وبدا عبد المنعم متأثرا بعدم تخصيص نسبة لهم في مشروعات الإسكان الاجتماعي، مثل غيرهم من المواطنين. ونظر أحمد عبد الرحيم من منطقة الأزبكية للقضية من زواية أخري، وهي " الحق في العمل " ، وأبدي ضيقه من قصر بعض الأعمال علي الأسوياء، رغم وجود بعض منها ملائم لهم. أما محمود إسماعيل، فبدا متأثرا بالقضية الشهيرة التي رفعها الصم والبكم علي وزير العدل عندما امتنع بعض موظفي الشهر العقاري عن تحرير توكيلات منهم لتأييد بعض المرشحين، لا لشيء إلا لأنهم من الصم والبكم. وكانت كلمة الختام للوسيط " عثمان " الذي سجل اعتراضا علي حصر قضية " العدالة الاجتماعية" علي تحقيق قدر من العدالة بين الآثرياء والفقراء، وكتب مفسرا رؤيته بقوله: " العدالة ليست بين الفقير والغني فقط، لكن بين الشخص السليم والمعاق أيضا " . ليس لنا مرشح استغرقت الإجابة علي هذا السؤال ما يقرب من النصف ساعة بسبب صعوبة التواصل، فانتقلت منه إلي سؤال واضح ومباشر، لعلي أحصل علي إجابة سريعة تختصر بعضا من هذا الوقت. سألتهم : ومن هو المرشح الذي ترونه يحقق لكم هذه المطالب ؟ كتب عثمان قائلا: " إحنا زي الآخرين، ملناش مرشح محدد .. كل واحد فينا ليه مرشح بيفضله" . واستطرد: " انا بحب حمدين صباحي، عشان كلامه يشبه عبدالناصر، وقبل أن يكتب " عثمان " ما قاله " أحمد عبد الرحيم " ، عرفت ان اجابته مؤيدة لرؤيته، من خلال الابتسامة التي ارتسمت علي وجهه ، والتي أعقبها بعبارة " هو برضو بيأيد حمدين " التي كتبها بكل حماس. وعلي النقيض تماما ، جاءت إجابة "محمد عبد المنعم " محبذة خيار : " عمرو موسي " بعد أن ترجم له " عثمان " السؤال. واشترك عبد المنعم مع كثير من المواطنين الذين يرون موسي يتمتع ب " كاريزما الرئيس " ، ورغم أن هذه الصفة ليس لها علاقة بمطالبهم، إلا أنه أشار إلي "عثمان " لينقل لي قوله: " مفيش حاجة حتصل سواء لينا أو غيرنا، إلا لما يبقي عندنا رئيس عنده كاريزما عشان يقدر يأثر علي اللي بيشتغلوا معاه " . أما " محمود إسماعيل " فلم يحسم خياره حتي الآن، المهم يكون عندنا رئيس ينقذنا عشان ان خايف نبقي زي سوريا " . مش هينضحك علينا الخيارات التي حددها كل واحد منهم، لن يثنيه عنها أي محاولة، لأنهم " مش هينضحك عليهم " مثل كل مره .. هكذا أشاروا إلي " عثمان " لينقل لي هذه الرؤية. وأشاروا له لينقل لي قولهم - أيضا - : " إذا كان هناك من يطمع ان يحصل علي أصواتنا بوعود زائفة، فليوفر جهده، لأن أصواتنا خط أحمر ".