اشتعلت المعركة الانتخابية الرئاسية، بالرغم من الشكوك التي تحيط بموعد وإمكانية استكمالها، ومع ذلك دخل السادة المرشحون حلبة المصارعة الكلامية والخطابية، تماما مثلما دخلوا ملعب الوعود البراقة الذهبية، وصرنا نسمع من كل مرشح يتطلع لكرسي الرئاسة برامج وأفكارا لو تحقق نصفها أو حتي ربعها لصارت مصرنا جنة فيحاء وانتقلت فورا إلي مصاف الدول الكبري المتقدمة. والغريب والمثير للدهشة أن جميع السادة المرشحين لا يعرفون حتي الآن حدود مسئولياتهم وسلطاتهم لأن »لجنة صياغة الدستور«، ظلت تتخبط وتترنح بين البرلمان والأحزاب والمجلس الأعلي للقوات المسلحة حتي دخلت غير مأسوف عليها نفقا مظلما لا يعلم إلا الله متي وكيف تخرج منه. وقد كان من الطبيعي أن نتابع جميعا ما تشهده الساحة الانتخابية الملتهبة، خاصة أنها المرة الأولي التي تتاح لنا فيها فرصة اختيار رئيسنا بمحض إرادتنا وهذا ما لم يتحقق لنا علي مدار عشرات السنوات، وحتي لا تخدعنا الدعايات الصاخبة التي تحدت وحطمت رقم »العشرة ملايين جنيه«. كما حددته اللجنة العليا المصونة وحتي لا توقعنا طبيعتنا العاطفية المعروفة في مطب اختيار من يدغدغ مشاعرنا أو يغرينا بالوعود الوردية الكاذبة اسمح لنفسي بأن أوجه نصيحتي للسيد القادم.. رئيس »الجمهورية الثانية«، لعله يأتي في مستوي الآمال والطموحات التي بعثتها الثورة النبيلة صاحبة الحق في أن نعترف لها بالفضل في استعادتنا لحقنا في اختيار من يرأسنا. ومن هذا المنطلق أقول لك: 1 لا تعتمد كثيرا علي استطلاعات الرأي التي تهبط علينا كل يوم من الصحف والفضائيات والمراكز المعنية، لانها تفتقد الأسلوب العلمي المعروف في الخارج، كما انها قد تكون موجهة لصالح مرشح معين بحيث ترفع اسهمه لدي الناخبين، وتحبط غيره من المرشحين! 2 حاول أن تكون واقعيا في تصريحاتك ووعودك حتي تنال ثقة الناخبين. 3 كن مستعدا دائما للرد علي الحملات الهجومية التي ستتعرض لها من منافسيك وحاول أن تدحض وتفند أية اتهامات موجهه لك بهدوء وبلا عصبية! 4 ضع في اعتبارك أن من بين منافسيك من يستفيد من تنظيمات معروفة في القري والمدن، ولديها خبرة في استرضاء الفقراء والاميين بالكلام المعسول أو بتوزيع الأرز واللحم وأنابيب البوتاجاز! 5 ضع في اعتبارك أيضا أن من بين منافسيك من يسانده نواب الحزب الوطني وأعضاء المجالس المحلية إذ انهم يعتبرونها فرصتهم الأخيرة ليعودوا إلي الحياة السياسية ولو حتي بدون مظلة الحزب المنحل. 6 مع ذلك تأكد انه لا توجد كتلة تنظيمية صماء لا يخرج عنها أحد، لأن الوعي الذي خلقته الثورة خاصة لدي الشباب كفيل بتحكيم العقل والمنطق وعدم الانصياع للآخرين بأية دعاوي! 7 تذكر أن »ميدان التحرير« موجود للمتابعة والمحاسبة! 8 تذكر أن أجدادنا الفراعنة العظام وضعوا مواصفات يتعين أن يلتزم بها أي رئيس مثلما جاء علي لسان الاله أوزيرس في كتاب الموتي حيث يقول: لم أظلم الفقراء.. لم استبد بالعمال.. لم أهن أحدا.. لم أحرم الأطفال من اللبن.. لم أحرم الجوعي من الطعام.. لم اضطهد خصومي لم أحاب اصدقائي 9 تذكر ما يقوله الشاعر الكبير الدكتور أحمد تيمور علي لسان الشعب وذلك في قصيدته الطويلة »نريد رئيسا فحسب«، واقتطع منها هذه الأبيات: نريد رئيسا يراعي حقوق العباد ويرعي حدود البلاد ويبقي علي عهده مخلصا وأمين! نريد رئيسا فحسب.. رئيسا يحب ويعشق مصر التي لم تزل.. رغم أنف العدا درة العالمين نريد رئيسا له ولع الناس بالعدل في ثوبه الاجتماعي.. فهو بدولة اعتبار المواطن ركن ركين! نريد الذي يزرع الأرض قمحا فلا يتحكم في قوتنا أحد كائنا من يكون