إبراهيم سعده كان المنتظر أن يسبق إعداد الدستور الجديد الانتخابات التشريعية والانتخابات الرئاسية، لأن هذا هو الترتيب المنطقي والقانوني للأولويات. ولكن التيار الإسلامي الإخواني والسلفي نجح في إقناع المجلس الأعلي للقوات المسلحة بالبدء بالانتخابات التشريعية، مروراً علي الرئاسية، و وصولاً إلي إعداد الدستور. ونجحت مساعي هذا التيار في إقناع "العسكري" برأيها المرفوض من باقي التيارات الأخري التي نادت بترتيب الأوليات بدءاً بالدستور حتي يحدد الشعب مهام وسلطات واختصاصات نواب البرلمان ورئيس الجمهورية ليكونوا علي علم ودراية بحقوقهم و واجباتهم قبل الترشح، ويقسموا بعد فوزهم علي احترام الدستور والعمل بنصوصه والإلتزام بها. ولا حياة لمن تنادي. فقد تمت الانتخابات التشريعية وفازت التيارات الدينية بأغلبية مقاعد المجلسين، تمهيداً للأخذ بحقها في تشكيل الحكومة القادمة فور الانتهاء من الفترة الإنتقالية والدفع بمرشحيها الأصليين أو الاحتياطيين في معركة الانتخابات الرئاسية في شهر مايو القادم. ولسبب ما.. فاجأنا المجلس الأعلي منذ أيام بتغيير السيناريو الإخواني/السلفي والتعجيل بإعداد الدستور والاستفتاء عليه قبل انتخاب رئيس الجمهورية. حقيقة أن هذا التغيير جاء متأخراً جداً، خاصة أن اللجنة التأسيسية لإعداد الدستور لم تشكل حتي لحظة كتابة هذه السطور، وحتي لو شكلت بعد ساعة تالية أو غداً فمن الصعب جداً كما أكد فقهاء القانون الدستوري الانتهاء من كتابة الدستور وتمريره قبل انتخاب الرئيس خاصة مع تأكيد المجلس العسكري والتزامه بإجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها(..). وبالأمس.. سمعنا المهندس خيرت الشاطر نائب المرشد العام لجماعة الإخوان، والمرشح الرئاسي المستبعد يعلن علي الملأ أن الجماعة:]استقرت علي ضرورة إعداد الدستور بعد انتخابات الرئاسة، وليس قبلها كما سبق و قرر المجلس الأعلي للقوات المسلحة لأنه من المستحيل عملياً الانتهاء من الدستور خلال شهرين، خاصة أن هناك مواد كثيرة ذات طبيعة خلافية كبيرة، مثل النظام الرئاسي أم البرلماني، وكذلك نسبة العمال والفلاحين، حيث يعترض عليها البعض ويؤيدها البعض الآخر[. قرار المجلس العسكري جاء لتصحيح الخطأ، كما أن قرار الجماعة برفض قرار العسكري استند إلي ضيق الوقت واستحالة الانتهاء من الدستور خلال أسابيع معدودة. القراران صائبان لكن تنفيذهما هو الصعب أو المستحيل.. ويعيدنا إلي الحلقة المفرغة التي أصابتنا بالدوار والصداع المستمر(..). الأستاذ الدكتور جورجي شفيق ساري أستاذ القانون الدستوري بحقوق جامعة المنصورة لا يوافق علي هذا الرأي ويري الخروج من تلك الحلقة " أبسط، وأيسر، وأسهل.. من ذلك بكثير". يقول أستاذ القانون الدستوري: ]لو خلصت النوايا وتنزهت النفوس عن الأغراض، ولو نحينا جانباً المصالح الشخصية والذاتية والخاصة والآنية الزائلة، ووضعنا نصب أعيننا المصلحة العامة ومستقبل الوطن والشعب والنظرة البعيدة، لأدركنا أن إصدار دستور جديد لمصر لا يتطلب كل هذا العناء والعراك والمشاحنات. فدستور 1971يصلح لإعادة إحيائه من جديد بعد إجراء بعض الرتوش والتصويبات والتهذيبات الخفيفة فيه، والتي لا تحتاج إلي جمعية تأسيسية ولا خناقة ولا يحزنون، فيستطيع عمل ذلك بعض الخبراء المتخصصين في صياغات الدساتير وهم كُثر في بلدنا والحمد لله[. وتفسيراً لاقتراحه المنطقي والبناء .. يضيف د. جورجي ساري محدداً النصوص والبنود المطلوب تعديلها في دستور 71 المفتري عليه. .. وللحديث بقية.