لا يجب ان يقتصر التعامل بين مصر والدول الافريقية علي تنفيذ المشروعات الانمائية والخدمية وإنما لابد من وضع خريطة استراتيجية لإقامة العديد من المشروعات المشتركة خاصة في المجال الزراعي. مثل هذا التوجه المتوافرة قاعدته الانتاجية في العديد من الدول الافريقية أرضا خصبة ومياها وافرة للري له مردود اقتصادي كبير لصالح الطرفين المصري والافريقي. لا جدال ان الاحتياج لمثل هذه النوعية من الاستثمار يعد من الأولويات التي يجب ان تحظي بأعلي قدر من الاهتمام علي ضوء تصاعد شح الانتاج العالمي من الغذاء. لقد أصبح ضروريا ان تتركز مباحثات التعاون مع الدول الافريقية علي تبني سياسة التكامل خاصة في المجال الزراعي. لقد كانت للرئيس الراحل أنور السادات نظرة ثاقبة عندما فكر في إقامة منطقة تكامل تقوم علي الاستثمار في زراعة آلاف الأفدنة من الأراضي داخل السودان علي ان يتم اقتسام العائد الذي يكون نصيب مصر منه محاصيل زراعية تحتاجها لسد احتياجات الاستهلاك المحلي. ولأسباب سياسية وعدم بذل جهود كافية لضمان استمرارية هذا المشروع الطموح فانه تعرض للتجميد والفشل. ان ما حدث لا يجب بأي حال أن يثنينا عن معاودة الاتصالات والتباحث من أجل إحياء هذه الفكرة خاصة ان العديد من الدول العربية مثل السعودية والإمارات وليبيا قد بدأت تضخ استثمارات هائلة في شراء واستئجار الأراضي بالسودان وبعض الدول الافريقية الأخري من أجل الاستغلال الزراعي. وليس السودان وحده الذي يتيح فرصة الاستثمار المشترك لأراضيه الشاسعة الصالحة للزراعة والتي تروي بمياه الأمطار وإنما هناك أيضا دول افريقية أخري يمكن ان تستقبل الاستثمارات المصرية في مجال الزراعة مثل تنزانيا وأوغندا. هذا التحرك لا يجب ان يقتصر علي النشاط الحكومي المصري وإنما يمكن أن يساهم فيه القطاع الخاص والبنوك المصرية التي تعاني من وفرة السيولة المالية غير المستغلة. وفي النطاق العربي أعلنت دولة الجزائر العربية أثناء اجتماع المنظمة العربية للتنمية الزراعية استعدادها لتأجير مساحات كبيرة من أراضيها الصالحة للزراعة لمستثمرين عرب أو أجانب. من المؤكد ان اتجاه المستثمرين المصريين إلي الدول الافريقية مدعمة بالمساندة الحكومية يحقق فائدة ثلاثية محورها تحسين العلاقات السياسية والاقتصادية مع دول الاستثمار الزراعي بالإضافة إلي خدمة الاحتياجات الإنمائية والاجتماعية في هذه الدول. ولقد أحسنت الحكومة فيما تردد عن اتاحة التسهيلات البنكية لممارسة مثل هذه الأنشطة خدمة للاستثمار الزراعي والتبادل التجاري. أعتقد انه من الصعب ومن خلال فتح قنوات التعاون الزراعي والاقتصادي مع الدول الافريقية وبالاخص دول حوض النيل أن تشهد العلاقات المشتركة أي أزمات في جميع المجالات الأخري. تحقيق هذا الهدف يتطلب استراتيجية علمية مبرمجة بعيدة النظر تستند إلي الفكر الخلاق القائم علي أساس أن الدنيا أخذ وعطاء. جلال دويدار [email protected]