وزارة الكهرباء ذكرتني بطبيب يصف دواء لمريض وهو يعرف مسبقا أن جدواه ضعيفة.. وبعد أيام يصف له دواء أقوي تأثيرا.. وهكذا تستمر محاولاته لعلاج المريض بلا جدوي دون أن يعترف بعجزه عن تحديد الدواء المناسب ودون اعتبار لحق المريض في معرفة حقيقة مرضه. المريض هنا هو الشعب.. وحقيقة المرضي الذي يعاني منه هو عجز محطات الكهرباء عن مواجهة الزيادة المطردة في الاستهلاك بسبب التوسع في استخدام أجهزة التكييف نتيجة موجات الحر الشديد المتلاحقة التي تتعرض لها مصر في اطار التغيرات المناخية التي تجتاح العالم كله. وزارة الكهرباء بدأت خطة العلاج بخفض مستوي الانارة في الشوارع 05٪ كإجراء عاجل لترشيد استهلاك الكهرباء وهو ما تناولته في الاسبوع الماضي بعد ما تم تطبيق القرار بطريقة عشوائية مما أدي الي حدوث اخطاء ترتب عليها اظلام اجزاء كبيرة من الشوارع الرئيسية وغالبية الشوارع الجانبية وهو ما اعترف به وزير الكهرباء د. حسن يونس بينما رفض الاعتراف بظاهرة اضاءة أعمدة الانارة نهارا واطفائها ليلا. كما أشرت الي خطورة اظلام الشوارع ليلا علي الامن العام لما يترتب علي ذلك من زيادة معدلات جرائم التحرش والسرقة بالاكراه. الخطوة الثانية في العلاج التي بدأت وزارة الكهرباء بتطبيقها منذ أيام هي قطع الكهرباء عن أحياء أو مناطق كاملة بالتناوب لفترات مختلفة قد تصل الي 5 أو 6 ساعات وقد يكون هذا من حق وزارة الكهرباء إذا رأت ضرورة لذلك.. لكن ليس من حقها قطع الكهرباء دون سابق انذار حتي يستعد الناس لمواجهة الموقف خاصة وأن التيار الكهربائي في مصر لا يتسم بالثبات بطبيعته مما يهدد باحتراق الأجهزة الكهربائية المنزلية إذا ما انقطعت الكهرباء ثم عاد التيار بقوة شديدة.. وفي الدول المتقدمة إذا ما تسببت عودة التيار الكهربائي بشدة في احتراق أي جهاز كهربائي بالمنازل يصرف لصاحبه تعويض فوري لكن لو حدث هذا في مصر لن يستجيب أحد لشكوي صاحب الجهاز مهما قال أو فعل! لهذا يجب أن تدرك وزارة الكهرباء خطورة القطع المفاجيء للكهرباء وتضع جدولا زمنيا بالمناطق التي سيتم فصل التيار عنها وعدد ساعات انقطاع الكهرباء حتي يستعد الناس بنزع »فيش« الأجهزة الكهربائية قبل موعد انقطاع الكهرباء. لكن الأهم وهو ما لم تدركه وزارة الكهرباء حتي الآن أن الناس من حقهم الحصول علي التيار الكهربائي 42 ساعة متصلة وبمعدل ثابت ماداموا يسددون قيمة استهلاكهم.. وكان يجب علي وزارة الكهرباء أن تضع في خططها زيادة طاقة محطات الكهرباء الي الحد الذي يفي بحاجة الاستهلاك مهما زاد لا ان يفاجيء الناس بعجز محطات الكهرباء عن توفير احتياجاتهم والذي يرجع جانب كبير منه -كما قال لي مسئول مهم في قطاع الكهرباء- الي عدم الانتظام في صيانة محطات الكهرباء والمحولات مما يؤدي الي تعطل بعضها من حين لآخر! آخر كلام كيف يحدث هذا النقص الشديد في الكهرباء بينما نعلن دائما أننا نصدر الكهرباء للدول المجاورة؟