إنني علي ثقة بأن المسئولين عن القطاع السياحي سواء كان رسميا أو قطاعا خاصا يدركون ويفهمون التأثيرات السلبية للتقلبات الاقتصادية والمالية في الأسواق العالمية خاصة ما يتعلق منها بالدول المصدرة للسياحة.. ليس جديدا القول إن هذه المستجدات تؤدي إلي تراجع في الحركة السياحية علي ضوء التداعيات الناجمة عنها وارتباطها بالحياة اليومية للسائح الذي يقوم او يفكر في القيام برحلة الي أي دولة.. أن أول ما يهتم به هذا السائح هو أولا .. تفاصيل برنامج الرحلة وثانيا.. الأعباء التي سوف يتحملها علي ضوء أحواله المالية. في هذا الاطار يأتي في مقدمة اهتمامات السائح وكذلك الشركة السياحية المنظمة للرحلة قيمة عملة البلد القادم منها هذا السائح أو المجموعات السياحية.. إن أي ارتفاع في قيمة هذه العملة يعني انخفاضا في التكلفة وعلي العكس من ذلك فإن أي انخفاض في هذه القيمة يترتب عليه زيادة في تكاليف الرحلة. وباعتبار أن النسبة الغالبة للسياحة الوافدة إلي مصر تأتي من السوق الأوروبية »منطقة اليورو« وبالذات من ألمانيا وفرنسا وإيطاليا. فإن من المتوقع أن يكون للتقلبات في سعر عملة اليورو في الشهور الأخيرة أثرها في تذبذب حركة السياحة. واذا أضفنا إلي ذلك اجراءات الانكماش التي اتخذتها الحكومات والتي أعقبت أزمة الديون اليونانية والمشاكل التي تواجه عددا من الدول الأوروبية الأخري فإن المواقف في حاجة الي وقفة من الجميع الأمر لاتخاذ الاجراءات اللازمة كي لا تنعكس هذه التطورات علي أعداد السياح الوافدين والعوائد المحققة.
إنني أرجو من زهير جرانة وزير السياحة سرعة العمل علي استعراض التوقعات المحتملة ووسائل التحرك لمواجهتها. هذا يتطلب عقد لقاءات واجتماعات لكل من يمكن ان يكون له صلة بهذه القضية سواء في وزارة السياحة أو الغرف السياحية. من المؤكد انه كلما جاء هذا التحرك مبكرا أصبحت هناك فرصة أكبر للعلاج والتخفيف من التأثيرات. ليس ما أقوله جديدا ولكنه واقع لمسته بنفسي خلال حضوري فعاليات سوق السياحة الدولي في لندن حيث أبدي عدد من مسئولي الشركات السياحية العالمية تخوفهم من انكماش التعاقدات السياحية نتيجة انخفاض قيمة عملة الاسترليني. وقد حظي هذا الأمر باهتمام جرانة باعتبار أن السياح البريطانيين أصبحوا يحتلون المرتبة الثانية في عدد الوافدين إلي مصر (أكثر من مليون سائح). وكما هو معروف فقد انخفضت قيمة الجنيه الاسترليني في مقابل الجنيه المصري بنسبة تزيد علي 52٪.
للخروج من هذا المأزق تلجأ وزارة السياحة الي سياسة الحوافز للرحلات الجوية الخاصة بالاضافة الي المساهمة في تكاليف الحملات الدعائية للشركات خاصة بالنسبة للمناطق السياحية الجديدة ومثال ذلك طابا ومرسي علم. إلي جانب هذه الاستراتيجية التي اثبتت نجاحها في مواجهة الأزمات فقد أصبح ضروريا أن يكون هناك تواجد مكثف لممثلي قطاع السياحة المحترفين في المناسبات السياحية الدولية للقيام بعمليات التسويق والترويج بالاضافة إلي تنظيم رحلات وزيارات للعاملين في تنظيم الرحلات وكذلك لممثلي أجهزة الإعلام علي أختلاف أنواعها.
من ناحية أخري فإنه وفي نفس الوقت الذي نبدي فيه اهتماما أكبر بأسواق الدول السياحية التي تواجه بعض الأزمات المالية فإنه يتحتم علينا تكثيف اتصالاتنا وحملاتنا الدعائية الي أسواق الدول الأخري التي تتعافي اقتصاديا وتشهد عملاتها الوطنية تصاعدا في قيمتها. في هذا المجال يأتي السوق الأمريكي حيث ارتفعت قيمة الدولار في الشهور الأخيرة بما يساوي 7٪ مقابل الجنيه المصري. لا جدال أن هذه الزيادة تعد عاملا فعالا لتشجيع السياحة الأمريكية المتنامية في السوق المصري. إننا وكما نجحنا في مواجهة الكثير من الأزمات التي تعرضت لها السياحة في السنوات الأخيرة فإن الفرصة متاحة أمامنا لعبور الجديد منها. [email protected]