سفر المنتخب الاوليمبي لكرة القدم للقدس أثار جدلا واسعا بين عدد من المثقفين والمفكرين ورجال الدين حول مفهوم «التطبيع»، وما إذا كانت زيارة الشعب الفلسطينى بتأشيرات إسرائيلية تمثل «اعترافاً بالاحتلال» أم «شراً لابد منه» لإظهار التضامن مع الشعب الفلسطينى، الدكتور أحمد عمر هاشم، رئيس اللجنة الدينية لمجلس الشعب، عضو مجمع البحوث الإسلامية، أكد ل«المصرى اليوم» رفضه الزيارة، قائلاً: «أعلن رفضى لزيارة القدس بتأشيرة إسرائيلية، لأن ذلك من قبيل الاعتراف بمشروعية الاحتلال الإسرائيلى لأرضنا ومقدساتنا». وأوضح هاشم أنه سبق أن زار مدينة «غزة» بمرافقة الدكتور محمد سيد طنطاوى، شيخ الأزهر، بدعوة من الرئيس الفلسطينى الراحل ياسر عرفات، واشترطا ضرورة الدخول بتأشيرات فلسطينية، وهو ما تم بالفعل. فى المقابل، أعلنت الدكتورة آمنة نصير، أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، تأييدها لمبادرة ما أطلقت عليه «شدوا الرحال» وزيارة الجهاز الفنى ولاعبى المنتخب المصرى للقدس «بتأشيرات إسرائيلية»، مؤكدة أن هذه الزيارات تسهم فى فك الحصار الإسرائيلى على المدينة المقدسة والأراضى الفلسطينية. وشددت آمنة على أنها تستثنى من هذه الزيارات أحد الرموز الدينية، مثل شيخ الأزهر أو مفتى الجمهورية، وبررت ذلك بقولها: «حتى لا تقوم إسرائيل بتأويل هذه الزيارات، وتوضيح أن كل شىء على ما يرام بين المسلمين واليهود أمام الرأى العام العالمى». وأشارت آمنة إلى أنه لابد من التعريف بأن من يذهب لزيارة القدس فى الوقت الراهن يهدف إلى تطهير المقدسات الإسلامية مما وصفته ب«أرجل الاحتلال النجسة». ومن المقرر أن يسافر المنتخب الأوليمبى المصرى لكرة القدم إلى الأراضى الفلسطينية فى 28 مارس المقبل، عبر الأردن؛ ليلعب مباراة ودية مع المنتخب الفلسطينى الأول لكرة القدم على استاد الشهيد فيصل الحسينى بالقدسالمحتلة فى ذكرى يوم الأرض الفلسطينى 30 مارس. وأن تجرى المباراة وسط أجواء احتفالية ضخمة بالزيارة غير المسبوقة، وقالت مصادر إعلامية إن اللاعبين وأفراد البعثة المسلمين سيؤدون الصلاة بالمسجد الأقصى المبارك، بينما يتوجه هانى رمزى، المدير الفنى للمنتخب الأوليمبى، وأفراد البعثة من الأقباط لأداء الصلاة بكنيسة القيامة. وأكد مصدر دبلوماسى مسؤول أن الخارجية المصرية «تعلم بالرحلة المقررة للمنتخب الأوليمبى إلى القدس»، إلا أنها لا تشارك فى الترتيبات الجارية بين اتحادى كرة القدم المصرى والفلسطينى، ورفض المصدر التعليق على طبيعة التأشيرات التى سيحصل عليها أعضاء البعثة. من ناحية أخرى، طالب المهندس إبراهيم أبوعوف، عضو الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين فى مجلس الشعب، بإلغاء رحلة المنتخب الأوليمبى لكرة القدم إلى القدس، ودعا المنتخب للسفر إلى غزة المحاصرة، واللعب مع المنتخب الفلسطينى هناك. وأوضح أبوعوف، فى بيانه العاجل الذى وجهه إلى الدكتور أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء، وحسن صقر، رئيس المجلس القومى للرياضة، أن قبول دعوة اتحاد الكرة الفلسطينى بزيارة المنتخب للقدس المحتلة يوم 28 مارس المقبل تعنى أن الفريق سيدخل القدس بتأشيرات إسرائيلية، وسينزل فى مطارات إسرائيلية. وحذر النائب الإخوانى من الوقوع فى ما وصفه ب «فخ التطبيع مع إسرائيل» بدعوى الصلاة فى المسجد الأقصى وزيارة الأماكن المقدسة فى القدس، لافتا إلى أن جميع القوى الوطنية وأغلبية الشعب المصرى والبابا شنودة ترفض زيارة القدس تحت أى مبرر. وقال أبوعوف، فى بيانه، إن «هذه الزيارة للمنتخب تعد مكافأة للعدو الصهيونى الذى يقيم حفريات وأنفاقاً أسفل المسجد الأقصى لهدمه وبناء الهيكل المزعوم مكانه، واعترافاً بالاحتلال وسيطرته على المدينة المقدسة». أيضا على مستوى الشخصيات العامة والقيادات الشعبية كان الرفض هو الموقف السائد الإعلامى حمدى قنديل أعرب عن أسفه الشديد على موافقة المنتخب على دخول الأراضى الفلسطينية بهذه الطريقة، مؤكدا أن ذلك يعتبر اعترافاً رسميا من اتحاد كرة القدم المصرى بالاحتلال الفلسطينى، وإنهاء لحالة رفض التطبيع فى مصر. وقال قنديل ل«المصرى اليوم»: إنه كان يتمنى أن تنأى الكرة المصرية عن التطبيع مع إسرائيل، وأن يحذو «اتحاد الكرة» حذو البابا شنودة، الذى قال إنه يرفض دخول القدس بتأشيرة من إسرائيل. وأضاف قنديل أن كون المسافرين من لاعبين وجهاز فنى سيحصلون على تأشيرة بوثيقة بعيدة عن جواز سفر اعتراف منهم بأن التأشيرة الإسرائيلية «وصمة عار» يريدون أن يتخلصوا منها بمجرد العودة إلى أرض الوطن، داعياً شيخ الأزهر إلى أن يحذو حذو المنتخب ويقبل التطبيع مع إسرائيل. ومن جانبه، رفض الأديب والكاتب الدكتور علاء الأسوانى سفر المنتخب الأوليمبى للقدس قائلاً: «من المشين أن تدعو الحكومة المصرية لمقاطعة الجزائر، وتدعو للتطبيع مع إسرائيل». وقال الأسوانى إنه يظن أن الحكومة المصرية وراء هذا «التصرف المشين»، لافتاً إلى أنه يتسق مع مجمل سياسات الحكومة لإرضاء إسرائيل من أجل استقطاب اللوبى الصهيونى لتمرير فكرة التوريث فى مصر. وأشار إلى أنه سبق ورفض عرضاً من دار نشر إسرائيلية وقال: مقاطعة مصر لإسرائيل سلاح شعبى فعال للضغط على إسرائيل، مشيرا إلى أن هذه السياسة استخدمها الغرب من قبل مع جنوب أفريقيا حتى سقطت الحكومة العنصرية فيها، حيث كانت الدول الغربية ترفض المشاركة الرياضية مع منتخبها. ورأى الدكتور فاروق أبوزيد، أستاذ الصحافة بكلية الإعلام جامعة القاهرة، أن من الأفضل أن يتم اتخاذ قرار بأن تكون المباراة الودية بين المنتخب المصرى ونظيره الفلسطينى فى مصر وبالتحديد فى محافظة شمال سيناء حتى نبعد المنتخب عن شبهة التطبيع مع إسرائيل، وفى نفس الوقت نرحب بالمنتخب الفلسطينى. ومن جانبها، قالت الكاتبة الصحفية إقبال بركة إنها توافق على سفر المنتخب المصرى للقدس ولو بتأشيرة من السفارة الإسرائيلية، قائلة: «أنا شخصياً ضد مبدأ المقاطعة عندما تكون لأهلى وأقاربى من الفلسطينيين». وأضافت أن رفض المنتخب السفر يعنى أننا نعاقب الفلسطينيين أنفسهم بعدم التعامل معهم، مشيرة إلى أنها دعيت من قبل للسفر لافتتاح جامعة القدس فى فلسطين وعندما رفضت، احتراما للجمعية العمومية لنقابة الصحفيين، غضب الفلسطينيون بشدة واعتبروا رفضها الزيارة كأنها رفض لدعم مصر والمصريين لهم.