في خطوة اعتبرت نصرا كبيرا له على المعارضة ، قضت المحكمة الباكستانية العليا بالسماح للرئيس الباكستاني برويز مشرف بخوض الانتخابات الرئاسية المقررة في السادس من اكتوبر المقبل ، مع احتفاظه بمنصبه قائدا للجيش، فيما شكل نكسة للمعارضة التي تسعى الى انهاء النظام العسكري فى هذا البلد .. واتخذ قرار المحكمة العليا بغالبية ستة اصوات مقابل ثلاثة. واعلنت اللجنة الانتخابية الباكستانية إنها وافقت على ترشيح مشرف (والذي تسلم السلطة قبل ثمانية اعوام اثر انقلاب ابيض)، ومرشحين آخرين، وهما "وجيه الدين أحمد" وهو قاض متقاعد رفض أداء قسم الولاء لمشرف بعد الانقلاب عام 1999، و"مخدوم أمين فهيم" نائب رئيس حزب الشعب الباكستاني بزعامة رئيسة الوزراء السابقة بينظير بوتو. واشارت اللجنة إلى أنها رفضت 37 طلب ترشيح آخربعد دراسة أوراق ترشيحهم. وكانت المعارضة ونقابة المحامين قد طلبتا من المحكمة العليا، بناء على الدستور، منع مشرف من الترشح لولاية رئاسية جديدة اذا لم يقدم استقالته من قيادة الجيش. الا ان الهيئة القضائية الاعلى في البلاد رفضت هذه المراجعات معتبرة ان لا اساس لها. ويشكل هذا الحكم اخفاقا كبيرا للمعارضة التي كانت اثارت دواعي اخرى للطعن بترشح مشرف . ويرى المحللون انه يصعب اتهام المحكمة العليا بمحاباة الرئيس مشرف، فقد سبق لها ان وجهت اليه عدة صفعات منذ ستة اشهر حين حاول عبثا اقالة رئيسها القاضي افتخار محمد شودري. واثارت هذه المحاولة ازمة سياسية في البلاد هي الاكثر حدة منذ الانقلاب الذي نفذه مشرف في 12 اكتوبر 1999، وقد ادت الى تراجع كبير في شعبية الرئيس الباكستاني. جدير بالذكر ان باكستان شهدت في الاشهر الماضية اضطرابات سياسية ومظاهرات شعبية شكلت اكبر تهديد للرئيس الباكستاني منذ توليه السلطة ، حيث تطالب المعارضة مشرف بالتخلي عن قيادة الجيش الباكستاني، وهو يتمسك حالياً بمنصبي رئيس الجمهورية وقيادة الجيش. شبح اعادة انتخاب مشرف (64 عاما) لولاية أخرى بات قاب قوسين او ادنى مما أثار معارضيه فخرجوا الى الشورارع فى مظاهرات واحتشد المئات من المحامين خارج مبنى لجنة الانتخابات في العاصمة إسلام آباد وفي لاهور، غير أن عناصر شرطة مكافحة الشغب سدوا عليهم الطريق. ودارت اشتباكات بين الطرفين أدت إلى إصابة العديد من المحامين واعتقال نحو 30 منهم ،وبررت الشرطة حملة القمع بالقول إن هناك حظرا على تجمع خمسة أشخاص أو أكثر في منطقة العاصمة، ولن يسمح لأحد بانتهاك هذا القانون ،وأطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع على نحو 500 محام تجمعوا للاحتجاج على ضرب زملائهم في إسلام آباد.. وكان الخلاف قد تفاقم بين برويز مشرف والمحامين والنظام القضائي بعد محاولة مشرف إقالة رئيس المحكمة العليا افتخار تشودري في مارس الماضي، ما أدى إلى خروج مسيرات حاشدة تندد بهذا القرار في أنحاء متفرقة من البلاد. وفي محاولة لإفشال إعادة انتخاب الرئيس "برويز مشرف" لولاية جديدة،تقدم 84 نائبا باكستانيا معارضا من حركة "عموم الأحزاب الديمقراطية" في البرلمان الاتحادي و152 آخرون في البرلمانات الإقليمية الأربعة باستقالاتهم لزعماء الحركة، وأعلن زعماء الحركة التي تضم 32 حزبا معارضا في باكستان أن نوابهم سيستقيلون رسميا من البرلمان الثلاثاء القادم .. وتحاول المعارضة انهاء الحكم العسكرى في بلد عاش اكثر من ستين عاما تحت سطوة الجنرالات . ويواجه مشرف مزيدا من المشاكل في 18 اكتوبرالمقبل وهو الموعد الذي حددته رئيسة الوزراء السابقة بنازير بوتو للعودة الى البلاد وكانت المحادثات قد تعثرت بين مشرف وبوتو للتوصل الى اتفاق لتقاسم السلطة. فيما صرح شقيق رئيس الوزراء السابق نواز شريف الذي اطاح به مشرف قبل ثماني سنوات، ان شقيقه سيحاول العودة الى باكستان مرة اخرى بعد ان رحلته السلطات الباكستانية الى السعودية بعد ساعات من عودته من المنفى في العاشر من سبتمبر. من جهته اعتبر رئيس الوزراء الباكستاني شوكت عزيز أن بلاده تجاوزت مسألة "حرجة جدا" في اتجاه "الديمقراطية الحقيقية . ويعد مشرف حليفا رئيسيا في "الحرب الأمريكية على الإرهاب" لكن المراقبون يقولون إن واشنطن باتت تشعر بقلق تجاه تدني شعبيته وتزايد مشكلات التشدد في باكستان. ومن المقرر ان تتم انتخابات السادس من أكتوبر عبر نظام الانتخاب غير المباشر اي باصوات اعضاء البرلمان والهيئات المحلية، على ان تليها مطلع 2008 الانتخابات التشريعية العامة التي تجري وفقا لنظام الانتخاب المباشر من الشعب، وتحتج المعارضة، من ضمن ما تحتج عليه، على موعد الانتخابات الرئاسية، معتبرة ان المجالس الجديدة هي التي يجب ان تنتخب الرئيس وليس المجالس المنتهية ولايتها، التي يسيطر عليها انصار مشرف. ويرى المراقبون انه اذا لم يكن هناك ادنى شك بان مشرف سيفوز بولاية جديدة بفضل غالبية اصوات المجالس الانتخابية الموالية له، الا ان الانتخابات العامة لن تكون بنفس القدر من السهولة .. يذكر أن الجنرال مشرف , الذي تولى مقاليد السلطة في البلاد من خلال انقلاب عسكري ابيض غير دموي عام 1999 , قال انه يعتزم التخلى عن زيه العسكري قبل 15 نوفمبر القادم إذا ما حصل من البرلمان والمجالس الوطنية الموافقة على حصوله على فترة رئاسية جديدة. 30/9/2007