وسط أزمة سياسية متفاقمة يشهدها لبنان ..ومساعى دبلوماسبة لحسم ماراثون الانتخابات الرئاسية ، جدد الرئيس الأمريكي جورج بوش تحذيره إلى سوريا، مما وصفه ب"التدخل في انتخابات الرئاسة اللبنانية"، قائلاً إنه سيوفد قائد القوات الامريكية في الشرق الاوسط الادميرال جيمس فالونإلى بيروت قريباً لاستقصاء طرق دعم لبنان،وتقييم الاحتياجات الأمنية للبلاد "في مواجهة المتطرفين" من أجل دعم الحكومة اللبنانية برئاسة فؤاد السنيورة. وقد جاء هذا التحذير خلال اللقاء الذي عقده الرئيس الأمريكي الخميس الموافق 4 اكتوبر فى البيت الأبيض بواشنطن، مع سعد الحريري، زعيم الأغلبية النيابية ورئيس كتلة المستقبل اللبنانية، نجل رئيس الوزراء اللبناني الأسبق، رفيق الحريري، والذي تشتبه واشنطن فى تورط عناصر سورية في اغتياله في هجوم بسيارة ملغومة بالعاصمة بيروت، في 14 فبرايرعام 2005. وحضر اللقاء نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني، ووزيرة الخارجية كوندوليزا رايس، ومستشارالأمن القومي في البيت الأبيض ستيفن هادلي، ونائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري، بالإضافة إلى سفير لبنان في واشنطن أنطوان شديد. وأضاف بوش في مؤتمر صحفي مقتضب أعقب اللقاء أن المحكمة الدولية التي قرر مجلس الامن الدولي تشكيلها لمحاكمة المتهمين في عمليات الاغتيال في لبنان "تستغرق وقتا طويلا" داعيا الى الاسراع بتشكيلها. وعبر "بوش" شعوره بالاحباط إزاء بطء إجراءات تشكيل المحكمة الدولية الخاصة بمحاكمة قتلة رئيس الوزراء اللبناني الراحل، وقال: "ينبغي على المجتمع الدولي أن يعمل بسرعة أكبر لتشكيل المحكمة، التي ستحاسب من يفترض محاسبتهم"، مؤكداً أن "هذه المحكمة ستوجه رسالة واضحة مفادها أن العدالة ستتحقق."وخلال اللقاء أشاد بوش بطريقة تعامل رئيس الحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة مع من سماهم المتشددين في لبنان في إشارة الى تنظيم فتح الاسلام الذي خاض معارك على مدى أكثر من أربع شهورمع الجيش اللبناني في مخيم اللاجئين الفلسطينيين في نهر البارد شمال لبنان. وكان المتحدث باسم البيت الأبيض جوردون جوندرو قد صرح في وقت سابق بأن" واشنطن تدعم الحكومة المستقلة والمنتخبة ديمقراطيا في لبنان، وأضاف أن واشنطن ستعمل "يدا بيد مع رئيس ينتخب بحرية"..مشيرا الى أن مباحثات بوش والحريري تناولت "الدعم الأميريكي المتواصل للحكومة واستمرار بناء قدرات القوات المسلحة" لمواجهة ما سماه "التحديات التي تواجه استقرار لبنان والمنطقة". ومن جانبه، أشاد الحريري بالدعم الذي تقدمه إدارة الرئيس بوش في إقرارالمحكمة، والمساعدات العسكرية للبنان، إلا أنه أشار إلى ما يتعرض له لبنان من قبل من وصفهم ب"إرهابيين"، قائلاً إنهم يريدون إنهاء الديمقراطية في لبنان. كما اتهم الحريري سوريا بشكل مباشر بتنفيذ الاغتيالات السابقة مشيرا الى أنه طلب من الولاياتالمتحدة الضغط عليها لوقف هذه الاغتيالات ووقف "الضغط على لبنان لمنع إجراء الانتخابات الرئاسية". وتجدر الاشارة الى أن الأكثرية تتهم سوريا بالوقوف وراء الاغتيالات بهدف عرقلة الانتخابات الرئاسية . وصرح نواب في الوفد المرافق للحريري أثناء زيارته الى واشنطن ان أحد أهداف زيارة الحريري الى الولاياتالمتحدة " هو طلب مساعدات عسكرية إضافية للجيش اللبناني وللقوى الامنية". وردا على تحذير الولاياتالمتحدة لسوريا من "التدخل في الانتخابات الرئاسية في لبنان" ،أعلن السفير السوري في واشنطن عماد مصطفى ان الولاياتالمتحدة تعتمد سياسة "تحريض الاطراف اللبنانية" على بعضها البعض مما يزيد من أزمة الانقسام الداخلى بالبلاد . وردا على تصريحات الحريري، قال السفير السوري في واشنطن إن سوريا "لا ترد على ما يقوله السياسيون اللبنانيون لان هذه شؤونا داخلية لبنانية ونحن لا نتدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية وهذه الاتهامات تخص الساحة اللبنانية الداخلية". وحول مسألة تدخل سوريا فى الانتخابات، فسبق أن أكدت صحيفة " تشرين " الحكومية السورية يوم الاثنين 24/9 أن سوريا لن تتدخل فى الانتخابات الرئاسية اللبنانية، مُتهمة الغالبية النيابية بالسعى " لنسف " هذا الاستحقاق بضغط من الولاياتالمتحدة وإسرائيل. ويرى بعض الدبلوماسيين أن كل من الموقف السوري والموقف الاوروبي والعربي يدعوالى التوافق اللبناني لايجاد حلول لمشاكلهم من أجل انتخاب رئيس جديد وحكومة وحدة وطنية، أما الموقف الاميركي فهو "فريد في العالم ويتميز بتحريضه لفريق 14 آذار ضد الاطراف اللبنانية الاخرى وينصحهم بعدم الدخول لا في حكومة وحدة وطنية ولا في انتخاب رئيس توافقي".. مما يمثل تباينا هائلا بين ما يصرح به الرئيس بوش وبين السياسية الاميريكية على أرض الواقع. وقد تزامنت اجتماع بوش مع الحريري مساء الخميس، مع حفل الإفطار الذي يقيمه البيت الأبيض سنوياً لسفراء وقيادات الجاليات الإسلامية في الولاياتالمتحدة. وقبيل لقائه الرئيس "بوش"، التقى "الحريري" وزيرة الخارجية الأمريكية، التي أكدت أن "الولاياتالمتحدة والمجتمع الدولي، لن يقفوا مكتوفي الأيدي في وجه أعمال الترهيب التي يتعرض لها لبنان."،وأضافت" رايس "أن المجتمع الدولي يدعم بشكل كبير سيادة وديمقراطية لبنان، مشيرة إلى أن المباحثات مع الحريري تتمحور حول سبل مواصلة هذا الدعم لتسريع عمل المحكمة ذات الطابع الدولي ، وإجراء انتخابات الرئاسة اللبنانية في مهلتها الدستورية، دون أي تدخل أجنبي فيها. وأعلنت "رايس " بعد الاجتماع ان لبنان سيكون على لائحة المدعوين الى الاجتماع الدولي للسلام المزمع عقده بواشنطن في نوفمبر المقبل. وأكدت دعم الولاياتالمتحدة والمجتمع الدولي للديموقراطية في لبنان مشيرة الى أن الكثيرين "يحاولون الضغط" على لبنان، وأضافت أن الولاياتالمتحدة تعمل على تسريع تشكيل المحكمة الدولية لمحاكمة المتهمين في اغتيال رئيس الحكومة اللبناني الاسبق رفيق الحريري، وأن الانتخابات الرئاسية يجب أن تتم "ضمن الإطار الدستوري ومن دون تدخل خارجي. وردا على سؤال عن تطبيق القراراين الدوليين رقمى 1559 و1701 اللذين يدعوان الى "حل الميليشيات اللبنانية والاجنبية" في إشارة الى حزب الله والفصائل الفلسطينية المسلحة في لبنان، قالت رايس إن "على أي حكومة لبنانية ان تحترم القرارات الدولية إذ إن لبنان دولة قانون واتوقع منه ان يعتبر القرارات الدولية واجبة التطبيق". وكان الحريري قد التقى الأربعاء الماضى الموافق 3اكتوبربزعماء الكونجرس من الحزبين الديمقراطي والجمهوري في مجلسي الشيوخ والنواب سعيا للتوصل الى اتفاق يرضي الجميع حول هوية رئيس الجمهورية الجديد قبل انتهاء ولاية الرئيس الحالي أميل لحود في 24 نوفمبر المقبل. وفى سياق الدعم الأمريكى للحكومة اللبنانية ، وقع الرئيس الأمريكي جورج بوش مؤخراً على قرار يحظر دخول مسؤولين سوريين ولبنانيين، تتهمهم واشنطن بتقويض الحكومة اللبنانية، إلى الولاياتالمتحدة. ولم يحدد القرار الذي وقعه الرئيس الأمريكي أسماء الشخصيات المعنية بالحظر، إلا أن البيت الأبيض أفرج عن أسماء شخصيات مشتبهة بإثارة قلاقل في لبنان. وتتضمن لائحة البيت الأبيض: هشام اختيار، مستشار الرئيس بشار الأسد ومسؤولين بارزين في الاستخبارات السورية من بينهم جامع جامع، وآصف شوكت، مدير الاستخبارات العسكرية وصهر الأسد، ورستم غزالي. ومن بين الشخصيات اللبنانية: وزيرا العمل السابقين: أسعد حردان وعصام قانصو بجانب وزير الدفاع السابق عبدالرحمن مراد، وميشال سماحة وزير الإعلام السابق، وناصر قنديل عضو سابق في البرلمان، ووئام وهاب، وزير البيئة السابق. وتعقيبا على ذلك ،أعلن الناطق باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي، جوردون جوندرو أن "هذه وسيلة على الولاياتالمتحدة استخدامها للإعراب عن رغبتها في أن توقف سوريا تدخلها في لبنان وعدم زعزعة الحكومة المنتخبة ديمقراطياً هناك، وسنواصل الضغوط حتى وقفها تلك الأنشطة".وقد جاء التحرك الأمريكي بعد دعوات متكررة وجهتها واشنطنلدمشق من أجل وقف إثارة القلاقل في لبنان، وسعى بوش لعزل سوريا دبلوماسياًحيث تتهم واشنطندمشق برعاية الإرهاب والتقاعس عن منع المقاتلين الأجانب من العبور إلى العراق وعمل القليل لكبح حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في غزة وحزب الله اللبناني وتقويض الحكومة اللبنانية.وكانت الإدارة الأمريكية قد جمدت أرصدة اختيار وجامع في الولاياتالمتحدة العام الماضي زاعمة أنهما لعبا دورا رئيسيا فيما وصفته بسياسات دمشق لدعم الإرهاب وزعزعة استقرار لبنان. كما أيدت الولاياتالمتحدة قراراً أصدره مجلس الأمن الدولي مؤخراً يقضي بتشكيل محكمة دولية لمحاكمة المشتبه بهم في اغتيال رئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريري الذي قتل في فبراير،وتتهم الإدارة الأمريكية سوريا بالضلوع في عملية الاغتيال وهو ما تنفيه دمشق. والمعروف أن مجلس النواب اللبنانى قرر يوم الثلاثاء 25 سبتمبرتأجيل جلسة انتخاب الرئيس الجديد خلفاً للرئيس الحالى اميل لحود إلى 23 أكتوبرالمقبل ،وذلك نظراً لعدم اكتمال النصاب المطلوب خاصة مع إعلان كتل المعارضة أنها لن تحضر الجلسة قبل التوافق على هوية الرئيس الجديد. وبموجب الدستور اللبناني، فإن رئيس الجمهورية ينتخب بغالبية الثلثين من مجلس النواب في الدورة الأولى، ويكتفي بالغالبية المطلقة في دورات الاقتراع التي تليها، ويتم بدءالانتخاب قبل موعد انتهاء ولاية رئيس الجمهورية بمدة شهر على الأقل أو شهرين على الأكثر، على أن يتم الاجتماع حكما في الأيام العشرة الأخيرة من المهلة. ورغم أن أياً من القوى اللبنانية لا يمتلك ثلثي المقاعد في البرلمان، غير أن ذلك لم يمنع كل فريق من محاولة تفسيرهذه المادة من الدستورلصالحه، فاعتبرت المعارضة التي تمتلك 58 مقعداً من بين 128 مقعدا بالبرلمان أن الدستور يتطلب حضور ثلثي أعضاء المجلس في جميع الجلسات فيما تصر الأكثرية أن التفسير الصحيح للدستور يحصر ذلك في الجلسة الأولى ويتيح انتخاب الرئيس بالنصف زائداً واحداً في سائر الجلسات. وتأتى انتخابات هذا العام في ظروف غير مسبوقة، إذ وصل الإنقسام إلى أقصى حدوده بين الموالاة والمعارضة، وانعكس ذلك فى حدوث شرخً بين السنة والشيعة في البلاد،وقد عبرالأمين العام للأمم المتحدة بان كى مون مؤخراًعن " القلق الشديد " إزاء الوضع فى لبنان الذى يمكن أن يصل إلى تجديد سيناريو الحرب الأهلية ( 1975 – 1990 ). ولايزال السجال مستمراً بين القوى اللبنانية حول رئيس لبنان الجديد فى محاولة للوصول الى نقطة التقاء . 5/10/2007