وصل عبد الباسط المقراحي- المدان في حادث تفجير طائرة أمريكية فوق بلدة لوكربي- إلى العاصمة الليبية طرابلس الخميس عقب الإفراج عنه من سجن في اسكتلندا لأسباب صحية. وقد هبطت الطائرة التابعة للحكومة الليبية- التي كانت تقل المقراحي في مطار معيتيقة الدولي- الساعة 2030 بالتوقيت المحلي (1830 بتوقيت جرينتش)، وكان في اسقباله حشد كبير من المواطنين الليبيين، وعلى رأسهم أفراد عائلة المقراحي (57 عاما). وكانت اللقطات التليفزيونية أظهرت المواطن الليبي وهو يتكئ على عصا، بينما كان يسير على الممر المؤدي إلى الطائرة الليبية طراز "إيرباص ايه 340" قبيل مغادرتها بريطانيا متوجهة إلى طرابلس. وكان المقرحي- الذي يعاني من سرطان في البروستاتا في مراحله المتأخرة- يسير ببطء دون مساعدة، كما أخفى وجهه خلف ياقة لباس رياضي أبيض اللون. وكانت الحكومة الاسكتلندية قد أفرجت الخميس عن المقراحي الليبي المدان في قضية تفجير طائرة ركاب فوق بلدة لوكربي لاسباب انسانية. وكان المقرحي قد حكم عليه بالسجن مدى الحياة على الا تقل العقوبة عن 27 عاما في الحادث الذي اسفر عن مقتل 270 شخصا عام 1988. وقال وزير العدل الاسكتلندي- كيني ماك أسكل- إن الظروف القانونية لا تتيح له الإفراج عن المقراحي بسبب الجرائم المنسوبة إليه، والتي اعتبر أن أدنبرة "لن تنساها أبداً"، غير أنه قال إن القيم الإنسانية الاسكتلندية تحتم عليه استخدام صلاحياته في هذا الإطار لتخلية سبيله. وقال ماك أسكل إنه "اطلع على مرض المقراحي الذي وصل إلى مرحله متقدمة، واستشار الأطباء الذين تابعوه وقالوا إن وضعه تدهور بشكل كبير وتوصل الخبراء إلى أن مرضه قد قاوم العلاج، ولذلك كان هناك إجماع بأن توقع شفائه من المرض بات ضئيلاً." وتابع الوزير الاسكتلندي إن تقرير الأطباء الذي بين يديه يشير إلى أن فترة الحياة المتبقية للمقراحي هي ثلاثة أشهر.. مؤكداً أن هذه المشورة: "ليست بناء على فحص الأطباء في السجن فحسب، بل تمت الاستعانة بخبرات أطباء آخرين." وذكر الوزير الاسكتلندي أن بلاده أطلعت الولاياتالمتحدة على تقارير الأطباء، دون أن يوضح موقف واشنطن منها، رغم أنها كانت قد أعلنت في وقت سابق معارضتها للإفراج عنه. وكشف ماك أسكل أنه رفض قرار نقل المقرحي إلى ليبيا: "بناء على نصائح كبار ضباط الشرطة الذين قالوا إن ذلك يتطلب إجراءات أمنية." من جانبه، أعرب الرئيس الأمريكي باراك أوباما عن رغبته في وضع المقراحي قيد الإقامة الجبرية، مبدياً تحفظه وأسفه الشديد من قرار الإفراج عنه. وذكر محام مشارك في قضية المقراحي أن الاحترام للحكومة البريطانية والادارة الاقليمية في اسكتلندا في العالم العربي سيزداد نتيجة للافراج عن المدان في تفجير لوكيربي عبد الباسط المقراحي . وقال سعد جبار المحامي أن هذا الرجل أدين بطريق الخطأ، ومن الصواب أن يطلق سراحه. ونفى احتمال أن يكون هناك "تحايل" لتسهيل إطلاق سراح المقراحي. وثارت تكهنات أن تراجع المقراحي بشكل غير متوقع الأسبوع الماضي عن طلب استئناف الحكم الصادر ضده إنما كان يستهدف الإسراع بإطلاق سراحه. وقال منتقدون إن السجين ربما تعرض "لضغط سياسي" للتخلي عن معركته القانونية لأن إجراء محاكمة جديدة له كان يمكن أن يثبت أنه بريء من التورط في الهجوم. غير أن جبار أكد أن المقراحي تراجع عن طلب استئناف الحكم لاسباب شخصية فقط. وقال جبار عن السجين الذي يعاني من سرطان البروستاتا في مرحلة خطيرة إنه يريد أن يموت في بلاده.