يأتي الهجوم علي فيلم »احكي يا شهرزاد« قبل طرحه في دور العرض السينمائي ليؤكد علي ارتفاع حدة أمراض السينما وأمراض المجتمع المصري الذي قد يستعديه البعض علي السينما المصرية التي تمر بمرحلة انتقالية في منتهي الخطورة نتيجة لارتفاع عدد الأفلام الجادة التي تستلهم الواقع المصري المعاصر وتعبر عن رؤي غير تقليدية للمجتمع والسينما في آن واحد إلي جوار أفلام »الهلس« التي لم تسقط بعد من حسابات المنتجين. وقيام البعض بإنشاء جروب علي الفيس بوك تحت عنوان »حمله مقاطعة مني زكي وفيلم »احكي يا شهرزاد« لمجرد مشاهدة إعلان الفيلم والحكم عليه كفيلم غير أخلاقي من »التريلر« الدعائي يؤكد علي حالة الانغلاق واللاموضوعية التي تحكم بعض طوائف المجتمع المصري والتي تضع فيلماً سينمائياً في قفص الاتهام وتحكم عليه بالإعدام قبل أن يقدم دفاعه علي شاشات السينما. ومن الغريب أن يظهر هذا الجروب في هذا الوقت بالتحديد ويستهدف صناع فيلم »احكي يا شهرزاد« خاصة بطلته مني زكي التي يمكن تصنيفها علي أنها النجمة المتربعة علي عرش السينما المصرية في ثوبها الجديد بحجة أن »مني« من هواة السينما النظيفة رغم أن التسميات التي أطلقها البعض لم ترد في مراجع السينما ورغم تعفف مني زكي عن تقديم ما يثير جمهورها بلا مبرر في الأفلام التي قدمتها إلا أن مني لم تعلن انتماءها لقافلة السينما النظيفة التي لم يعلن أي نجم مسئوليته عنها خوفا من الهجوم النقدي عليه من أعداء السينما النظيفة الذين يبحثون عن التحرر من كل ما يقيد الإبداع سواء في الجنس أو السياسة أو الدين وبين الجبهتين المتناحرتين يسقط الفنان بين المطرقة والسندان فلا يستطيع الخروج من دوامة الصراع الفكري الملتهب الذي يتأجج باختلاف أفكار وثقافة كل جبهة. ولكن في حالة مني زكي وفيلم »احكي يا شهرزاد« الأمر مختلف لأن الساحة السينمائية استقبلت فيلما مثل »بوبوس« للزعيم عادل إمام والذي يمتلئ بمشاهد العري والقبلات والأحضان والإيحاءات الجنسية دون أن يطرح موضوعاً أو مبرراً درامياً لما نشاهده كما أن »التريلر« الخاص بالفيلم يحمل نفس المشاهد التي توضع لجذب الجمهور والتي تزيد حدتها عن المشاهد التي شاهدناها في إعلان »احكي يا شهرزاد« ولم نر شخصا واحدا قام بإنشاء جروب لمقاطعة فيلم »بوبوس« حتي الآن، فالهدف من الحملة التي انتقلت سريعاً من الفيس بوك لصفحات الجرائد لا يتعلق بالمشاهد الساخنة لأن أصحاب الجروب لم يبادروا بإنشائه لأفلام مثل »بدون رقابة« مثلا الذي عرض في الموسم السابق وحقق إيرادات عالية باستخدام العري المجاني ومشاهد الشذوذ الجنسي والإسفاف المبالغ فيه لجذب المراهقين من جمهور السينما كما أن »التريلر« الخاص بفيلم »بدون رقابة« منع من العرض في بعض القنوات الفضائية نظراً لجرأته المفرطة وعدم تناسبه مع طبيعة الفضائيات التي تغزو البيوت العربية ولسنا مع المشاهد الجنسية أو ندافع عن مني زكي لشخصها، ولكن الفيلم الذي من المنتظر عرضه غداً يحمل أسماء الكاتب »وحيد حامد« الذي نتوقع أن يقدم عملاً فنياً متميزاً إذا اعتمدنا علي تاريخه المشرف في الكتابة للسينما كما يأتي التعاون الأول له مع مخرج صاحب فكر خاص مثل يسري نصر الله الذي قدم العديد من الروائع التي يمكن تصنيفها عالميا لأنه يقدم سينما للسينما، لا سينما بأهداف تجارية، وهو ما يجعلنا ننتظر هذا العمل بتشوق بالغ لما يحمله من أفكار لا نستطيع الحكم عليها الآن أو تصنيفها بأي شكل من الأشكال، ولكن المؤكد في هذه الحملة أن هناك أيادي خفية تحركها علي صفحات الجرائد خاصة ضد مني زكي تحديداً في محاولة لتشويه صورتها النضرة والتي قد تتغير في أنظارنا إذا ما قدمت عملا هزيلا في فيلمها الجديد، ولن يكون الفيلم سواء جاء سيئاً أو جيداً مبرراً للدخول في العلاقة الشخصية التي تربط بين مني وزوجها أحمد حلمي لتمسها الشائعات التي تعمل علي تحريض حلمي ضد مني ومن المعروف في الوسط الفني كغيره من الأوساط أن العداءات الشخصية قد تكون محركاً لضغائن البعض من نجاحات البعض الآخر. فالقضية ليست قضية جروب علي الفيس بوك لأن عدد أعضاء هذا الجروب لم يتعدوا الثمانية منذ إطلاقه وحتي الآن ولكن هناك أيادي خفية تستثمر رفض المجتمع لقفز السينما فوق العادات والتقاليد للحكم علي ممثلة مثل مني زكي بالإعدام في عيون جمهورها قبل أن تقدم دفاعها من خلال أداء راق للشخصية التي لا نعرف عنها الكثير حتي الآن، كما أن الممثل صنيعة كاتب ومخرج ولا يرتجل مشاهده في العمل السينمائي فلماذا لم يطلق اسم وحيد حامد أو يسري نصر الله علي الجروب؟ ولا يمكن النظر للجروب علي أنه خطر كبير علي الفيلم تسويقيا، ولكن قد يأتي بنتيجة عكسية، خاصة مع قيام المخرج أمير رمسيس بإنشاء جروب مضاد يحمل عنوان »معا لنساند مني زكي وفيلم احكي يا شهرزاد« انضم إليه نحو ألف شخص حتي الآن وهو ما نحيي أمير رمسيس عليه ونؤيده في التأصيل لحق الفنان في حرية التعبير.