ينكب مزارعو البقاع على كتف السلاسل الجبلية المغطاة بالثلوجعلى إنهاء تمديد أنابيب الري في أراضيهم التي تروى من مياه الآبار الجوفية. ومع مد الشبكات يستنفد المواطنون المزيد من المياه الجوفية «التي فقدت أكثر من ثمانين في المئة من مخزونها الجوفي في لبنان»، وفق تحذيرات دأب على اطلاقها رئيس مصلحة الابحاث العلمية الزراعية في تل عمارة الدكتور ميشال افرام. ويشير د. افرام ل جريدة السفيراللبنانية إلى احتمال تعرض اكثر من ستين في المئة من مساحة لبنان لخطر التصحر، معتبرا أن لبنان شهد من العام 1993 حتى العام 2003 طقساً جافاً، وأن فيضانات العام 2003 عابرة لأن اعوام 2005 و2006 و2007 شهدت أيضا تدنيا في معدل الامطار. ويلفت افرام إلى أن المتساقطات المطرية للعام الحالي جيدة، «لكنها لم تقض على خطر الجفاف ولم تغيّر في الحقائق المناخية التي تؤكد ان لبنان من اكثر المناطق تعرضا للجفاف والتصحر في ظل هدر اكثر من تسعين بالمئة من المتساقطات المطرية، وافتقاد لبنان للسدود والبرك المائية التي تحفظ المياه السطحية باستثناء بحيرة القرعون». ويطالب افرام بالإسراع في الحد من الآثار السلبية للتغيير المناخي الذي يعيشه لبنان في ظل تأكيد أكثر من تقرير احصائي أن لبنان من اكثر البلدان تأثرا في الشرق الاوسط وافريقيا بالعوامل السلبية الناتجة عن التغيير المناخي «فالأولوية تتطلب وضع خطة طوارئ تلحظ العمل على ترشيد استعمال المياه والتحول الى زراعات اقل استهلاكا للمياه الجوفية، علما بأن لبنان قد استنفد أكثر من سبعين في المئة من مخزونه الجوفي»، مشيرا إلى أن ما يتبقى من مياه غير مهدورة لا يتجاوز نسبته عشرة في المئة من المتساقطات المطرية التي يستهلك 65 في المئة منها في الزراعة، في حين يستهلك القطاع الصناعي 24 في المئة ويبقى سبعة في المئة للاستهلاك. واعتبر افرام في محاضرة جامعية في زحلة ان الانحباس الحراري الذي يعيشه العالم يؤدي بشكل واضح الى تطرف في العوامل المناخية والى اختفاء فصلي الخريف والربيع وتأخر في هطول المتساقطات المطرية التي بدأت تتركز في فترة قصيرة في ظل تكدس الغيوم دون أمطار بالإضافة إلى تقلص ظاهرة الندى الصيفي وازدياد ظاهرة الجليد. الاخطر وفق ما يقول افرام أن الاحتباس الحراري والتغيير المناخي يحولان الامراض العادية الى امراض خطيرة والى نقص في الانتاج الزراعي الغذائي الذي انخفض حوالى 15 في المئة عن مستواه ونسبته العالمية لافتا إلى أن العنصر الأساسي للخلافات السياسية في مستقبل العالم اجمالاً والشرق الاوسط خصوصاً هو المياه. ويعدد افرام مخاطر انخفاض كمية المتساقطات المطرية التي تبدأ من طقس جاف امطار قليلة خطر على الزراعة طعام اقل، تضاؤل مساحة الأماكن الصالحة للسكن زيادة التلوث خاصة تلوث المياه ولا سيما انه يرمى حوالى 450 كيلومترا مكعبا من المياه المبتذلة في مجاري الأنهر سنوياً، ويلزمها ستة آلاف كيلومتر مكعب من المياه العذبة للتخفيف من حدة التلوث. وعن خطة العمل الوطني لمكافحة التصحر، يقول افرام انه تجب «زيادة الرقعة الخضراء وحماية الغابات وتفعيل قانون المحميات وإدارة المياه واستعمال نظم الري الحديث وتخطيط استخدام الأراضي وتنمية ريفية مستدامة واستخدامات زراعية غير مكثفة واستخدام تقنيات حصاد الامطار وزيادة مساحة المسطحات المائية للتقليل من نسبة جفاف الهواء والمحافظة على التنوع البيولوجي وتشجيع عمل البلديات وهيئات المجتمع المحلي. ويلخص افرام الحلول المطلوبة لمواجهة التصحر بزيادة المساحة الخضراء والحد من قطع الغابات والاستفادة من مياه الامطار عبر البرك والسدود والتخفيف من التلوث المتأتي عن الأسمدة والأدوية وتنظيم استعمال المياه الجوفية والتحول إلى زراعات مقاومة للجفاف وتنظيم استعمال مياه الزراعة الصناعة والمنازل وتكرير المياه المبتذلة.