رمضان شهر الروحانيات والتواصل الأسري تحرص الأسر فيه علي الزيارات العائلية والإفطار الجماعي ويبدو أن التغيرات التي يشهدها المجتمع جعل العادات من الماضي ولم يعد يتمسك بها سوي قلة بسيطة في الريف المصري والمناطق الشعبية حيث سيطر ارتفاع ايقاع الحياة السريع علي المصريين الذين اعتمدوا علي الرسائل والاتصالات الهاتفية والعزومات التيك واي مما تسبب في ضياع بهجة رمضان التي كان يشعر بها الناس قديما. يقول طلعت أسعد صاحب محل بوسط البلد هذا هو العام الثاني علي التوالي الذي يأتي فيه شهر رمضان مع العام الدراسي مما يشكل أعباء إضافية علي ميزانية الأسرة.. وأضاع علينا بهجة وفرحة رمضان حيث نسينا أهالينا ولم نعد نتبادل الزيارات معهم مثل زمان..ويؤكد سلطان علي كامل عامل علي أن الريف المصري مازال متمسكا بالعادات والتقاليد التي تمثل ترابطا كبيرا حيث العزومات في بيت كبير العائلة ورب الأسرة.. ولكن حاليا بعد غلاء المعيشة تحولت تلك العادات إلي ماضي حيث يكتفي الأقارب بمكالمة وإن تمت..ويقول محمد أبوحجاج طالب بأن الأسرة العاملة لم تعد تشعر "بنسايم" رمضان لأن الزوجة تعود متأخرة من العمل وتقوم بإعداد الإفطار.. وبعد المغرب تبدأ حرب الحسابات لمتطلبات الأسرة التي نسيت عادات زمان الجميلة. ويري عبدالإله البشري "محامي" بأن تراجع الوازع الديني هو السبب وراء تراجع تلك العادات الجميلة التي كانت تحرص عليها الأسرة زمان وظهور عادات بديلة حيث نري الشباب وسط البلد يدخن الشيشة ويتبادلوا الرسائل والمكالمات علي الموبايل بدلا من الزيارات العائلية..ويقول سعيد قرني موظف بأن ضغوط الحياة هي السبب وراء تراجع عادات زمان الجميلة. ويوافق الرأي رباب عبدالرءوف ورضوي حسين طالبات بمعهد الإنتاج الحربي حيث ترين بأن الغلاء وعدم قدرة الأسر علي تلبية حاجات أبنائهم هو السبب في عدم إحياء العادات القديمة وخاصة تبادل الزيارات والعزومات خلال الشهر الكريم. ويؤكد عطا بهنس موظف بأن الخيم الرمضانية والجلوس أمام الانترنت والتسكع في المولات والمحلات أصبح بديلا عن العزومات واللقاءات العائلية. وتشير فوزية الملوش ممرضة إلي أن الأسرة قديما كانت أكثر ترابطًا ولكن الآن أصبحت العلاقات الاجتماعية لا تعدوا أن تكون تبادل للمكالمات التليفونية بسبب صعوبة الحياة وغلاء الأسعار. ويرجع رجال الدين ذلك إلي انشغال الناس بالبحث عن أرزاقهم.. فيقول الشيخ صفوت حميد مدرس بالأزهر الشريف بأن انشغال الآباء والأمهات في أعمالهم والأبناء أمام الانترنت حرمنا من الكثير من العادات الجميلة خلال الشهر الكريم وخاصة فيما يتعلق باللقاءات الجميلة في المساجد حيث تراجعت الروحانيات أمام الماديات التي سيطرت علي الكثير من الناس ويجب العودة إلي تلك الروح الجميلة التي يكثر فيها الخير خلال ذلك الشهر الجميل وخاصة البر بالأقارب والإحسان إلي المحتاج منهم لأنه شهر الرحمة والمودة. ويشاركه الرأي أيضا الشيخ سيد العراقي مستشار مجمع البحوث الإسلامية حيث يعتقد بأن الماديات وإيقاع الحياة السريع والبحث عن الرزق بشكل متواصل يحرم الناس من الاستمتاع بروحانيات الشهر الفضيل حيث كان يحرص الناس علي إعطاء جزء كبير من وقتهم للعبادات والتواصل الأسري. ومن جانبهم يرجع علماء الاجتماع تراجع الكثير من العادات الجميلة إلي ارتفاع الأسعار والحرب التي يقودها رب الأسرة لتوفير المستلزمات الضرورية للحياة وتؤكد الدكتورة نادية رضوان أستاذ علم الاجتماع بالقاهرة علي أن الفقر والبطالة شغلا الأسرة المصرية بحالها وجعلها تنكفيء علي ذاتها مما تسبب في اختفاء عادات جميلة كانت تخفف من الأمراض الاجتماعية للأسرة المصرية وخاصة المتعلقة بالزيارات العائلية..ويري الدكتور عبدالمطلب عبدالحميد نائب مدير أكاديمية السادات للعلوم الإدارية بأن الميل العالي للاستهلاك لدي الأسرة المصرية جعل الكثير من العادات القديمة السابقة وخاصة تلك التي تقوم علي مساعدة الغير وتختفي بعدما سيطرت العادات الجديدة والخدمات الجديدة والرفاهية الجديدة علي الجيل الحالي. ويؤكد إسماعيل شلبي خبير اقتصادي علي أن سيطرة الجانب المادي الاستهلاكي علي الجانب الروحي الاجتماعي للأسرة المصرية حاليا جعل الكثير من العادات القديمة الجميلة تختفي وخاصة في شهر رمضان الكريم مثل الزيارات والعزومات وذلك لحساب النزهات في المحلات والمولات.