لم يكن انفاق الشركات مئات الملايين من الدولارات لرعاة أولمبياد بكين هباءً، لكنه ابقى العلامات التجارية للرعاة تحت الأضواء على مدى 16 يوما، مما يفتح ويدعم موطيء قدم لهم في السوق الصينية الهائلة. وأموال الرعاية جانب عظيم الأهمية من الاولمبياد وتشير تقديرات الى أنها مثلت ثلث ايرادات دورتي 2001 و2004 غير أن الرعاة البالغ عددهم نحو 60 ركزوا على الدولة المضيفة الصين مثل تركيزهم على دورة الالعاب نفسها. وتشير استطلاعات أولية الى أن تعرف المستهلك الصيني على الشركات الراعية للاولمبياد قد زاد، كما أصبح المستهلكون الصينيون أكثر استعدادا لشراء منتجات الشركات الراعية. ورغم الاحتجاجات على طول مسار تسليم الشعلة الاولمبية ودعوات وجهتها منظمات حقوق الانسان للشركات من أجل مقاطعة اولمبياد بكين إلا أن الألعاب الاولمبية التي استمرت من 8 حتى 24 اغسطس/ اب 2008 مضت بسلاسة وهو ما صب في مصلحة الرعاة. وهو ما أكده جيهيون كوون مدير التسويق الرياضي لدى سامسونج الكترونيكس، وهي إحدى 12 راعيا دوليا دفع كل منهم 72 مليون دولار في المتوسط لحقوق الرعاية في دورتي بكين والالعاب الشتوية 2006 في تورينو، قائلا إن شركته جنت من الرعاية نجاحا كبيرا خاصة ومع عدم حدوث مشكلات كبرى بالدورتين. ووافقه في الرأي مايكل لينش مدير الرعاية العالمية لدى مؤسسة فيزا وهي احدى الرعاة ال12 أيضا، مشيدا بالمتابعة العالمية للأولمبياد حيث بلغت معدلات المشاهدة التلفزيونية أرقاما تاريخية كالتي سجلها الرياضيون. ويأتي هذا التركيز على الصين في وقت تبرز فيه الدولة الشيوعية كقوة اقتصادية عظمى تتوق لإظهار وجهها الحديث، وهو ما تجلى بسبب تأثر القوى الاقتصادية الراسخة في الغرب بتباطؤ اقتصادها. وعلاوة على جذب المستهلك الصيني، انتهزت الشركات الفرصة لبناء علاقة ود مع بعض أهم عملائها في العالم وهي الحكومة الصينية المتعطشة لموارد الطاقة وشركاتها. فعلى سبيل المثال كانت عملاق التعدين الانجلو استرالية "بي.اتش.بي بيليتون" راع بدون علامة تجارية استهلاكية ولكن من أجل الرغبة في دعم العلاقات الطيبة مع الصين أكبر عملائها. وهو ما ينسحب على شركة كوكاكولا المهتمة بالحصول على حق رعاية الدورات الاولمبية حتى عام 2020، لتطلعها لتعزيز مبيعاتها في الدولة الاسيوية على المدى البعيد، خاصة وأن الصين تعد رابع أكبر أسواقها على الاطلاق. وتوصلت شركة "سي.اس.ام" لبحوث الاعلام من رصد وتحليل ردود فعل المستهلك الصيني إزاء الشركات الراعية للاولمبياد منذ عام 2006، الي ان أولمبياد بكين مثلت نجاحا فائقا للرعاة. ومن الصعب على الشركات تحديد حجم العائد من الرعاية غير أن جميعها عبر عن الارتياح إزاء اتخاذ اللجنة الأولمبية الدولية وبكين إجراءات صارمة ضد استغلال شركات للعلامات التجارية لشركات منافسة. ولم يتوقع الرعاة أو خبراء التسويق أن يثني التباطؤ المتوقع في الاقتصادات العالمية الشركات عن رعاية الاولمبياد، وكثير من الرعاة مهتم بحقوق الرعاية في المدى البعيد. غير أن خبراء التسويق قالوا ان الرعاة سيكونون بحاجة الى تبرير مشاركاتهم ماليا وضمان أن تكون الاولمبياد مناسبة لترويج علاماتهم التجارية. وأعلنت شركتا "كوداك" و"لينوفو" بالفعل أنهما لن تمولا اولمبياد لندن 2012 حيث ترغبان في تركيز جهودهما التسويقية في مناطق أخرى كما لم تجدد شركتا جونسون اند جونسون ومانولايف التزامهما برعاية الاولمبياد. وقال ايفان مورجنشتاين من مجموعة برميير مانجمنت التي يحصل رياضيوها على تمويل من الشركة ان من الصعب بالنسبة لشركات الرعاية الخروج بمكسب مادي من الأولمبياد لكن الإغراء لا يقاوم اذا كانت الدورة مناسبة لترويج العلامة التجارية. (رويترز)