سلط التحقيق الاسرائيلي في "مزاعم احتيال وفساد" الاضواء على كيفية قيام ايهود أولمرت رئيس الوزراء الاسرائيلي حين كان رئيسا لبلدية القدس بجمع الاموال من الاثرياء اليهود الامريكيين ،ولم يسلط الأضواء على روابط مالية مثمرة أقامها اولمرت مع مسيحيي الولاياتالمتحدة "الانجيليين"، وهي علاقات شابها التوتر حين بدأ رئيس الوزراء الاسرائيلي محادثات مع الفلسطينيين يمكن أن تنتهي باعادة أجزاء من القدس الى العرب. وتركزت تحقيقات الشرطة الاسرائيلية على مزاعم عن تلقي اولمرت أموالا نقدية في مظاريف من رجل الاعمال الامريكي اليهودي موريس تالانسكي الذي يقوم محامو أولمرت باستجوابه غدا الخميس الموافق 17 يوليو/تموز2008 .ولم يشر المحققون الى اي أخطاء في معاملات اولمرت مع الكنائس ومع جماعات اخرى ،والتي وفقا لسجلات امريكية واسرائيلية اطلعت عليها رويترز، حولت ملايين الدولارات الى مؤسسة خيرية رأسها أولمرت حين كان رئيسا لبلدية القدس. لكن التحقيق في "تبرعات الحملات الانتخابية" النقدية من جانب تالانسكي الذي عمل أمينا لخزانة الذراع الامريكية لهذه المؤسسة جذب الانتباه الى كيف كسب اولمرت التأييد المسيحي ثم خسره حين فتح الباب أمام تقسيم القدس بعد ان قاد الحملة ضد التقسيم حين كان رئيسا لبلدية المدينة طوال عشر سنوات وحتى عام 2003 . وجمع اولمرت نحو 70 الف دولار لمؤسسة القدسالجديدة في مناسبة واحدة لجمع الاموال من المسيحيين الامريكيين في دالاس عام 2002 . لكن في العام الحالي ،أعرب الزعيم المسيحي الانجيلي الذي ساهم في تنظيم تلك المناسبة عن "غضبه" من بدء اولمرت محادثات مع الفلسطينيين بشأن تقسيم القدس في اطار عملية السلام التي رعتها الولاياتالمتحدة في "انابوليس" وتعهد "ببذل كل ما في سلطته" لمنع ذلك. ويؤمن كثيرون في الحركة الانجيلية التي ساعدت في انتخاب الرئيس الامريكي جورج بوش بأن الكتاب المقدس تنبأ بقيام دولة اسرائيل وسيطرة اليهود على الاماكن المقدسة في القدس في اطار العد التنازلي لنهاية العالم بما في ذلك معركة أرمجيدون والعودة الثانية للمسيح.والرئيس بوش نفسه هو "مسيحي ولد من جديد" ، قال للكنيست الاسرائيلي في مايو/ ايار ان اليهود "شعب الله المختار"، لكنه ألقى أيضا بثقله خلال عامه الاخير في الرئاسة الامريكية وراء قيام دولة فلسطينية يطالب زعماؤها بالقدسالشرقية عاصمة لدولتهم. وقبل ان يتولى أولمرت رئاسة الوزراء عام 2006 جمع أموالا كثيرة من المسيحيين الذين سمعوه وهو يتعهد بالاحتفاظ بالسيطرة اليهودية على كل القدس وهي مدينة يقدسها المسيحيون واليهود كشرط- كما يؤمن البعض- لاحلال السلام بما يتفق مع رؤية الكتاب المقدس.وقال ديفيد بارسونز من منظمة السفارة المسيحية الدولية في القدس التي تدعو للتعاون بين المسيحيين الانجيليين واسرائيل "اولمرت ... أدرك الامكانية الهائلة للتأييد المسيحي لاسرائيل وسعى للنهل منه." لكن رئيس الوزراء الاسرائيلي أغضب المؤيدين السابقين حين استأنف برعاية "بوش" المحادثات مع الفلسطينيين في انابوليس بماريلاند في نوفمبر/ تشرين الثاني 2007.وتتهدد المخاطر هذه المحادثات اذا استقال اولمرت وهي خطوة قال إنه سيقدم عليها اذا وجهت له اتهامات رسمية في مزاعم الاحتيال.وينفي رئيس الوزراء ارتكابه اي أخطاء ويلقي مساعدوه باللائمة في المشاكل التي تحاصره على معارضين لمفاوضات السلام لم يحددوهم بالاسم. وظهرت قضية القدس في حملة انتخابات الرئاسة الامريكية وأخذ كل من المرشح الديمقراطي باراك اوباما والمرشح الجمهوري جون ماكين في التودد للناخبين اليهود والمسيحيين وهو ما فتح الباب أمام الجدل..فحين حاول اوباما التودد للديمقراطين اليهود وقال إن القدس "يجب ان تظل غير مقسمة" ،احتج الزعماء الفلسطينيون قائلين إنه يصادر نتائج المفاوضات، وعاد أوباما وقال انه استخدم "تعبيرا ركيكا".كما تعثرت حملة ماكين لكسب تأييد المسيحيين الانجيليين الجمهوريين حين اضطر لأن ينأى بنفسه عن جون هاجي الداعية المسيحي في تكساس بعد ان نقلت وسائل اعلام وجهة نظر هاجي القائلة بان "المحارق النازية" كانت ارادة الله حتى يهاجر اليهود الى اسرائيل. وينتقد بعض الاسرائيليين اولمرت لاحتضانه المسيحيين الانجيليين ومن بينهم "هاجي" الذي زار رئيس الوزراء الاسرائيلي في القدس في ابريل/ نيسان..لكن اولمرت الذي وصف يوما المجتمع المسيحي بأنه الاقوى سياسيا في العالم لم يكن أول زعيم اسرائيلي يسعى وراء أموال المسيحيين الانجيليين لكنه كان من بين اكثرهم نشاطا في هذا المجال بعد انتخابه رئيسا لبلدية القدس عام 1993 . وترجع صلة اولمرت بالمسيحيين الانجيليين الى برنامجه الانتخابي الذي طرحه حين سعى للفوز بمنصب رئيس بلدية القدس ودعا فيه الى بقاء المدينة المقدسة موحدة.ويتهمه الفلسطينيون بقيادة حملة لبناء مستوطنات يهودية حول القدس تفصل القدسالشرقية عن باقي اراضي الضفة الغربيةالمحتلة. وقد احتلت اسرائيل الضفة بما في ذلك القدسالشرقية في حرب عام 1967 . ورأس اولمرت مؤسسة القدسالجديدة التي تأسست عام 2000 لتمويل مشاريع خيرية في المدينة وتكشف سجلات وزارة العدل الاسرائيلية عن مساهمات كبيرة من جانب جماعات منها الزمالة الدولية التي جمعت نحو 500 مليون دولار لقضايا اسرائيلية ويهودية دفع معظمها مسيحيون. وفي اسرائيل، أعلنت مؤسسة القدسالجديدة التي يرأسها الان خليفة أولمرت كرئيس للبلدية في بيان لرويترز أن تحقيقات الشرطة لا تشملها وتصف الفرع الامريكي بأنه "كيان منفصل قانونيا" لم يخضع لاشرافها قط.وتظهر الوثائق العامة صلات بين الاثنين.وقال رعنان جيسين وهو مساعد رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق ارييل شارون: "الولاياتالمتحدة هي من أفضل البقر الحلوب في العالم، انت تجيء الى الولاياتالمتحدة وتحلب."وأضاف جيسين عن المسيحيين الانجيليين "المسألة ليست مسألة اموال فقط انه التأييد السياسي. نحن نتحدث هنا عن نحو 70 مليونا." وقد عرف اولمرت منذ زمن كمتحدث بارز في مناسبات جمع الاموال على ماّدب الغذاء والعشاء الامريكية. وتظهر السجلات العامة على سبيل المثال انه شارك في ثلاثة اجتماعات كنسية نظمتها جماعة تعرف باسم فريق الصلاة من أجل القدس التي يقول مؤسسها مايك ايفانز ان مهمته هي "حماية الشعب اليهودي... الى ان تصبح اسرائيل آمنة ويجيء المخلص الى صهيون." ومن عام 2002 وحتى عام 2004 جمع منظمو فعاليات جمع الاموال المسيحيون بقيادة فريق الصلاة من اجل القدس 239300 دولار من أجل مؤسسة القدسالجديدة.لكن علاقة اولمرت مع كثير من المسيحيين توترت..فقد قال قس شارك من قبل في فعاليات اولمرت لجمع الأموال "أعتقد انه تغير على مر السنين والسلطة تفعل ذلك:"لا اعتقد انه نفس ايهود اولمرت الذي عرفناه من قبل."ويقول جيسين ان المسيحيين الانجيليين لا يعارضون كل المحادثات لكنهم يعارضون بصرامة "التخلي عن ملكية مقدسة مثل القدس." والتقت مجموعة من الزعماء المسيحيين من بينهم جورج موريسون من كولورادو مع اولمرت في ابريل/ نيسان. ويقول موريسون "حين كان رئيسا للبلدية كان يجد في المسيحيين الانجيليين صديقا وكان المسيحيون الانجيليون يجدون فيه شخصا يتخذ موقفا قويا بشأن القدس." لكن الان يتساءل كثير من المسيحيين عما اذا كان على نفس موقفه؟"وفي اعلان تلاه موريسون باسم المجموعة التي ضمت ايضا هاجي وايفانز، أكد موريسون لرئيس الوزراء الاسرائيلي ان المسيحيين الانجيليين الأمريكيين يمكنهم ان يعبئوا انفسهم لمنع الرئيس بوش أو خليفته من الضغط على اسرائيل للتنازل عن اراض. وفي يناير/ كانون الثاني ،كشف ايفانز بوضوح عن رأيه في مؤتمر انابوليس وقال "ثار غضبي تماما حين سمعت ايهود اولمرت الذي عرفته طوال 26 عاما وهو يقف الى جوار الرئيس بوش ويعلن انه سيعمل على تنفيذ حل الوضع النهائي."وكتب على موقعه على الانترنت "هذا يعني تقسيم القدس. سوف أبذل كل ما في وسعي لمقاومة ذلك." القدس (رويترز) - اعداد /ادم انتوس واري رابينوفيتش