بعد سنوات طويلة من تدليل القطاع الخاص علي حساب المستهلك, قررت الحكومة وضع حد لهذا التدليل, حتي تواجه هذا الانفلات في الأسعار والأسواق, في ضوء الارتفاعات غير المسبوقة في الأسعار العالمية للغذاء, فأشهرت وزارة الصناعة والتجارة أسلحتها الأولية بوقف تصدير الأرز والأسمنت لمدة ستة أشهر, وتكثيف الحملات علي كبار التجارة ومصادرة السلع, وخفض التعريفة الجمركية لمستوي الصفر علي سلع ومكونات للمنتجات الغذائية المصنعة, بهدف خفض الأسعار. وفي نفس الوقت زيادة الدخول بمضاعفة العلاوة الاجتماعية من15% إلي30%. كما أعنها الرئيس مبارك أمس الأول. ومن ناحية أخري, أعدت مشروع قانون لتعديل قانون تنظيم المنافسة ومنع الاحتكار, لفرض عقوبات رادعة علي الممارسات الاحتكارية, وتقسيم السوق, إلي جانب إعداد مشروع قانون موحد للغذاء يسمح بإنشاء هيئة قومية لسلامة الغذاء في مراحل تداوله المختلفة من المزرعة ليد المستهلك الذي سيبحثه مجلس الوزراء قريبا لعرضه علي الدورة الحالية لمجلس الشعب. والسؤال: هل هذه الإجراءات والآليات كافية وقادرة علي ضبط حركة الأسعار والأسواق, والحد من العشوائيات الصناعية والتجارية وغش السلع؟!. في هذه المواجهة رصدنا الاتجاه الحكومي وموقف القطاع الخاص من خلال هذين الحوارين مع المستشار هشام رجب المسئول عن المطبخ القانوني لوزير الصناعة والتجارة, والمهندس طارق توفيق رئيس غرفة الصناعات الغذائية ممثلا للقطاع الخاص في أهم قطاعاته وهو الغذاء. فإلي المواجهة: بداية واجهنا وزارة الصناعة والتجارة بسؤال محدد عن آليات الحكومة ورؤيتها لضبط الأسعار بعد رفع العلاوة فكانت المواجهة مع المستشار القانوني هشام رجب مستشار وزير الصناعة والتجارة لماذا لم يشعر المستهلك حتي الآن بقرار خفض الجمارك علي العديد من السلع ومكونات الأنتاج للسلع الصناعية حتي الآن. الهدف من هذا القرار هو السماح بتوفير حد أقصي للمنافسة في السوق بما يتيح للمستوردين والتجار استيراد سلع أقل تكلفة لخفض أسعار السلع بالسوق, وبالتالي يحدث خفض في الاسعار بمقدار الخفض الذي حدث في التعريفة الجديدة, وهذا الاجراء أوصي به البنك الدولي لرفع الحواجز الجمركية أمام السلع الغذائية لخفض أسعارها عالميا. وحتي لايطمئن المنتج المحلي للتعريفة المانعة التي تحميه فالقرار يستهدف فتح المنافسة أمام الجميع ولكن علينا ان نعرف ان المنتجات الموجودة حاليا بالأسواق ستباع بالاسعار القديمة وتأثير القرار سيكون علي المنتجات التي سيتم استيرادها بعد ذلك. وفي رأيي ان هذا القرار سيوقف علي الأقل الارتفاع الحالي في الاسعار والانخفاض سيكون بمقدار الخفض في التعريفة.. ولكن.. كما حذرت تقارير البنك وصندوق النقد الدوليين.. فإن هناك أزمة عالمية في الغذاء تسببت في ارتفاع الاسعار العالمية, وأكثر الدول المتضررة منها هي الدول النامية التي يوجد بها نسبة كبيرة من محدودي الدخل والفقراء, والارتفاعات التي جرت علي أسعار الغذاء عالميا وصلت لمستويات غير مسبوقة, ولمواجهة هذه الازمة فإن الدولة تتحرك علي عدة مستوياتها لمواجهتها, منها زيادة دعم القمح والدقيق وزيادة مساحات القمح المزروعة وزيادة اعداد بطاقات التموين وتطبيق برامج مختلفة للدعم وفي نفسه الوقت تضغط علي منظمات الأعمال لزيادة رواتب العاملين بها والعمل علي زيادة الدخول بشكل عام عن طريق زيادة العلاوة الاجتماعية من15% إلي30% كما اعلنها الرئيس مبارك أمس الأول, كما ان وزارة الصناعة والتجارة تعمل علي الحد من دخول البضائع المهربة الأقل جودة التي تنافس المنتجات المحلية. في ضوء التحذيرات الدولية من استمرار ارتفاع الاسعار عالميا.. هل نحن في حاجة لاتخاذ اجراءات لضبط الأسواق ؟ عالميا.. بدأت أسعار بعض السلع الاساسية تنخفض, حيث بدأت أسعار الزيوت في الانخفاض, والقمح يتوقع انخفاض اسعاره في أغسطس المقبل وكذلك الدقيق, والدولة لو رأت ان هناك حاجة لاتخاذ أي اجراء لخفض الاسعار فسوف تتخذه في ذلك وقف التصدير. ماتأثير آلية فرض رسم الصادر ووقف التصدير المؤقت؟ علي الأرز والأسمنت في السوق؟ قال: قرار وقف تصدير الأرز لمدة6 أشهر اتخذ بعدما تبين ان قرار فرض رسم الصادر لم يحقق الأثر المطلوب لان أسعار التصدير كانت مغرية بسبب ارتفاع الطلب العالمي علي الأرز, وفي الوقت نفسه تنامي الطلب المحلي علي الأرز وكان الهدف زيادة المعروض المحلي لخفض الاسعار مما أدي بالفعل ألي خفض سعر طن الأرز الشعير نحو600 جنيه خلال24 ساعة وتراجع سعر كيلو الارز من4 جنيهات الي3.5 و3 جنيهات. الوزارة استخدمت آلية وقف التصدير نفسها مع الاسمنت ومع ذلك لم تحقق أثرا ايجابيا كما ان الطلب علي الاسمنت يستمر طوال العام لحركة التشييد؟ التجار يقولون ان اسعار الاسمنت انخفضت نحو15% وقرار وقف تصدير الاسمنت لمدة6 أشهر اتخذ لان المواد الأولية المحلية المستخدمة في صناعته رخيصة بالاضافة الي دعم الطاقة ورغم فرض رسم الصادر منذ فترة طويلة لتقليل الكميات المصدرة فإنه لم يحقق الغرض والأثر المطلوب للسوق, وخلال فترة الصيف يزداد الطلب علي الاسمنت وكانت مصر تصدر مابين250 و300 ألف طن في الشهر فتقرر توجيهها للسوق المحلية لتغطية حركة الانشاءات,أما بالنسبة لمدة القرار وهي6 أشهر فالقرارات الاقتصادية تتخذ بناء علي تطورات وظروف السوق وبالتالي لابد ان تراجع كل فترة. .. وهذه الآلية لماذا لم تطبق ايضا علي حديد التسليح رغم ارتفاع اسعاره؟ الوضع بالنسبة للحديد مختلف لأن70% من مكوناته تستورد من الخارج وتم فرض رسم صادر عليه, وبالفعل فكرنا في وقف تصدير الحديد إلا أننا اكتشفنا ان الكميات التي صدرت في الشهر الماضي كانت10 آلاف طن من اجمالي الكميات المطروحة بالسوق والبالغة445 ألف طن, أي ان النسبة2% فقط. أما الارتفاع الحالي في أسعار الحديد فيرجع الي سعر المكون الأساسي له وهو البليت المستورد من540 دولارا للطن إلي مابين850 و900 دولار للطن, بالاضافة إلي استغلال تجار الجملة للفرق بين سعر حديد عز وحديد الشركات الاخري والذي يصل الي600 جنيه لمصلحة حديد عز الذي يبلغ5000 جنيه فقام التجار برفع سعر حديد عز للمستويات السعرية للشركات الاخري. لكن حديد عز يستحوذ علي60% من السوق.. يعني أنه قادر علي التحكم في الاسعار.. ولماذا حديد عز أرخص من الآخرين؟ هذا الفرق البالغ600 جنيه يعود لميزة تنافسية لحديد عز, فهو لايستورد البليت مثل بقية الشركات المصنعة ولكنه يستورد مكونات الحديد بأسعار رخيصة ويعالجها ليحولها للبليت ولديه هذه الرخصة.. ولكن في التراخيص الجديدة لإنشاء مصانع الحديد حصلت أربعة مصانع علي هذه الميزة, وما أريد توضيحه ان التجار استغلوا هذا التباين في الأسعار.. وقاموا ببيع حديد عز بسعر5800 جنيه وهو سعر انواع الحديد الاخري نفسه فوجهت الوزارة انذارا لكبار التجار بالسوق وعندما لم يستجيبوا قرر الوزير تطبيق قرار تنظيم سوق الحديد وتم التحفظ علي1500 طن عند11 تاجرا بقيمة تبلغ نحو7 ملايين جنيه وكان اجراء موجها وتكررت هذه الكمية عند تاجر واحد. علي أي أساس قانوني تمت مصادرة كل هذه الكميات؟ علي أساس انهم لم يعلنوا عن اسعار بيع الحديد ولم يمسكوا دفاتر عن الكميات التي تسلموها اسبوعيا ولا فواتير ويعتبر ذلك مخالفا لقرارات تنظيم السوق الخاصة بتداول الحديد, فهناك جشع في هامش الربح. هل يحدد القانون هامش ربح محددا للتاجر يضاف علي سعر الشراء من المصنع؟ القانون لا يحدد.. لأنه لا يوجد تسعيرة, لكن المتعارف عليه بين التجار انه تتم اضافة200 جنيه علي سعر المصنع ويشمل ذلك تكاليف النقل وهامش الربح, ولكن هذا الهامش قفز الي1500 جنيه في الطن الواحد, ولذلك كان لابد من هذه الحملات الموجهة بعد ان تراوح متوسط هامش الربح بين800 و1000 جنيه في الطن. من ناحية أخري, فإن الوزارة طلبت من شركات الحديد أن تبلغ الموزع بالحد الأقصي لسعر البيع للمستهلك وأن يتنافس التجار فيما دون هذا الحد الأقصي فالشركة هي التي تعرف التكلفة المناسبة لانتاجها لأن هناك تباينا في التكلفة بين المصانع وبالتالي فإن الشركات أو المصانع هي التي تراقب الاسعار بالسوق. هل يعني ذلك وجود اتفاق بين الوزارة والمصانع علي الأسعار؟ قال: لايوجد اتفاق.. لان الاتفاق ان أحدد مع الشركة السعر لكنني أطلب من الشركة ان تبلغ الموزع بالحد الأقصي لهامش الربح بعد حساب التكلفة وان يكون هذا السعر والحد الأقصي معروفا لدي المشتري والهدف من هذا الاجراء منع التلاعب في السوق. الواضح ان النصوص والعقوبات الواردة في قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية غير كافية.. كيف يعالج التعديل المقترح هذه المشكلة المتفاقمة بالسوق؟ بزيادة الغرامة علي الاتفاقات الضارة بالمنافسة وتجريم عدم تنفيذ قرارات الجهاز بإزالة المخالفة أو بوقف الممارسة المحظورة وذلك بزيادة الحد الادني للغرامة الي100 ألف جنيه, والحد الأقصي الي50 مليون جنيه أو10% من قيمة مبيعات المنتج محل المخالفة أيهما أكبر ومضاعفة العقوبة بحديها في حالة العودة وهو نفس نهج التشريعات في سويسرا وهولندا وايطاليا وايرلندا, وهذا يعني ان قيمة العقوبة يمكن ان تصل لنحو300 مليون جنيه لبعض الشركات. في مواجهة انتشار غش السلع, خاصة الغذائية.. هل الاجراءات الجنائية الحالية كافية؟ بدأت الوزارة في الاعلان عن أسماء الشركات المخالفة التي تمثل مخالفاتها ضررا علي الصحة العامة للمستهلكين كأن يكون منتجها ضارا بصحة الانسان, وذلك بناء علي تقارير معامل وزارة الصحة,وهي الجهة المرجعية قانونا, ويتم ذلك بالتنسيق مع غرفة الصناعات الغذائية,فهناك معايير للجودة ولجهاز حماية المستهلك الحق في ضبط هذه المخالفات, حيث تبين في مسألة شركات المياه المعبأة وجود مياه ملوثة. وبالنسبة لحالة شركة ألبان أطفال المدارس والتناقض في التقارير؟ الاعتماد كان علي تقارير وزاره الصحة من البداية وعموما هناك3 وزارات تراقب الغذاء في مصر هي: التجارة والصناعة والزراعة والصحة, بالاضافة إلي وجود نحو17 جهة رقابية ومن هنا تم اعداد مشروع قانون بإنشاء هيئة قومية لسلامة الغذاء أرسل من الوزارة لمجلس الوزراء تمهيدا لإرساله لمجلس الشعب لإصداره ويتضمن مشروع القانون مجلس امناء للهيئة يضم وزراء الصناعة والتجارة والصحة والزراعة والسياحة, كما سيكون للجهاز مجلس ادارة يضم ممثلين عن هذه الوزارات وعن الغرف التجارية والصناعية وخبراء في الصناعات الغذائية وستقوم هذه الهيئة بتوحيد اجهزة الرقابة في جهاز واحد, حيث سيراقب مراحل تداول الغذاء من المزرعة للمستهلك وفق قواعد معتمدة ومن حقه انشاء معامل خاصة به, وستضم امكانات كل هذه الاجهزة الرقابية ومخصصاتها المالية للجهاز الجديد وسيكون للعاملين فيه حق الضبطية القضائية وان كان هذا الجهاز لن يلغي دور مباحث التموين التي لها صفة الضبطية القضائية لان الضبط القضائي لذوي الاختصاص العام وارد بقانون الشرطة.