احتفلت السينما المصرية عام 1996 بالذكرى المئوية حيث عرض فيلم بأحد المقاهي بمدينة الاسكندرية الساحلية عام 1896 ولم يشهده مصريون. لكن عام 2007 شهد عدة ندوات "رسمية" بالقاهرةوالاسكندرية للاحتفال بمئوية السينما المصرية استنادا الى ما ذهب اليه باحثون مصريون من قيام أجانب مقيمين في البلاد بتصوير أول فيلم بمصر عام 1907 على يد عزيز ودوريس. لكن الباحث المصري محمود علي يثبت في كتابه (فجر السينما في مصر) أن هناك تاريخا أسبق بنحو عامين للتصوير في مصر وأن هناك جنديا مجهولا في هذه الاحتفالات وهو الفرنسي لاجارين الذي صور أفلاما وثائقية في مدينة الاسكندرية في مارس/ اذار 1905 بعنوان (في شوارع الاسكندرية). كما يسجل تاريخا اخر استنادا الى ما كتبه محمد يونس القاضي (1880-1969) وهي "شهادة على أول فيلم صور في مصر" حيث كتب القاضي عام 1939 أن أول فيلم صور في مصر عام 1904 "وهو فيلم طلعة المحمل بالقلعة" لكن مؤلف الكتاب يستدرك منبها الى أن "أطياف ذكريات" القاضي وحدها لا تكفي في مثل هذا التأريخ العلمي. والقاضي هو شيخ المؤلفين ولحن له سيد درويش (1892-1923) أعمالا منها (زوروني كل سنة مرة) و(بلادي بلادي) وهو النشيد الوطني لمصر. ويقع كتاب (فجر السينما في مصر) في 192 صفحة وصدر عن المهرجان القومي الرابع عشر للسينما المصرية الذي يختتم أنشطته الاربعاء في دار الاوبرا بالقاهرة باعلان الجوائز التي يتنافس عليها 122 عملا متنوعا منها 30 فيلما روائيا طويلا. ويقول مؤلف الكتاب ان أول عرض سينمائي بمصر شهدته مدينة الاسكندرية الساحلية في الخامس من نوفمبر تشرين الثاني 1896 ثم شهدت القاهرة أول عروض السينما يوم 28 من الشهر نفسه. ومن عروض السينماتوغراف بالاسكندرية (المتصارعون) و(أهالي مدغشقر) و(رقصة الكانكان) و(خلع الثياب) و(غابة بولونيا). ويضيف ان مندوبي الصحف أبرقوا الى القاهرة يصفون عروض السينماتوغراف "هذا الاختراع العجيب" وان هذا التمهيد الصحفي جعل ديللو سترولوجو -صاحب امتياز العرض في مصر- يقرر تقديم العرض في القاهرة يوم 28 نوفمير 1896 في صالة (حمام شنيدر) على بعض النخبة وهم "جماعة من أهل الذوق ورجال الادب يتقدمهم سعادة محافظ العاصمة فراقهم ما رأوه من الصور المتحركة حتى خيل لهم أنهم يرون أمامهم أشباحا متحركة وأجساما حية لا ينقصها الا الصوت" كما ذكرت صحيفة (المقطم) انذاك. وينقل عن الصحيفة نفسها أن صاحب الصالة "عازم على تعيين يوم للحريم فقط دون غيرهن وجعل ذلك اليوم تحت رعاية سعادة المحافظ" وخصص يوم الجمعة للنساء ثم زادت أعداد حفلاتهن لتصبح معظم أيام الاسبوع قبل العروض اليومية بساعة ثم انتقلت العروض الى مسرح الازبكية وغيره من المقاهي والاماكن العامة. ويضيف أن "قصر القبة أقيم فيه عرض خاص بمرأى حضرة دولتو عصمت والدة الجناب الخديو وحضرة دولتو عصمتلو الحرم المصون" حيث كان يحكم مصر انذاك الخديو عباس حلمي الثاني (1892-1914) كما نظم في قصر عابدين وهو مقر الحكم عرض خاص بالخديو الذي أثنى على سترولوجو قائلا انه شاهد السينماتوغراف في باريس "فلم تكن أكثر اتقانا مما شاهده هنا". ويقول علي ان مصر كان بها أكثر من الة عرض سينمائية غير جهاز لوميير وأن عروض السينماتوغراف لم تختف بين عامي 1898 و1904 بل استمرت بصور متفرقة كما كان مسرح اسكندر فرح ( سينما أولمبيا فيما بعد) في شارع عبد العزيز بالقاهرة " الحضانة الرئيسية لعروض القاهرة كنمرة تقدم مع عروض الشيخ سلامة حجازي المسرحية ثم تحول المسرح الى عروض سينماتوغرافية مستقلة" بعد أن ترك سلامة (1852-1917) مسرح اسكندر فرح. ويضيف أن سينما أولمبيا "أقدم سينما في مصر ان لم يكن في العالم" كانت نقطة جذب للمصريين لمشاهدة هذا الفن الجديد ثم زاد عدد صالات العرض السينمائي عام 1917 ليصل الى نحو 50 دار عرض. (رويترز)