بفوزها في الانتخابات التمهيدية في بنسلفانيا نجحت هيلاري كلينتون المرأة التي لا تستسلم ابدا، في انقاذ ما هو اساسي لمتابعة حملتها، بدون ان تحقق فوزا كاسحا على منافسها باراك اوباما. فسناتورة نيويورك البالغة من العمر 60 عاما فازت في الانتخابات التمهيدية التي كان لا بد ان تكسبها للحفاظ على فرصها في تحقيق طموحاتها الرئاسية. وخاطبت بابتسامة عريضة انصارها في فيلادلفيا : "اليوم هنا في بنسلفانيا اسمعتم صوتكم عاليا وبفضلكم يتحول اتجاه الريح". لكن هذا النجاح قد لا يكون كافيا للتعويض عن تأخر الأميركية الأولى السابقة التي تطمح اإى أن تصبح اول سيدة للبيت الابيض. وللاحتفاظ بقاعدتها الانتخابية المتمثلة بالبيض وخصوصا المسنين والذين لا يحملون شهادات جامعية، قامت كلينتون في بنسلفانيا بحملة دعائية مكثفة تضمنت اشرطة الفيديو اثارت انتقادات كبيرة من قبل منافسها اوباما. وان كانت اقرت بان منافسها يمكن ان يهزم المرشح الجمهوري جون ماكين في الانتخابات الرئاسية، فذلك لتضيف بانها ستكون رئيسة افضل من الاثنين معا. وخلال حملتها ضبطت كلينتون في الجرم المشهود لاختلاقها القصص. ففي تشديدها على تجربتها روت كيف تعرضت لاطلاق نار قناصة اثناء زيارة الى توزلا خلال حرب البوسنة في 1996، لكن الصور التي بثت في تلك الاونة كذبت الامر اذ اظهرت استقبالا سلميا ولا اثر لوجود قناصة. كما ضبط كبير خبراء الاستراتيجية في فريقها مارك بن وهو يمارس ضغوطا لصالح كولومبيا من اجل توقيع اتفاق حرية التبادل التجاري الذي تعارضه هيلاري كلينتون. وقد اضطرت للتخلي عن مستشارها. وهذا ما وضعها من جديد في موقع دفاعي خصوصا وان زوجها الرئيس السابق بيل كلينتون كان في الماضي مدافعا متحمسا عن هذا الاتفاق. وقد غذى هذان الامران الشكوك في مقولة ان الغاية تبرر الوسيلة بالنسبة للزوجين كلينتون. وركزت هيلاري كلينتون السناتورة الناجحة وزوجة بيل كلينتون المخدوعة حملتها على كفاءاتها وخبرتها في مواجهة ما يتمتع به منافسها باراك اوباما من شباب وحضور قوي وجاذب. وكانت حملتها الرئاسية لفترة طويلة بمثابة تتويج للسيدة الاميركية السابقة (1993-2001) التي دخلت معترك السياسة من خلال الحركة الاحتجاجية على حرب فيتنام. وما ان خرجت من البيت الابيض مع انتهاء ولاية زوجها الرئاسية حتى بدأ المراقبون يطلقون تكهنات بشأن ترشحها للرئاسة. وظهرت حملاتها للفوز بعضوية مجلس الشيوخ عن ولاية نيويورك في العامين 2000 و2006 بمثابة تدريب يحضرها لخوض سباق البيت الابيض. وقبل اشهر قليلة كانت سناتورة نيويورك ترى ان الطريق مرسومة امامها لتكون اول رئيسة للولايات المتحدة. لكن ما لبثت ان تدفقت موجة اوباما بفوزه منذ كانون الثاني (يناير) ب28 ولاية في مقابل 17 لكلينتون. ولم تنته المواجهة بين هذين المنافسين وتبدو المعركة صعبة ومحتدمة ناهيك عن الديون التي تراكمت على المرشحة. ولدت هيلاري رودام كلينتون وسط عائلة بروتستانتية في 26 تشرين الاول (اكتوبر) 1947 في شيكاغو (ايلينوي، شمال) وهي محامية لامعة متخصصة في حقوق الاطفال وام لسيدة اعمال شابة في السابعة والعشرين تدعى تشيلسي كلينتون. انتخبت سناتورة عن نيويورك عام 2000 ثم اعيد انتخابها بنسبة اصوات عالية عام 2006. ولا يغفر لها اليمين محاولتها الفاشلة لاصلاح النظام الصحي في 1993-1994، كما يربطها بالفضائح التي تخللت عهد بيل كلينتون، غير انها اعتبرت هذه السنة ايضا المرأة التي تثير اكبر قدر من الاعجاب في الولاياتالمتحدة وفق استطلاع للرأي. وكانت غداة اعتداءات 11 سبتمبر نيويوركية نموذجية دائمة الحضور الى جانب مواطنيها. وفي 2002 صوتت لصالح قرار شن الحرب على العراق، وهو "خطأ في التقدير" يعيرها به باراك اوباما بدون توقف. لكنها باتت تعتبر كسناتورة من ابرز الناطقين الكبار باسم المعارضة ضد ادارة الرئيس بوش.