بالرغم من الفورة الاقتصادية ومعالم العمران والحداثة التي تشهدها الهند، إلا أن شعبها مازال يفضل ولادة الذكور على الإناث، بينما قدر الباحثون أنه مع نهاية عام 2001، ''فقدت'' البلاد بين 20 مليون إلى 40 مليون أنثى بسبب عمليات الإجهاض ، التي تلجأ لها الأسر الهندية في خيارها لانتقاء جنس الجنين، التي راجت بفضل تقنية الموجات فوق الصوتية. هذا وبالرغم من تطور الهند وتحول القرى إلى بلدات، والبلدات إلى مدن، ومع حلول الطبقة الوسطى المثقفة التي ترغب بعدد قليل من الأطفال، مكان الطبقة الفقيرة الساحقة، غير أن هذه المشكلة تسوء أكثر وفق الباحثين. وأعرب أحد الناشطين ضد عمليات الإجهاض الانتقائية لجنس الجنين سابو جورج عن مخاوفه من هذا الواقع قائلا: ''إننا نتعامل حالياً مع مواقف تنتشر، إن ما نسير باتجاهه مسألة مخيفة. '' وفي حين لن يجرى إحصاء سكاني في الهند قبل 2011، لإعطاء صورة أوضح وأكثر شمولية لهذا الواقع، فإن الدراسات المتتابعة توصلت إلى نتائج مقلقة، إذ بالرغم من نمو الطبقة الوسطى في الهند، واعتقاد الباحثين أن الثقافة والثروة قد تلغي تفضيل الذكور على الإناث، فإن العكس هو الصحيح. ووفقاً لمنظمة الأ·مم المتحدة للطفولة ''يونيسف'' فإن قرابة 7000 أنثى أقل مما يتوقع ترين النور كل يوم في الهند. من جهتها تقول مطبوعة ''لانسيت'' الطبية البريطانية إن ما يصل إلى 500 ألف جنين لإناث يتم إجهاضها كل عام، في بلد يشرّع الإجهاض وإن كان قد حظر استخدام فحوص تحديد جنس الجنين عام 1991، وهو تشريع يصعب تطبيقه خاصة وأن فحوص الموجات فوق الصوتية لا تترك أية اَثار وفي تقرير صدر مؤخراً عن منظمة ''أكشناَيد'' قامت خلاله ببعث موظفيها لإجراء مقابلات مع ستة اَلاف عائلة في خمسة مناطق شمالي الهند، وجد الباحثون أن المناطق الريفية في ولاية البنجاب لديها خمسمائة فتاة مقابل ألف ذكر، فيما المجتمعات المتمدنة فيها، هناك 300 أنثى مقابل 1000 ذكر وحول منطقة ''مورينا'' المتمدنة في ولاية ''مادهيا باريش '' فقد وجد اَخر إحصاء رسمي للسكان نفذ عام 2001، ما مجموعه 851 أنثى مقابل ألف ذكر، وهو رقم شهد تراجعاً لاحقاً وفق ''أكشناَيد'' إلى 842 أنثى. وقال الباحثون إن الضغوط التي ترزح تحتها الأسر الصغيرة هي أبرز خطر مباشر وأوضح الباحث في المنظمة جيوتي سابرو ''تصغير حجم الأسرة يدعم هذه النزعة. . وبالنسبة للأسر التي تعبر عن تفضيلها لخيار طفل واحد فقط، فإنها تريد ضمان أنه ذكر. '' لكن وبالرغم من التغيير الدراماتيكي الذي تمر به الهند، فإن مبدأ تفضيل الذكور يبقى راسخاً لدى الهنود لأسباب عدة منها أن الذكور ليسوا بحاجة لل''دوطة'' التي ترخي بثقلها على الأسر التي لديها إناث، كما أنه، ووفق التقاليد الهندية، فإن الذكور يبقون في منزل الأسرة بعد الزواج ويقومون برعاية أهلهم المسنين، كذلك تفرض تعاليم الهندوسية على الذكور بإحراق جثامين الأهل عندما يموتون، وهو ممنوع على الإناث. يُذكر أن الحكومة الهندية ووكالات الإغاثة أنفقت في العقد الماضي ملايين الدولارات في حملات إعلانية لحث الأسر على تقبل الإناث، بينما تعهدت الحكومة الهندية مراراً بالقضاء على العيادات الطبية التي توفر خدمة فحص تحديد الجنين، إلا أن هذه التقنية تبقى متوفرة بشكل كبير.