قال الدكتور أحمد جلال وزير المالية الخميس إن مصر لا تحتاج لتمويل صندوق النقد والبنك الدوليين بشدة حاليا لتوافر مصادر اخرى أقل تكلفة، مشددا على ان خطة الحكومة لدعم الاقتصاد تشمل ضخ 22 مليار جنيه اضافية للاسراع من تطوير البنية الأساسية وتحسين الخدمات العامة. واوضح ان سعي الحكومة لجلب النقد الاجنبي اصبحت اكثر يسرا مع اكتساب الاقتصاد مصداقيته من نجاح السياسات التي تتبناها الحكومة ولكن هذا لا يعني عدم استفادتنا من هذه المؤسسات كعضو فيها ونحن نستفيد منها من خلال معونات فنية أما الاقتراض فقد نستفيد منه في مرحلة أخرى. وشدد - خلال مؤتمر عبر الهاتف مع مجموعة من المستثمرين المصريين والأجانب نظمته المجموعة المصرية المالية "هيرمس" - على إن الحكومة ماضية في خطة واضحة ومحددة لإنعاش الاقتصاد وتحقيق العدالة الاجتماعية مع الحفاظ على الاستقرار المالي والاقتصادي. وأضاف جلال أن الخطة تشمل حل مشكلات المستثمرين وسداد المتأخرات الحكومية للمقاولين بالإضافة إلى برامج اجتماعية تستهدف تحسين أحوال الفقراء كتقديم الدعم النقدي المباشر وتحسين التوزيع الجغرافي للاستثمارات. وفيما يتعلق بالصعوبة الحالية في تحويل الأموال للخارج، قال جلال إن هذا الأمر يعود لسلطة البنك المركزي الذي يتمتع بالاستقلالية ولكن بشكل عام فان وضع بعض القيود على تحويل الأموال للخارج كان ضروريا عقب ثورة 25 يناير بعد خروج رؤوس الأموال خارج مصر إلا أن الحكومة ملتزمة بالسماح بتحويل الأموال للخارج وفقا للوائح والقوانين المنظمة لذلك. ولفت إلى أن الأوضاع في سوق الصرف أخذة في التحسن خاصة مع زيادة التدفقات واختفاء السوق السوداء وانخفاض سعر الصرف لذا فإن هذه المشكلة قصيرة الأجل وستختفي مع مرور الوقت. وأكد أن الحكومة جادة في سعيها للتأسيس لنظام اقتصادي من خلال القيام بإصلاحات هيكلية تساعد الحكومات المقبلة وإنها تعالج المشكلات والتحديات التي تواجهنا من خلال حزمة من الإصلاحات السياسية والاقتصادية من شأنها تحسين الوضع الاقتصادي ودفع عجلة التنمية وتحقيق العدالة الاجتماعية. وأشار إلى أن الأوضاع قبل 30 يونيو كانت مقلقة سواء من ناحية عجز الموازنة الذي بلغ 14% أو عجز ميزان المدفوعات وكذلك تراجع الاحتياطي النقدي وتراجع سعر صرف الجنيه المصري وانخفاض معدل نمو الاقتصاد كما كان هناك شعور متنام بعدم العدالة. وأوضح أن الحكومة تسعى لضبط الموازنة من خلال ترشيد دعم المواد البترولية والتحول لضريبة القيمة المضافة وتطبيق الضريبة العقارية وحل مشاكل المستثمرين وسداد المتأخرات الحكومية للمقاولين. وقال إن بعض الآثار الإيجابية بدأت في الظهور حيث ارتفع الاحتياطي النقدي ليغطي 4 أشهر من الواردات كما اختفت السوق السوداء للصرف وانحسر الضغط على الجنيه المصري وفي إطار هذه التغيرات قام البنك المركزي بتخفيض أسعار الفائدة بأكثر من 3 نقاط مئوية مما انعكس على خفض تكلفة الاقتراض على الحكومة والقطاع الخاص. وأضاف جلال أن الحكومة تستهدف خلال الموازنة الحالية خفض عجز الموازنة من 14 إلى نحو 10% و تحقيق معدل نمو بنحو 3.5 % كما أن الحكومة لا تتوقع زيادة التضخم عن معدلاته الحالية نتيجة نمو الاقتصاد بمعدلات أقل من طاقته. وأشار إلى أن الوضع الحالي للاقتصاد يدعو للتفاؤل أكثر من الوضع الذي أتت فيه الحكومة الحالية مؤكدا أن الحكومة القادمة ستكون في وضع أفضل بعد تطبيق الإصلاحات الحالية. وبالنسبة لتوجه الحكومة بخصوص دعم المواد البترولية، أوضح وزير المالية أن هناك مرحلتين سيتم تطبيقهما لترشيد دعم المواد البترولية المرحلة الأولى تتمثل في الاعتماد على الكروت الذكية لمنع التسرب والتهريب للمواد البترولية ومن المتوقع الانتهاء منها خلال شهرين أما المرحلة الثانية فهي تشمل تحريك تدريجي للأسعار وهو ما تقوم الحكومة بدراسته حاليا. ولفت إلى أن دعم المواد البترولية بلغ 128 مليار جنيه وهو ما يساوي ضعف ميزانية التعليم وأربعة أضعاف ميزانية الصحة في حين يذهب جزء كبير من هذا الدعم للصناعات كثيفة الاستخدام للطاقة ويذهب 80 % من الدعم إلى شريحة ال20 % الأعلى دخلا وهو أمر غير قابل للاستمرار قائلا "لذا نحن بحاجة لترشيد الدعم بشكل تدريجي ولكن ذلك لن يحدث بدون حدوث توافق مجتمعي وانتهاج الطريق السليم نحو تطبيق ذلك". وأشار إلى أن الحكومة قامت بتنفيذ مبادرات سريعة لتحسين الأوضاع الاجتماعية من خلال الاهتمام ببرامج التغذية المدرسية وتعيين حوالي 80 ألف مدرس وإقرار الحد الأدنى للأجور والاهتمام بالتوزيع الجغرافي للاستثمارات وتحسين الخدمات الصحية والخدمات العامة وتشجيع القطاع غير الرسمي للانضمام تحت مظلة القطاع الرسمي, كما تسعى الحكومة للتحول لنظام الدعم النقدي كما أن هناك قائمة طويلة من الإصلاحات سيتم البدء في تنفيذها والبعض الأخر سيأخذ وقتا في التنفيذ. وأضاف أن الحكومة تقوم حاليا بإعداد الآليات الخاصة بتنفيذ الحد الأدنى للأجور للعاملين بالحكومة والذي تقرر أن يكون 1200 جنيه شهريا وأن ستتم مراعاة ألا ترتفع الأجور بشكل لا تستطيع تحمل تكلفته خاصة وأن فاتورة الأجور مرتفعة بشكل كبير لذلك تسعى الحكومة لإيجاد نظام يمكن تمويله ويكون في نفس الوقت مرضيا للجميع دون التأثير سلبيا على الموازنة العامة للدولة. وبشأن إقرار الحد الأدنى للأجور للعاملين بالقطاع الخاص، أوضح وزير المالية أن القطاع الخاص لازال في مرحلة التفاوض مع ممثلي العمال في إطار المجلس القومي للأجور لتحقيق التوازن بين توفير مستوى لائق للعاملين دون أن يؤثر ذلك بالسلب على توليد فرص عمل جديدة.