أكد الدكتور أحمد جلال وزير المالية أن مصر تثمن غاليا موقف الإمارات والسعودية والكويت الداعم لمصر ليس فقط من خلال المساعدات المالية ولكن أيضا الدعم المعنوي الذي تقدمه الدول الثلاث، كاشفا عن إجراء مشاورات مع الإمارات لتحديد مسارات حزمة مساعدات جديدة ستقدمها لمصر. وحول إمكانية استئناف المباحثات مع صندوق النقد، أوضح جلال أن الحكومة مهتمة حاليا أكثر بما يمكن أن تفعله لتنشيط الاقتصاد وكيفية سد فجوة الإدخار للوصول إلى معدلات نمو تستوعب الداخلين الجدد في سوق العمل بجانب جزء من البطالة المتراكمة، لافتا إلى أن معدلات الإدخار المحلية تدور حول 15% من الدخل القومي في حين نحتاج لزيادتها إلى نحو 25 أو 27% لتحقيق نمو مرتفع. وقال إن الحكومة قد تفكر مستقبلا في اتفاق مع الصندوق من حيث المصداقية التي يمنحها مثل هذا الاتفاق لبرامج الإصلاح الاقتصادي، أما بالنسبة لفجوة التمويل التي كنا نعاني منها فبفضل المساعدات العربية وبرامج الإصلاح واستعادة الثقة في الاقتصاد فقد تقلصت كثيرا. وردا على تأثير توتر العلاقات مع الاتحاد الأوروبي والتلويح بورقة المساعدات، أوضح جلال أن الاتحاد الأوروبي سوق مهم لمصر ليس فقط من حيث حجم التجارة المتبادلة ولكن أيضا من حيث الاستثمارات وحركة العمالة المتجهة لأسواقه من مصر. ولفت إلى أن الحكومة حريصة على علاقاتها مع أوروبا وتحسين علاقاتها مع مختلف دول العالم ولكن على أساس الندية والاحترام المتبادل، حيث أن مصر ترغب في علاقات طيبة مع جميع دول العالم وتمد يدها للجميع طالما انحازوا للإرادة الشعبية. وأكد جلال أن التوقيت الحالي مناسب للمستثمرين لضخ المزيد من الاستثمارات، في وقت يتجه فيه الاقتصاد للنمو والتوسع، مشيرا إلى أن ركائز الاقتصاد المصري قوية وتتميز بتنوع مصادر نموه. وقال جلال - خلال لقائه مع بعض من مراسلي الصحف ووكالات الأنباء الأجنبية اليوم الاربعاء - إن الحكومة الحالية هى حكومة انتقالية تأسيسية مهمتها مواجهة التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الراهنة وفي ذات الوقت تهيئة الأجواء أمام الحكومات التي ستأتي بعدها، مؤكدا أن هناك تطابقا في الرؤي والأهداف بين أعضاء الحكومة الذين يعملون كفريق واحد لإنجاز تلك المهمة التي تحتاج أيضا لمساعدات من الدول الصديقة لمصر. وأضاف أن هناك رؤية اقتصادية تعمل على وضعها الحكومة حاليا تركز على ركيزتين أساسيتين الأول الانضباط المالي والثاني تنشيط الاقتصاد، مع مراعاة العدالة الاجتماعية كعنصر حاكم عند وضع السياسات والبرامج لتحقيق هاتين الركيزتين. وأشار إلى أنه على صعيد تحقيق الانضباط المالي فإن الحكومة حريصة على عدم زيادة العبء الضريبي على المواطنين وعلى الحفاظ على الدعم السلعي، وبالنسبة لتنشيط الاقتصاد نركز على زيادة الطلب الكلي بالتركيز على زيادة الاستثمارات وليس الاستهلاك بما يسهم في تحسين الوضع الاقتصادي على المدى الطويل، لافتا إلى أن الحكومة مهتمة ليس فقط بجذب الاستثمارات ولكن أيضا بنوعيتها وتوزيعها الجغرافي ومدى توليدها لفرص العمل حيث نفضل كثيفة العمالة. وأوضح وزير المالية أن من ضمن الإجراءات التي تنفذها الحكومة لتنشيط الاقتصاد المسارعة بسداد متأخرات شركات المقاولات لدى الجهات الحكومية لدور قطاع المقاولات في تحريك الاقتصاد وزيادة معدلات نموه. ولفت إلى أن هناك اتساقا واضحا في السياستين المالية والنقدية فكلاهما يستهدف سياسة توسعية لإنعاش الاقتصاد، حيث قام البنك المركزي بتخفيض أسعار الفائدة وهو ما يساند جهودنا لتنشيط الاقتصاد، موضحا أنه لا خوف من الضغوط التضخمية مع زيادة معدلات نمو الاقتصاد، كما أنه في الوقت الراهن ينمو الاقتصاد بمعدلات أقل من طاقته الكامنة، وبالتالي فلا وجود لضغوط على حركة الأسعار. وبالنسبة للعدالة الاجتماعية أكد جلال أن الحكومة تسعى لتبني عدد من البرامج الهادفة لتشغيل الشباب للحد من معدلات البطالة التي قاربت 13% على مستوى المجتمع المصري و25% بين الشباب والنساء، كما أن الحكومة حريصة على تعزيز الإنفاق العام على برامج الصحة والتعليم الذي لا يتناسب مع الأهمية التي نوليها للتنمية البشرية باعتبارها أحد أهم آليات دخول سوق العمل وتحسين فرص الحصول على وظائف جيدة. وقال إن الحكومة لن تقترب من برامج دعم السلع التموينية مع استمرار تنفيذ برامج ترشيد دعم الطاقة غير المبرر وغير العادل والذي لا يحقق الأهداف التنموية وذلك من خلال التركيز على خفض حجم التسرب والتهريب لهذه المواد، لافتا إلى أن خطط الحكومة في هذا الجانب بدأت بالفعل منذ فترة بسيطة من خلال إصدار كروت ذكية لتوزيع السولار والبنزين للحد من التهريب. وأضاف أن الحكومة تعد برنامجا للدعم النقدي للفقراء للتأكد من عدم تأثرهم بأي إجراءات إصلاحية تتخذ في ملف دعم الطاقة، مشيرا إلى أن البرنامج يستهدف تحديد الفئات المستحقة للدعم ومعايير محددة للانضمام للبرنامج من حيث مستويات المعيشة ووضع آليات لقياسها. وأكد وزير المالية التزام الحكومة باستكمال مراحل خارطة الطريق لبناء مؤسسات ديمقراطية حقيقية تنحاز لمصلحة الشعب أولا وأخيرا، مشيرا إلى أهمية تزامن إصلاحات المسارين السياسي والاقتصادي.