بعد اكثر من 4 سنوات على سقوط بغداد، لا تزال الأممالمتحدة تنفق ملايين الدولارات من اموال النفط العراقي بحثا عن اسلحة الدمار الشامل العراقية. فكل يوم من ايام العمل الاسبوعي، يتجمع فريق من 20 شخص من خبراء الاممالمتحدة في الاسلحة الكيماوية والبيولوجية لمشاهد صور التقطت من الاقمار الصناعية لمواقع الاسلحة العراقية. كما يتابعون وكالات الأنباء العالمية بحثا عن أخبار لأسلحة صدام حسين. كما يجرون مشاورات مع وكالات الاستخبارات الاجنبية بخصوص وضع الأسلحة العراقية. كما يحتفظون بطاقم من 300 من خبراء الأسلحة من 50 دولة ويعدونهم للتفتيش، وهو أمر لن يتم، بحثا عن أسلحة، لا يؤمن إلا عدد قليل من الأشخاص بوجودها. ويعترف المفتشون بأن مهمتهم الرئيسية نزع سلاح العراق قد تمت منذ أمد بعيد. ولكنهم يقولون إن رؤساءهم في مجلس الأمن لم يتمكنوا من الاتفاق إما على إنهاء تلك الجهود أو تعديل التفويض الممنوح لهم لجعل عملهم أكثر واقعية؛ فروسيا تصر على ضرورة تأكيد نزع سلاح العراق من قبل المفتشين، بينما تعارض الولاياتالمتحدة دور الأممالمتحدة في العراق، وتقول إن مفتشي التحالف قد أدى العمل. وقال ديمتري بيريكوس، وهو خبير اسلحة يوناني يدير الفريق «اعترف بعدم صحة ذلك». كما يدير الميزانية السنوية التي تصل الى 10 ملايين دولار سنويا. ولكنه أضاف «لسنا الأشخاص الذين يتحكمون في الميزانية، المجلس هو الذي يسيطر على الميزانية. وكانت هناك فترة كان فيها عمل المفتشين في العراق نبأ على الصفحات الاولى للصحف ومجالا لخطابات لزعماء العالم؛ فالرئيس بوش اعتبر رفض صدام حسين التعاون مع المفتشين بمثابة دعم قانوني لغزو العراق عام 2003. إلا ان مهمة المفتشين الأولى تخليص نظام صدام حسين من الأسلحة الكيماوية والبيولوجية والنووية أصبح بلا معني منذ ان أسقط التحالف العسكري بقيادة الولاياتالمتحدة الزعيم العراقي واكتشاف ان حكومته دمرت كل اسلحة الدمار الشامل التي لديها بعد فترة قصيرة من انتهاء حرب الخليج عام 1991. وقال تشارلز دولفر، وهو مفتش أسلحة سابق كان يعمل مع الأممالمتحدة الذي نشر التقرير المهم الصادر في عام 2004 لجماعة استكشاف العراق التي كانت تقودها وكالات الاستخبارات المركزية، وهو التقرير الذي توصل الى ان الاسلحة العراقية دمرت ان «الواقع هو عدم وجود أسلحة دمار شامل. واعتقد انهم المسافة بن عملهم والواقع». الا ان بريكوس يصر على ان عمل مفتشي الاممالمتحدة يبقي مهما، وان بعض الاسلحة الكيماوية والبيولوجية العراقية يمكن اعادة تصنيعها من قبل المتمردين والإرهابيين او حتى من قبل حكومة عراقية. وأوضح «العراق ليست الدنمارك. لقد صنعوا جراثيم الجمرة الخبيثة والسارين وصنعوا العديد من الاشياء المرعبة واستخدموها. ونحن لا نعرف كيف ستتطور الامور في المنطقة ونريد التأكد من ان كل شيء تحت السيطرة». وفي الشهر الماضي، عرض بيريكوس على مجلس الهيئة مجموعة من الصور التي تم التقاطها بالأقمار الصناعية لمصنع كيماوي عراقي لإنتاج غاز الكلور، الذي كان يستخدمه المتمردون العراقيون في هجمات بقنابل الكلور. وحذر من احتمال حصول المتمردين على مزيد من الاسلحة الكيماوية من السوق السوداء. كما ان برنامج التفتيش التابع للامم المتحدة يعتبر تذكرة لإخفاقات الاستخبارات الأميركية في العراق وفشل الولاياتالمتحدة لتأمين الصناعات العراقية الحساسة بعد الغزو. وكان تقرير الهيئة لفترة ما قبل الحرب هو عدم وجود أدلة كافية لإثبات ان بغداد استأنفت اسلحة الدمار الشامل وهو ما يتعارض تماما مع تقديرات الولاياتالمتحدة آنذاك، وهو ما أثبتته الأيام. وكانت الولاياتالمتحدة وبريطانيا قد نظمتا جهدا مشتركا لإنهاء مهمة الهيئة. فقد قدم زلماي خليلزاد سفير الولاياتالمتحدة في الاممالمتحدة قرارا في الشهر الماضي لإنهاء مهمة الهيئة. إلا ان روسيا قاومت الضغوط الاميركية. وذكر مسؤول روسي يتابع نشاط المجموعة، أن مفتشي الأممالمتحدة وليس التحالف العسكري بقيادة الولاياتالمتحدة في العراق هو الذي يجب ان يكون صاحب القول الاخير فيما اذا كان تم نزع سلاح العراق. بينما يقول المفتشون انه لا يمكنهم تأكيد ذلك بدون الاطلاع على التقارير السرية لجماعة استكشاف العراق وزيارة أخيرة للعراق، للتأكد من المعلومات الاميركية. وترفض الولاياتالمتحدة طلبات الأممالمتحدة للحصول على مثل هذه المعلومات، طبقا لما ذكره بيركوس. وذكر هانس بليكس الدبلوماسي السويدي الذي كان يرأس الهيئة قبل الغزو الاميركي، أن الاحتفاظ بمفتشي الاسلحة في شبكة الاممالمتحدة يمكن ان يساعد في تدريب جيل جديد من المفتشين الذين ربما يطلب منهم التحقيق في برامج أسلحة في أماكن أخرى من العالم. وأوضح بليكس «الجزء الأساسي من العمل تم. ولكن هناك أصول قيمة يمكن ان تكون ذات فائدة عظيمة في مجالات اخرى». مشيرا الى عدم وجود هيئة دولية تجري اختبارات على الأسلحة البيولوجية او الصواريخ. غير أن تلك الأصول القيمة، بدأت تفقد بعض قيمتها؛ فالعديد من كبار المفتشين تركوا الوكالة بعد سقوط صدام حسين وعادوا الى مناصب حكومية في بلادهم او شغلوا مناصب اخرى في الاممالمتحدة. وبدأ بعض الذين بقوا في البحث عن وظائف أخرى.