افرج عن الصحفي البريطاني آلن جونستون مراسل «بي بي سي» الذي خطف في 12 مارس في غزة، بعدما امضى قرابة اربعة اشهر محتجزا. وقال جونستون عن تجربة احتجازه خلال اتصال هاتفي مع بي بي سي من منزل رئيس الوزراء الفلسطيني المقال اسماعيل هنية في غزة: "كنت اشعر وكأنني مدفون حيا بعيدا عن العالم واحيانا كان الامر مرعبا للغاية" مشيرا الى انه لولا الضغوط التي مارستها حماس "لكنت لا ازال في الاسر" ومضى الصحفي البريطاني قائلا إنه لم يتعرض لأي إيذاء جسدي ولكن خاطفيه عاملوه في بعض الأحيان بشكل غير ملائم واصفا إياهم بأنهم كانوا يتعاملون معه في أغلب الأحيان "بفظاظة وبشكل كريه". وكشف جونستون، الذي بدا نحيلا وشاحبا، أنه أصيب بالمرض مرتين خلال فترة أسره مشيرا إلى أنه كان لديه راديو خلال فترة الاحتجاز وهو ما مكنه من متابعة آخر التطورات في غزة وكذلك تطورات الجهود المبذولة لإطلاق سراحه من خلال البث الإذاعي لي.بي.سي). وسلم تنظيم "جيش الإسلام"، جونستون إلى مسؤولين في حركة حماس. وثمنت حركة المقاومة الاسلامية (حماس) جهود كل من ساهم في الافراج وأكدت حماس أن هذه "القضية كانت شوكة في خاصرة الشعب الفلسطيني الذي يرفض هذه الأعمال التي تتنافى مع الشرع الحنيف ولا تتماشي مع أخلاقه وقيمه". وثمنت حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين الجهود "الوطنية المخلصة" التي تكللت بالإفراج عن جونستون،. وأعربت منظمة حقوقية فلسطينية عن ارتياحها وألمح موسى أبو مرزوق نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إلى أن تحرير الصحفي يهدف إلى المقارنة بين قطاع غزة الذي تسيطر عليه حماس والضفة الغربية التي تسيطر عليها حركة فتح. ومن جانبها أكدت هيئة الإذاعة البريطانية في لندن أنها "في غاية السرور وتشعر بارتياح كبير وأضافت الهيئة في بيان: "هذا نبأ رائع لأسرته وأصدقائه وزملائه وجميع من أبدوا مساندتهم له في أنحاء العالم خلال المائة وأربعة عشر يوما الماضية". وعبرت منظمة "مراسلون بلا حدود" عن "فرحها الكبير" و"ارتياحها العميق" اثر الافراج عن الصحفي البريطاني ودعت "السلطات الفلسطينية لاتخاذ تدابير لمنع تكرار هذا الامر". كما عبرت المنظمة المدافعة عن حرية الصحافة في بيان عن "ترحيبها للتعبئة الدولية التي لم تصب بالوهن طيلة ما يقرب من اربعة اشهر". وفي رام الله رحب الرئيس الفلسطيني محمود عباس بالافراج عن جونستون مؤكدا في الوقت عينه ان مهمة حل الميليشيات والجماعات المسلحة "مهمة لا تقبل التأجيل". وتوالت ردود الفعل المرحبة بالافراج عن جونستون حيث رحب بهذا الافراج كل من رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون والامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى والامين العام لمنظمة المؤتمر الاسلامي اكمل الدين احسان اوغلي ومنظمة "مراسلون بلا حدود" التي دعت "السلطات الفلسطينية لاتخاذ تدابير لمنع تكرار هذا الامر". وعلى صعيد متصل اعرب هنية عن امله في التوصل الى اتفاق حول انهاء قضية الجندي الاسرائيلي جلعاد شاليت المحتجز في قطاع غزة منذ 25 يونيو 2006، وقال هنية ان هذه النتيجة تأكيد على أن حماس "جادة في فرض الامن والاستقرار والنظام" وأشاد خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحماس الذي يعيش في المنفى بالافراج عن جونستون وقال ان ذلك "عكس الفارق بين فترة مضت كانت فيها مجموعة تعمل على انتشار الفلتان الامني والفوضى وبين الحالة الراهنة التي تسعى حماس فيها لاستتباب الامن" ولكن مساعدا بارزا لعباس رفض تصريحات حماس وشبهها "بفيلم" عندما يختلف اللصوص فيما بينهم، من جهته قال احمد عبدالرحمن الناطق الرسمي باسم حركة فتح التي يتزعمها عباس، ان اختطاف جونستون "تم من قبل مجموعة مسلحة على صلة وثيقة بحركة حماس (وذلك) بعد ان استحوذت قيادة حماس على الاسير الإسرائيلي شاليت". وتابع "لا بد ان يعرف العالم ان قيادة حماس التي تتظاهر بانها اطلقت سراح جونستون هي وحدها التي تقف وراء اختطافه واختطاف غيره حين تعاملت مع المجموعات المسلحة الخارجة عن القانون لاضعاف السلطة الوطنية تمهيدا للانقضاض على الشرعية في انقلاب دموي". واكد "ان اطلاق جونستون لن يحسن صورة حماس امام العالم بل سيكشف دورها في اختطافه وحماية خاطفيه طوال اربعة اشهر". ووصفت حركة فتح تحرير الصحفي جونستون بأنه "مسرحية هزلية". وقالت فتح في بيان: "انتهت المسرحية الهزلية حماس أفرجت عن جونستون من أيدي حليفها "جيش الإسلام" ورأت فتح أن حركة حماس كانت سبب الفوضى في القطاع قبل "الانقلاب وتحاول بإطلاق جونستون الحصول على شهادة حسن سير وسلوك من المجتمع الدولي" مشيرة إلى أنه "لا ينكر أحد أن جهود حماس هي التي أدت إلى إطلاق سراح جونستون الذي كان محتجزاً لدى شركائها في اختطاف الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليت". خلفية عن جونستون جونستون صديق الفلسطينيين يعتبر ألن جونستون مراسل بي.بي.سي ، النحيل الحليق الرأس وصاحب العينين الزرقاوين، الذي افرج عنه بعد 113 يوما، الصحافي الغربي الوحيد الذي بقي يعمل في قطاع غزة بشكل دائم رغم تزايد مخاطر التعرض للخطف واعمال العنف. فقد اختفى في 12 مارس بعدما خطفه مسلحون وهو عائد الى منزله في سيارته من مكتب البي.بي.سي. وفي السادس عشر من ابريل اعلنت مجموعة متطرفة صغيرة مجهولة تدعى "كتائب التوحيد والجهاد" انها اعدمته لكن جيش الاسلام تبنى خطفه في التاسع من مايو في شريط فيديو بث في الاول من يونيو وظهر فيه الصحافي للمرة الاولى منذ خطفه.وفي هذا الشريط اكد جونستون الذي يعتبره زملاؤه "مراسلا محنكا ومحترما"، ان خاطفيه "عاملوه معاملة حسنة وقدموا له الطعام ولم يستخدموا معه العنف وانه في صحة جيدة". ولد جونستون في السابع عشر من مايو 1962 في لندي (تنزانيا) وشدد رئيس تحرير القسم الدولي في بي.بي.سي نيوز، جون وليامز على ان الصحافي "رجل هادئ ومتواضع ولا يبحث ابدا عن اضواء الشهرة".واثار خطفه تعبئة دولية تخللتها سهرات وصلوات وعريضة على الانترنت حصلت على اكثر من 170 الف توقيع ونداءات من كل الجهات من اجل الافراج عنه. حتى ابو قتادة الاسلامي المتشدد المعتقل في بريطانيا الذي طالب جيش الاسلام بالإفراج عنه ابدى "استعداده التام" للتوجه الى قطاع غزة للمساعدة.ودعا والده غراهم جونستون مرارا للإفراج عن ابنه مشددا على انه "صديق الشعب الفلسطيني". وبدأ جونستون العمل في بي.بي.سي العام 1991 كسكرتير التحرير في قسم الاخبار في بي.بي.سي وورلد سرفيس، الخدمة العالمية للقناة، وسرعان ما ارسل في مهام الى الخارج.فقد عمل مراسلا في طشقند (اوزبكستان) بين 1993 و1995 ثم في كابول (افغانستان) بين 1997 و1998 قبل العودة الى قسم التحرير في لندن ثم التوجه الى قطاع غزة في أبريل 2004، وكان جونستون يدرك المخاطر، فقد كتب في يناير مقالا نشر على موقع بي.بي.سي نيوز على الانترنت قال فيه: "حتى الان تم الافراج عن الغربيين المخطوفين، سالمين بسرعة نسبية". واضاف مازحا "الفلسطينيون اناس مضيافون ومن المخاطر التي تواجه المخطوفين هنا هو ان الخاطفين يطعمونك حتى الموت". وفي مايو منح هذا الصحافي الاعزب جائزة افضل صحافي للعام الحالي من قبل مؤسسة لندن برس اواردز وهي من اكبر جوائز مهنة الصحافة. وكان مرشحا للفوز بالجائزة قبل خطفه. نشأ آلن جونستون في قرية دولر الصغيرة في وسط غرب اسكتلندا وحصل على شهادة في الادب الانجليزي والعلوم السياسية من جامعة داندي (اسكتلندا) ثم على دبلوم في الصحافة في جامعة كارديف في ويلز. ويقول جونستون: الفضل ل «حماس» في إطلاق سراحي أرجع الصحفي البريطاني الان جونستون الفضل في إطلاق سراحه إلى حركة المقاومة الاسلامية الفلسطينية «حماس» قائلا إنه يعتقد أنه لولا الضغوط التي مارستها الحركة على خاطفيه لكان لا يزال أسيرا. وقال جونستون في مؤتمر صحفي في القدسالمحتلة بعد ساعات من إطلاق سراحه بعد نحو أربعة أشهر في الاسر في غزة: «إنني على يقين من أنه ما لم تكن حماس قد رمت بثقلها ومارست ضغوطها لكنت ما زلت في تلك الغرفة». وأضاف قائلا: «حماس لديها تطبيق صارم للقانون». وأضاف أنه على الرغم من أن الحركة الاسلامية المتشددة مثيرة للجدل على المستوى الدولي فانها «جيدة في الحفاظ على القانون والنظام أكثر مما يعتقد البعض. الله وحده يعلم أن غزة في حاجة إلى القانون والنظام».