ينص قانون إنشاء المجلس القومي لحقوق الإنسان رقم 94 لسنة 2003 على ان مدة تشكيل المجلس 3 سنوات، وان يصدر هذا التشكيل بقرار من مجلس الشورى وبالنسبة للتشكيل الحالي فإنه صدر بقرار من مجلس الوزراء نظرا لإلغاء مجلس الشورى. وتضمن هذا القرار ان هذا التشكيل الذي أعلن عنه في أول سبتمبر 2013 مدته 3 سنوات أو لحين انتخاب السلطة التشريعية (مجلس النواب) أيهما أقرب. وبعد انتخاب مجلس النواب في يناير 2016 أصبح من حقه ان يعيد تشكيل المجلس القومي لحقوق الإنسان أو يترك للتشكيل الحالي فرصة الاستمرار في نشاطه ليستكمل مدته 3 سنوات أي في سبتمبر 2016، لكن مجلس النواب لا يزال مشغولا بقضايا نص الدستور على ان يناقشها المجلس في بداية عمله مما لا يمكنه من النظر في ملف حقوق الإنسان حتى الآن فقد كان مطالبا بمجرد انتخابه ان يصدق على القوانين التي صدرت في غيابه وهي أكثر من 300 قانون وقد اضطر بعدها إلى الاستماع لبيان رئيس الجمهورية ومن بعده برنامج الحكومة ومناقشته كما انشغل لوقت طويل في إعداد واعتماد اللائحة الداخلية لمجلس النواب بما في ذلك إعداد المشروع وإرساله للسلطة التنفيذية ومجلس الدولة قبل اعتمادها في صورتها النهائية. ويوشك مجلس النواب على تشكيل لجانه النوعية ومن بينها لجنة حقوق الإنسان. أي ان المجلس أصبح الآن في وضع يمكنه من النظر في ملف حقوق الإنسان وحسم الأمر سواء بإعادة تشكيله فورا أو تأجيل ذلك لحين استكمال مدة السنوات الثلاث. وتحتاج لجنة حقوق الإنسان وهي بصدد إعادة تشكيل المجلس إلى التعرف على المبادئ والأسس التي تحكم التشكيل وهي الصادرة من الأممالمتحدة بما يسمى مبادئ باريس التي تشمل عدة أسس لضمان الاستقلال والتعددية للمجلس القومي لحقوق الإنسان من خلال التشكيل الجديد. ومن أهم ضمانات الاستقلال والتعددية مايلي: ان يتم التشكيل الجديد وفقا لإجراءات تتيح توافر الضمانات اللازمة لكفالة التمثيل التعددي للقوى الاجتماعية (في المجتمع المدني) المعنية بتعزيز وحماية حقوق الإنسان وان يجسد التشكيل الجديد هذه التعددية بأن يتضمن ممثلين للهيئات التالية: المنظمات غير الحكومية المعنية بحقوق الإنسان ونقابات العمال والنقابات المهنية مثل نقابة المحامين، نقابة الأطباء ونقابة الصحفيين. التيارات الفكرية في المجتمع الأديان المتعددة في المجتمع الجامعات والخبراء المؤهلون أعضاء من السلطة التشريعية (مجلس النواب) مثال ذلك ما حدث في التشكيل الحالي الذي يضم 5 نساء و3 أقباط وأساتذة جامعات وسفراء ومحامين ورؤساء 5 منظمات لحقوق الإنسان وصحفيين وممثلين للنقابات المهنية والعمالية. ويتوزع كل هؤلاء على التيارات الفكرية الأساسية في المجتمع وهي التيار الليبرالي والتيار الإسلامي والتيار القومي والتيار الاشتراكي. ويلاحظ ان جميع أعضاء المجلس القومي لحقوق الإنسان في التشكيل الحالي من الشخصيات العامة التي تمارس نشاطا ملحوظا في مجالات متعددة. ومن حق المجلس القومي لحقوق الإنسان ان يستعين بشخصيات من الإدارات الحكومية يمكن دعوتها لاجتماعات المجلس للاستماع لرأيها في قضايا مطروحة على المجلس دون ان يكون لهم حق التصويت. ومن العوامل المهمة التي تكفل استقلالية المجلس القومي لحقوق الإنسان ان يملك الهياكل الأساسية المناسبة لسلامة سير أنشطته وبصفة خاصة الأموال الكافية لذلك، وينبغي ان يكون الغرض من هذه الأموال هو تمكينه من تدبير موظفيه وأماكن عمله ليكون مستقلا عن الحكومة إداريا وماليا. ومن أجل كفالة استقرار ولاية أعضاء المجلس القومي التي لن تكون مؤسسة مستقلة حقا بغيره، ينبغي ان يكون تعيينهم بقرار رسمي يحدد المدة المعينة لولايتهم ويمكن ان تكون الولاية قابلة للتجديد بشرط كفالة استمرار التعددية في عضوية المجلس. وقبل ان يشرع مجلس النواب في إعداد التشكيل الجديد يتعين عليه ان ينظر أولا في قانون المجلس وتعديله وفقا لأوضاعه الحالية ولتوصيات الأممالمتحدة والبت في هذا الأمر بحيث يتم النص في القانون على ان تشكيل المجلس يتم بقرار من مجلس النواب بديلا عن مجلس الشورى الذي تم الغاؤه وان يكون للمجلس حق زيارة السجون وأماكن الاحتجاز في مراكز الشرطة بالاخطار وبدون أي حاجة لصدور تصريح بذلك من النيابة العامة أو وزارة الداخلية. ومن التعديلات المطلوبة أيضا النص في القانون على ما جاء في الدستور حول تضامن المجلس مع المضرور قضائيا إذا طلب منه ذلك، هذا بالإضافة إلى النص على إلزام الهيئات الحكومية ان تقدم للمجلس أي معلومات يطلبها لها صلة بحقوق الإنسان. ويدخل في التعديلات على قانون المجلس ان تزيد مدة كل تشكيل من 3 سنوات إلى 5 سنوات لكي يتاح للتشكيل الجديد الفترة الكافية لتنفيذ خطة عمله. وهو اقتراح مقدم من الأممالمتحدة والمفوضية السامية لحقوق الإنسان حرصا على تحقيق مزيد من الفاعلية لنشاط المجلس. لسنا في حاجة إلى تأكيد ان التشكيل الجديد ينبغي ان يتم بعد مشاورات جدية مع المنظمات الحقوقية ومع شخصيات عامة وقانونية وبعد دراسة التقرير السنوي الأخير للمجلس القومي لحقوق الإنسان في تشكيله الحالي وما يتضمنه من توصيات حول حالة حقوق الإنسان في مصر. نقلا عن جريدة الأهرام