يعيش المتعاملون في بورصة مصر أوقاتا عصيبة لا يستطيعون خلالها اتخاذ قرار استثماري في ظل تلاحق التطورات السياسية قبل أيام قليلة من جولة اعادة الانتخابات الرئاسية بين محمد مرسي مرشح جماعة الاخوان المسلمين وأحمد شفيق اخر رئيس للوزراء في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك. ووسط حرب كلامية متصاعدة بين مرسي وشفيق واحتجاجات شعبية والمخاض العسير الذي تشهده عملية تشكيل الجمعية التأسيسية التي ستكتب دستورا جديدا فقدت الاسهم المصرية نحو 15 مليار جنيه 2.5 مليار دولار، من قيمتها السوقية منذ بداية يونيو وحتى نهاية جلسة أمس الاثنين. وبلغت خسائر المؤشر الرئيسي للبورصة في يونيو 6.2 % ليسجل أدنى مستوياته منذ يناير كانون الثاني الماضي، كما سجلت قيم التداول بالسوق يوم الاحد أدنى مستوى منذ ديسمبر كانون الاول 2004. وقال أحمد عطا العضو المنتدب لشركة بيريوس لادارة المحافظ المالية ان أداء السوق متوقع خلال هذه الفترة خاصة قبل بدء جولة اعادة الانتخابات الرئاسية، هناك ارتباك وتردد لدى المتعاملين.. العامل السياسي ضاغط بشكل كبير على أداء السوق. وأضاف عطا ان المجلس العسكري انه سيسلم السلطة لرئيس منتخب في أول يوليو تموز. وأثارت نتيجة الجولة الاولى غضب وحيرة كثير من المصريين الذين يقولون انهم لم يقوموا بثورة ليستبدلوا مبارك برئيس اسلامي أو برجل من بقايا نظامه. وكثف مرشحا انتخابات الرئاسة في مصر الهجمات الاعلامية المتبادلة بينهما هذا الاسبوع مما يزيد من حدة التوتر قبل جولة الاعادة. وتظهر نتائج أولية لاقتراع المصريين في خارج البلاد الذي جرى الاسبوع الماضي تفوق مرسي لكن النتائج النهائية لن تكون مماثلة بالضرورة. وأوضح ولاء حازم مدير الاستثمار بشركة اتش.سي لتداول الاوراق المالية ان هناك قلق موجود في السوق. القلق عدو الاستثمار، الجميع يفضل الاحتفاظ بالاموال والسيولة الان. وتعاني بورصة مصر من شح شديد في السيولة وسط مبيعات مستمرة من المتعاملين وخاصة الاجانب وتخوف مستثمرين اخرين من ضخ أموال جديدة في ظل حالة الضبابية التي تسيطر على الرؤية الاقتصادية والسياسية في البلاد. من جانبه أشار أحمد أبو السعد العضو المنتدب لشركة دلتا رسملة لادارة صناديق الاستثمار والمحافظ المالية إلى ان المتعاملين في حالة تحوط شديد سواء عند البيع أو الشراء بالسوق، يجب ألا ينتظر أحد أي عائد من السوق في الفترة الراهنة الصعبة التي تمر بها مصر حاليا. وتفجرت الموجة الاخيرة من الاحتجاجات في ميدان التحرير الاسبوع الماضي بسبب الحكم الذي صدر بحق مبارك في الثاني من يونيو وعزز الشكوك بأن الحرس القديم للرئيس المخلوع لا يزال لهم تأثير. وكانت المحكمة أمرت بسجن مبارك مدى الحياة ولكنها أفرجت عن ستة من كبار مسؤوليه الامنيين. ويطالب المحتجون بتفعيل قانون العزل السياسي الذي اقره البرلمان لكنه لم يدخل حيز التنفيذ وكذلك اعادة المحاكمة. وقال أبو السعد إن التعامل الان مغامرة لان البيع سيكون بأسعار متدنية جدا والشراء يحتاج لتفكير عميق. ويرى عطا أن العامل المؤثر في كل شيء بمصر الان هو العامل السياسي. وأوضح حازم من اتش.سي ان مصر في وضع صعب. لا أحد يعلم هل ستتم الانتخابات أم لا. مازلنا في انتظار قرار المحكمة الدستورية يوم الخميس فيما يخص قانون العزل ومجلس الشعب، حتى في حالة اتمام الانتخابات من يضمن رد فعل الشارع نحو النتيجة. ومن المقرر ان تصدر المحكمة الدستورية يوم الخميس حكمها بشأن قانونين يتعلقان بالانتخابات البرلمانية والرئاسية "قانون العزل السياسي". وفي حالة اقرار مشروعية قانون العزل السياسي سيجري استبعاد شفيق من جولة الاعادة في الانتخابات الرئاسية. وفي حالة اقرار عدم دستورية قانون مجلس الشعب قد يحل المجلس. وتوقع عطا من بيريوس لادارة المحافظ المالية انخفاض مخاطرة العوامل السياسية بعد تسليم السلطة وانتهاء الانتخابات مهما كانت النتيجة، وقد يتعافي السوق ويسترد سيولته، أعتقد ان الجميع سيتقبل نتيجة الانتخابات وسيزول خطر كبير. لكن كريم عبد العزيز الرئيس التنفيذي لصناديق الاسهم بشركة الاهلي لادارة صناديق الاستثمار يرى ان نتائج الانتخابات لن تكون بداية الاستقرار ولكنها ستكون بداية التوتر في حالة فوز المرشح أحمد شفيق، مشيرا إلى ان هناك تهديدات من الطرف الاخر باحتجاجات ومظاهرات في الشوارع. وتسببت جولة الاعادة بين مرشح الاخوان المسلمين ورئيس وزراء من عهد النظام السابق في انقسام شديد بين المصريين الذين صوت كثيرون منهم لمرشحين اخرين في الجولة الاولى من الانتخابات مما يضع المستثمرين في مأزق صعب لعجزهم عن التكهن بالمستقبل السياسي والاقتصادي لمصر. وأضاف حازم انه لابد ألا ننسى اننا نعاني من مشاكل كثيرة وان الرئيس المقبل لديه مشاكل كثيرة وخاصة المشاكل الاقتصادية. وانكمش الاقتصاد بنسبة 4.3 % في الربع الاول من 2011 ثم استقر في الارباع الثلاثة التالية، ويرى أبو السعد ان الاسعار المتدنية للاسهم الان توقد جذوة الامل لدى المتعاملين في السوق. وتوقع أبو السعد خروج السوق من أزمته الحالية قائلا أنا متفائل على المدى المتوسط والطويل، الاسعار متدنية والاسعار تمثل فرصا ذهبية للشراء، في دلتا رسملة الان لا نفرط في الاسهم التي في حوزتنا ونفكر جيدا قبل الشراء. وينصح عبد العزيز مالكي الاسهم الان بالانتظار وتعزيز مراكزهم المالية بالشراء ترقبا لاي صعو، ويشاركه حازم هذا الرأي قائلا "السوق سيصعد اجلا أو عاجلا...أنا متفائل."