فر آلاف من أفراد قبيلة كيكويو التي ينتمي إليها الرئيس الكيني مواي كيباكي، من منطقة الوادي المتصدع أمس، مخلفين وراءهم دماراً في ساحة قتال عرقية لا يصدق كثيرون من الكينيين أنها سائدة في بلادهم. ووصل رئيس الاتحاد الإفريقي جون كوفور الى كينيا، في محاولة لبدء وساطة، فيما تحدث رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون هاتفياً مع طرفي النزاع في مسعى لنزع فتيل التوتر. ووجهت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس مع نظيرها البريطاني ديفيد ميليباند نداء مشتركاً الى القادة الكينيين «للتحلي بروح الوفاق». وقالا: «نعرب عن ارتياحنا الى النداء الذي أطلقه الاتحاد الافريقي لإنهاء العنف، وندعو جميع الزعماء السياسيين الى التحلي بروح وفاقية تضع المصالح الديموقراطية في كينيا فوق كل اعتبار». وأعرب الوزير البريطاني عن قلقه على الانتخابات في مناطق أخرى من أفريقيا، في انغولا وغانا ومالاوي والمتوقعة خلال الشهور المقبلة، خصوصاً ان «كينيا مهمة جداً في حد ذاتها، ومهمة لبقية افريقيا والتوجه الديموقراطي». ودعا الاتحادان الافريقي والأوروبي الى «ضبط النفس» و»الحوار» بين ممثلي الفريقين. وأعرب الاتحاد الأوروبي عن أمله بالتوصل الى «حل ذي صدقية وشفاف بما يتماشى مع المبادئ الديموقراطية». وتسببت المواجهات في مقتل 316 شخصاً منذ الانتخابات الرئاسية في 27 كانون الأول (ديسمبر) الماضي. وأثار ذلك مخاوف من غرق البلاد، التي توصف بنموذج للاستقرار في افريقيا، في الفوضى. واتهمت حكومة كيباكي أنصار منافسه رايلا أودينغا بالمسؤولية عن تفجر العنف. وقال الناطق باسم الحكومة ألفرد ماتوا: «أنصار أودينغا ضالعون بتطهير عرقي... لا نريد أن يلوث هذا اسم أودينغا، أو ينظر اليه على أنه يقوم بتطهير عرقي». ووجه أنصار أودينغا، وهم أساساً من قبيلة لوو التي ينتمي إليها زعيم المعارضة، اتهامات مماثلة لكيباكي الذي هيمنت قبيلته كيكويو، على الحياة السياسية والاقتصادية في أكبر اقتصادات شرق افريقيا. وانتظر عشرات الكينيين بأمتعتهم في مطار الدوريت بحثاً عن رحلات طيران الى نيروبي، بعدما أغلق الشبان الطريق الرئيسة المؤدية إلى العاصمة بجذوع الأشجار والحجارة. وقدرت الشرطة عدد الفارين من منازلهم بنحو 75 الفا، بعضهم عبر الحدود الى دول مجاورة، في اتجاه عكسي عما اعتادته البلاد على مدى عقود من تدفق ضحايا الصراعات اليها من دول الجوار. وتهيمن على الوادي المتصدع قبيلة كالينغين التي ينتمي إليها الرئيس السابق دانيال اراب موي، لكن كثيرين من أفراد كيكويو انتقلوا الى هناك للزراعة والتزاوج بين القبائل. وانتشر شبان مسلحون بالمناجل عند حواجز طرق في المناطق الريفية، فيما شق بضعة موظفين طريقهم وسط الطوق الأمني الذي تفرضه الشرطة في العاصمة نيروبي لاستئناف العمل في العام الجديد. وفتحت المحال التجارية أبوابها جزئياً، وظهرت طوابير طويلة أمام المصارف. وأعادت الشرطة حركة التجول في وسط العاصمة، في الشوارع التي كانت حظرت المرور فيها الأسبوع الماضي. واستأنفت حافلات النقل العام حركتها. وقال وزير المال الكيني أموس كيمونيا ان العملة المحلية الشلن «تحت السيطرة»، على رغم الاشتباكات العرقية التي أعقبت الانتخابات، في حين انخفضت التعاملات بالنقد الأجنبي وتراجعت الأسهم. كما تسببت أعمال العنف في تراجع إمدادات الوقود والمنتجات البترولية الى بلدان مجاورة، من بينها اوغندا وبوروندي، كما يرجح أن تؤثر على مناطق في بلدان أخرى من شرق الكونغو وصولاً الى جنوب السودان.