فى اشتباكات هى الاعنف من نوعها منذ توقف الحرب الاهلية اللبنانية التي استمرت من 1975 الى عام 1990. قتل ما لا يقل عن 50 شخصا بعضهم من المدنيين،وذلك خلال المعارك التى استمرت يومى الاحد والإثنين20،21/5 بين الجيش اللبناني ومسلحين من حركة "فتح الاسلام" التي تتمركز في مخيم "نهر البارد" للنازحين الفلسطينيين قرب مدينة طرابلس شمال لبنان. وقد استخدم الجيش اللبناني المدفعية والدبابات في المعارك التي شاركت وحدات الجيش فيها. كما عزز الجيش مواقعه في شمال لبنان وضرب طوقا حول المخيم بعد استقدام تعزيزات عسكرية. وكانت الاشتباكات قد بدأت بالأسلحة النارية فجر الاحد 20/5 لدى قيام قوات الأمن بمداهمة شقة يقطنها عدد من عناصر فتح الاسلام في مدينة طرابلس في إطار تحقيقاتها في قضية سرقة بنكية. وامتدت الاشتباكات الى مخيم نهر البارد حيث قام مسلحون من التنظيم بالاستيلاء على موقع تابع للجيش في مدخل المخيم وبدأوا في نصب كمائن لقوات الأمن وفتح النيران باتجاه الطرق المؤدية الى المخيم. وأعقب هذا قيام الجيش باستدعاء المزيد من القوات التي اشتبكت بدورها مع المسلحين وقامت بقصف مواقعهم. وتبع ذلك قيام الجيش اللبناني بتطويق المخيم حيث قصف بالأسلحة الثقيلة نقاطا تمركز فيها المسلحون داخل المخيم. وأعقب ذلك قرار بوقف إطلاق النار في مخيم نهر البارد لإجلاء الجرحي وإدخال المؤن . وأوضح المراسلين أن القرار اتخذ لأسباب إنسانية إثر اتصالات لبنانية فلسطينية مكثفة، حيث التقى وفد فلسطيني يضم ممثل منظمة التحرير في لبنان عباس زكي برئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة إلا أن الجيش اللبنانى استأنف بعد وقت قصير قصف مواقع فى المخيم أكد أنها تابعة لفتح الاسلام . وبينما أشارزكى إلى صعوبة دخول الجيش اللبناني الى مخيم نهر البارد الذي يقطنه نحو 30 ألف لاجئ فلسطيني، مؤكداً أن التخلص من "ظاهرة فتح الإسلام" يتم بمعالجة تعبر عن دراسة واتفاق وانسجام خاصة مع ساكني المخيم.وأكد مسؤول منظمة التحرير أن فتح الإسلام لا علاقة لها بأبناء مخيم نهر البارد، مشيرا إلى أن الفلسطينيين "لا يريدون أن يكونوا عنوان تفجير أو فتنة أو شرارة حرب أهلية". ومن جانبه قال أبو سليم المتحدث باسم فتح الاسلام إن الجماعة كانت فقط تدافع عن نفسها، ووصف الاشتباكات بانها "اعتداء غير مبرر من جانب الجيش اللبناني". وارجع ابو سليم سبب المشكلة الى تكرار اعتقال اعضاء التنظيم في طرابلس، وقال "ان التنظيم يدافع دائما عن السنة في لبنان". ويذكر ان مخيم نهر البارد يقطنه حوالي 30 ألف لاجئ فلسطيني. والمعروف أن الجيش اللبناني لا يدخل المخيمات الفلسطينية ويقتصر دوره على تأمين مداخلها. *ماهو تنظيم فتح الإسلام؟ فتح الإسلام تنظيم يعتقد أنه يرتبط فكريا بتنظيم القاعدة، ويتألف أساسا من مجموعة من المقاتلين من جنسيات مختلفة منهم سوريون ولبنانيون وفلسطينيون وسعوديون وغيرهم، انتقلوا من سوريا إلى مخيمات لبنان. وكان تنظيم "فتح الاسلام"والذى أعلن عن نفسه في وقت سابق من هذا العام، قد أنشق في بادئ الأمر عن تنظيم فتح - الانتفاضة، الذي يقوده أبو موسى وأبو خالد العملة من دمشق، وهو تنظيم مقرب من النظام السوري، سبق له وأنشق بدوره عن حركة فتح في أواسط العقد الثامن من القرن الماضي، على خلفية النزاع بين دمشق ومنظمة التحرير الفلسطينية. وتفيد التقارير أن الذى قاد انشقاق فتح الإسلام، يسمى شاكر العبسي، وهو عضو سابق في حركة فتح، أرسلته الحركة في السبعينات إلى ليبيا للتدرب على الطيران، وعاد بعدها ليظهر في الأردن عام 2002، حيث يُنسب إليه الضلوع باغتيال الدبلوماسي الأمريكي لورنس فولي، وقد صدر بحقه حكم غيابي بالإعدام في هذه القضية. وبعد ذلك ظهر العبسي في دمشق، حيث صدر بحقه حكماً بالسجن بتهمة محاولة إدخال أسلحة إلى الأردن لضرب أهداف إسرائيلية عام 2002، وأطلق سراحه بعد عامين فقط، ليعود فيظهر فجأة في معسكر تابع لتنظيم "فتح الانتفاضة" في بلدة حلوة اللبنانية، الواقعة على الحدود السورية لجهة البقاع الغربي. وقد غادر العبسي المعسكر مع عدد مع أنصاره بعد اشتباك مع عناصر من الجيش اللبناني، ليستقر في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين بشمال لبنان، وخاصة في مخيمي البداوي والنهر البارد، حيث أخذ من موقع مؤسسة "صامد" التابع ل"فتح الانتفاضة" مركزاً له، قبل أن تدّعي تلك الأخيرة أنه استولى عليه بالقوة. وجدير بالذكر أنه تم طرح اسم فتح الإسلام بقوة في 12 مارس الماضي، لأتهامه في تنفيذ تفجير حافلتي ركاب في منطقة عين علق، ذهب ضحيتها ثلاثة قتلى والعديد من الجرحى ، حيث تم توقيف بعض المشتبهين، واتهم وزير الداخلية اللبناني حسن السبع صراحة الاستخبارات السورية برعاية التنظيم، قائلاً " إن "الجميع يعرف من هي الجهة التي تقف وراء ما يسمى ب'فتح الإسلام' أو 'فتح الانتفاضة'، التي هي جزء من الجهاز الاستخباراتي السورى" على حد قوله. أما سوريا، فقد نفت بحزم هذه الإتهامات، مؤكدة أن المجموعة تنتمي إلى تنظيم القاعدة، حيث قال وزير الداخلية السوري، اللواء بسام عبد المجيد، إن 'فتح الإسلام "أحد تنظيمات القاعدة التي تخطط لأعمال إرهابية في سورية."وقد أغلقت سوريا اثنتين من النقاط الحدودية مع شمالي لبنان بسبب التوترات الأمنية. وعلى الجانب الفلسطينى، تنفي القيادات الفلسطينية أن تكون الجماعة قد حظيت بأي غطاء فلسطيني في المخيمات، حيث أكد أمين سر حركة فتح في لبنان، سلطان أبو العينين، أن نسبة الفلسطينيين في هذه الجماعة لا يتجاوز خمسة في المائة. في حين تحدث ممثل منظمة التحرير في لبنان عباس زكي عن إعادة تأهيل كوادر المنظمة لتطويق الجماعة. وحول موقف منظمة التحرير الفلسطينية من هذا التنظيم ،كشف عباس زكي، ممثل اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية في لبنان ،أن فصائل المنظمة، وفي مقدمتها حركة فتح، تعيد ترتيب تشكيلاتها في مخيمات لبنان للتصدي لظاهرة تنظيم "فتح الإسلام" المتشدد، واضعاً تلك الجهود في سياق حماية السلم الأهلي اللبناني.واعتبر زكي موضوع السلاح الفلسطيني الموجود خارج المخيمات "شأناً سيادياً لبنانياً" ورفض في الوقت عينه تحويل المخيمات إلى ملاجئ للمطلوبين. وقال زكي: "هناك ما يسمى 'فتح الإسلام‘ ونحن بصدد محاولة محاصرتهم اجتماعياً وشعبياً بهدف إشعارهم بأنهم ليسوا وحدهم على الساحة... لدينا وجودنا ونحن سننظم هذا الوجود وسنأخذ احتياطات خاصة." *ولكن يبقى السؤال الأهم وهو مامدى علاقة فتح الإسلام بالقاعدة؟ يرى المراقبون أن المعارضة اللبنانية تعتبروجود مثل هذا التنظيم دليلاً على وجود تطرف سني في لبنان مرتبط بتنظيم "القاعدة"، ازدادت قوته مع حالة "الشحن المذهبي" الذي تعيشه الطائفة السنية بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، وتراخي القبضة الأمنية المركزية للدولة تجاه تلك الظواهر. ويعود تاريخ ظهور هذا التنظيم إلى حوالي عام، حين صدر بيان يحمل اسم "فتح الإسلام" شرح فيه (التنظيم) الأطر العامة لحركته، والتي تقوم على "الجهاد لتحرير فلسطين" من منطلقات إسلامية، شاء وضعها في مواجهة الفكر التقليدي لسائر الفصائل الفلسطينية التي اتهمها بالفساد أو العلمانية، على تعبيره.وقد سبق لأحد المسؤولين الأمريكيين، الذي لم يتم الإفصاح عن اسمه، أن كشف في مقابلة مع "راديو سوا"، الذي تموله وزاره الخارجية الأمريكية، أن واشنطن تعتقد بوجود صلات بين هذا التنظيم والقاعدة. وعزز من تلك الشبهات لجوء التنظيم إلى استخدام أدبيات القاعدة وشعاراتها وأساليبها الإعلامية، وقد دأب على بث بياناته باستخدام مواقع إلكترونية، غالباً ما تبث بيانات وأشرطة لتنظيمات متشددة، بالتزامن مع تحذير القائد السابق للقوات الدولية العاملة في جنوب لبنان من إمكانية قيام "القاعدة" باستهداف قواته. وقد لف الغموض حقيقة هذا التنظيم الصغير الذي اتهمته أطراف لبنانية بالسعي لخدمة المصالح السورية في لبنان، في حين اتهمه حزب الله بالتخطيط لاغتيال عدد من زعاماته في لبنان. غير أن زعيم التنظيم العبسي يقول إنه جاء من سوريا إلى لبنان بهدف مواجهة القرار 1559 الهادف إلى نزع السلاح الفلسطيني.ويؤكد التنظيم أن هدفه قتل اليهود ومن يساندهم .ولم يصدر عن تنظيم القاعدة ما يؤكد صلته بجماعة فتح الإسلام، على غرار ما حدث مع التنظيمات المتشددة المغربية. كما أن الجماعة تجنبت الإشارة إلى ما إذا كانت بحق تابعة للقاعدة. وقد أشارت العديد من التقارير إلى ارتباط هذه الجماعة، بجماعة قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين، خاصة أثناء حقبة قيادة أبو مصعب الزرقاوي، حيث كانت تشرف على إمداده بمقاتلين لبنانيين وفلسطينيين. وكانت قضية توقيف الأجهزة الأمنية اللبنانية لعناصر من تنظيم "فتح الإسلام" في 12 مارس الماضي بتهمة تفجير حافلتي ركاب في منطقة عين علق قبل ذلك التاريخ بشهر قد شرّعت الأبواب أمام التكهنات حول خلفية تلك المجموعة وحقيقة ارتباطاتها. ففي حين اتهم وزير الداخلية اللبناني الاستخبارات السورية برعاية التنظيم رد السوريون بتأكيد أن المجموعة تنتمي إلى تنظيم القاعدة. وقد وجد هذا الرأي على ما يبدو صداه لدى بعض الأوساط الأمريكية، نظراً للخلفية الفكرية للجماعة ولشخصية زعيمها شاكر العبسي ودوره في اغتيال الدبلوماسي الأمريكي لورنس فولي في الأردن عام 2002، غير أن ذلك لم يحل دون إبداء الأوساط الفلسطينية في لبنان خوفاً متزايداً من نتائج تلك القضية على الأوضاع المتردية أصلاً في المخيمات. وحول أهم ردود الفعل ندد الرئيس اللبناني إميل لحود بشدة التعرض للجيش والقوى الأمنية اللبنانية وشدد على وجوب اتخاذ كافة الإجراءات لردع المسلحين. بينما قال رئيس الحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة إن الهجمات التي نفذتها فتح الإسلام هدفها ضرب السلم الأهلي.كما ندّد مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني بما جرى في شمال لبنان ووصفه بأنه اعتداء على كل البلاد. ووصف قباني تنظيم فتح الإسلام بأنها فئة خارجة على القانون وتسيء إلى الإسلام. وأيضاً ندد الناطق باسم حركة حماس في لبنان أسامة حمدان بحادث الاعتداء على الجيش اللبناني في محيط نهر البارد، وناشد المسؤولين اللبنانيين ألا يَدَعوا الحادث يؤثر على أوضاع اللاجئين الفسلطينين في لبنان. وبدوره دعا رئيس كتلة تيار المستقبل النائب سعد الحريري -الذي يعد شمال لبنان أحد معاقل تياره السياسي- أنصاره إلى التعاون مع القوى الأمنية الشرعية وتسهيل عملها، مؤكدا أن "التغطي تحت أسماء تنظيمات إسلامية مزعومة لن ينطلي على أحد". أما عضو تيار المستقبل النائب مصطفى هاشم فذهب إلى اتهام دمشق بالعمل خلف فتح الإسلام وافتعال المواجهات لعرقلة الجهود الدائرة في مجلس الأمن لإقرار المحكمة الدولية المتعلقة بقضية اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري. وأيد وزير الرياضة والشباب اللبناني هذا الرأي دون أن يذكر سوريا بالاسم، في حين سارعت الحركتان الفلسطينيتان الرئيسيتان حماس وفتح إلى إنكار أي علاقة للفلسطينيين بفتح الإسلام.
*ولكن هل يشكل تنظيم فتح الإسلام بعداً جديداًفى الأزمة السياسية اللبنانية؟ يعتقد المراقبين أن حركة "فتح الإسلام" تحولت إلى قضية محورية في ملف الأمن اللبناني الداخلي مؤخراً، واكتسبت أهمية متزايدة في البعد السياسي - باعتبار الأمن اللبناني أمناً سياسياً في المقام الأول - حيث اعتبرتها أطراف السلطة اللبنانية دليلاً على التورط السوري في الشأن الداخلي، من باب زعزعة الأمن. هذا ويعتقد بعض المحللين أنه قد تكون هناك علاقة بين أعمال العنف هذه والتحركات الأخيرة من قبل مجلس الأمن لإقامة محكمة دولية لمحاكمة المشتبه في تورطهم في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري. حيث ترفض سوريا هذه المحكمة، وتتهم بعض المصادر الحكومية اللبنانية سوريا بمحاولة إثارة المتاعب للحيلولة دون عقدها. وبين إصرار الحكومة اللبنانية على الدور السوري فى دعم هذا التنظيم،وتوجيه البعض أصابع الإتهام لتنظيم القاعدة ، وبين اتهام المعارضة للحكومة، بغض الطرف عن بعض الظواهر السنية المتشددة في مواجهة النفوذ المسلح للشيعة، يدفع الأمن اللبناني الداخلي الفاتورة الأكبر. 21/5/07