ترددت أنباء غير مؤكدة تفيد أن شاكر العبسي قائد جماعة فتح الإسلام قد لقي مصرعه في تجدد قصف للجيش اللبناني صباح اليوم السبت لمناطق انتشار عناصر التنظيم في مخيم نهر البارد شمالي لبنان بعد ليلة هادئة نسبيا حيث استخدام الجيش المدفعية الثقيلة والأسلحة الرشاشة. وقد أدت الاشتباكات إلى مقتل 21 شخصًا من بينهم 2 من الجيش اللبناني بينما تضاربت الأنباء حول هوية ال19 قتيلاً الآخرين حيث قالت مصادر إنهم من المدنيين بينما ذكرت مصادر أخرى أنهم من فتح الإسلام، إلا أن الجماعة أعلنت أنها خسرت اثنين من عناصرها فقط فيما أصيب 78 آخرون من بينهم 18 جنديًّا لبنانيًّا و60 من المدنيين من سكان المخيم. كما شهدت الاشتباكات سيطرة عناصر القوات الخاصة في الجيش اللبناني على 3 من المواقع التي يتمركز فيها عناصر فتح الإسلام على مشارف المخيم كما دمرت بعض المواقع التي كان قناصة فتح الإسلام يسيطرون عليها وكانت حدة المعارك قد بلغت مستوى وصل معه معدل إطلاق القذائف بين الجانبين ل10 قذائف في الدقيقة الواحدة. وتعهد متحدث باسم جماعة فتح الإسلام من داخل المخيم بأن عناصر التنظيم لن يستسلموا أبدا ولن يسلموا أسلحتهم. وقال أبو سليم طه المتحدث باسم الجماعة – بحسب رويترز- في حديث هاتفي إننا لا يمكن أن نسلم سلاحنا لأنه عزتنا. لا يمكن حتى أن نفكر بأن نستسلم.مضيفا أن الكرة الآن في ملعب الجيش اللبناني. ونفى المتحدث أن يكونوا قد فقدوا السيطرة على مواقع رئيسية مؤكدا أن عناصر التنظيم ما زالوا في مواقعهم . ووسط أصوات انفجارات وإطلاق نيران تصاعدت أعمدة من الدخان الأسود من المباني المنهارة في الوقت الذي أطلق فيه جنود وابلا من قذائف المدفعية وقذائف المورتر. وينفذ الجيش – بحسب الجزيرة - خطة لاستدراج مقاتلي فتح الإسلام وعزلهم عن المدنيين وذلك عبر تقدمه للسيطرة على مواقع يسيطر عليها عناصر التنظيم على مشارف المخيم. وكان متحدث عسكري قد ذكر أمس أن الجيش تمكن من السيطرة على أبنية عالية محاذية للمدخل الشمالي للمخيم كانت عناصر فتح الإسلام تطلق منها رصاص القنص على العسكريين. وأضاف أن مواقع فتح الإسلام في الأبنية المرتفعة داخل المخيم كذلك تحت سيطرة نيران الجيش. واعترف الجيش اللبناني في وقت سابق بمقتل ثلاثة من جنوده إضافة إلى 19 من عناصر جماعة فتح الإسلام في أعنف مواجهات بين الجانبين بمخيم نهر البارد. وأشارت تقارير صحفية إلى أن الطريق الرئيسية التي تربط طرابلس مازالت مقطوعة منذ استئناف الاشتباكات الجمعة. وبلغت حصيلة القتلى الذين سقطوا منذ اندلاع المواجهات في 20 مايو إلى 83 قتيلا بينهم 38 جنديا. ودعا الجيش في بيان الجمعة عناصر فتح الإسلام إلى الاستسلام لكن التنظيم يرفض تسليم عناصره المتهمين بتصفية 27 عسكريا لبنانيا في 20 مايو عند مشارف نهر البارد فيما تصر الحكومة اللبنانية والجيش على ذلك. وتتواصل إخفاقات التسوية السياسية للمشكلة حيث أن المسألة تتجاوز تقديم وساطات وعلى رأسها وساطة لهيئة علماء فلسطين. وفي هذا الإطار أكد وزير الشباب اللبناني أحمد فتفت أن تنظيم فتح الإسلام لم يترك خيارا للجيش اللبناني مشددا على ضرورة استسلام عناصر التنظيم. ومن جهة أخرى تظاهر عدد من الفلسطينيين في أحد شوارع مخيّم برج البراجنة جنوببيروت احتجاجا على العملية العسكرية الجارية في نهر البارد. وكان ضمن المتظاهرين -الذين تجمعوا بعد صلاة الجمعة- بعض اللاجئين الفارين من مخيم نهر البارد منذ اندلاع الاشتباكات. وقد تسببت تلك الاشتباكات في تردٍّ كبيرٍ للوضع الإنساني فقد أكدت العديد من المصادر اللبنانية والفلسطينية وقوع إصابات في صفوف المدنيين داخل المخيم بينما لم تتمكن سيارات الإسعاف من دخول المخيم بسبب شدة القصف. وفي مواجهة ذلك شكل بعض أهالي مخيم نهر البارد الفارين إلى مخيم البداوي لجنة لتنظيم أنفسهم وتفعيل تحركاتهم لمتابعة تطورات الأزمة وتفعيل التحركات لإنهائها. وأطلق الأهالي على تلك اللجنة اسم "اللجنة الأهلية الفلسطينية للمتابعة" واختصارها "لهفة". وأشار البيان التأسيسي للجنة إلى أنه من رحم المعاناة ومن صميم النكبة تداعت مجموعة من مشايخ وفعاليات وأطباء ومهنيين وإداريين ومعلمين وروابط أهلية وغيرهم من مخيم نهر البارد الأبيّ الصامد، لتقف أمام مسئولياتها في متابعة الأوضاع الكارثية داخل مخيم نهر البارد وخارجه، وانبثق عن هذا اللقاء مشروع عملي تحت مسمىّ: اللجنة الأهليّة الفلسطينية للمتابعة- (لهفة). وأشار البيان إلى أن اللجنة وضعت 5 أهداف أساسية يتمثل الأول في تنظيم العودة للمخيم وسط ظروف أمنية وإنسانية مواتية، والثاني تفعيل الاتصال مع أهالي مخيم نهر البارد الذين لا يزالون مقيمين فيه تحت القصف والثالث تخفيف المعاناة عن أهالي نهر البارد في مختلف أماكن تواجدهم سواء داخل المخيم أو في الأماكن التي نزحوا منها بينما يتمثل الهدف الرابع في تواصل اللجنة مع اللجان الشعبية وفصائل المقاومة جميعها ودعوتها إلى بذل المزيد من الجهد لإنهاء الأزمة. كما أوضح البيان أن الهدف الخامس هو رفع مستوى الوعي بظروف الأزمة الراهنة من خلال تشكيل حلقات تواصل وزيارات ميدانية لأهالي المخيم النازحين في مختلف أماكن تواجدهم بما يؤدي إلى التصدي للشائعات وتوجيه العمل الارتجالي العفوي بصورة صحيحة تحقق الأهداف المنشودة وهي إنهاء الأزمة وإعادة اللاجئين لديارهم في أجواء مواتية. وشددت اللجنة على أنها ليست بديلاً عن أحد، داعية وكالة الأممالمتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين ال(أونروا) إلى بذل المزيد من الجهد سياسيًّا وإغاثيًّا لإنهاء الأزمة، كما وجهت اللجنة الشكر في بيانها لكل الأطراف التي ساهمت في تحسين أوضاع النازحين من المخيم. وفي موازاة ذلك تواصلت التحذيرات الفلسطينية من الإضرار بالمدنيين، وقال المسئول الإعلامي لحركة المقاومة الإسلامية حماس في لبنان رأفت مرّة: إن المواجهات الحالية في المخيم أسفرت عن أوضاع مأساوية خطيرة داخل المخيم، مشيرًا إلى أن عدد اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في مخيم نهر البارد وفي محيطه حوالي 40 ألف نسمة، بقي منهم عدد يتراوح ما بين 10 آلاف إلى 12 ألف نسمة. وأضاف مرّة أن التردي الإنساني يظهر في عدم وجود مستشفيات في المخيم وافتقاده المستلزمات الطبية والصحية ومياه الشرب منذ اللحظات الأولى لتفجر الأزمة كما أكد افتقاد الأهالي مياه الاستخدام بعد 5 أيام من بدء الأزمة، إلى جانب انعدام وجود المواد الغذائية وأضاف أن المشكلة الأساسية هي عدم القدرة على معالجة الجرحى، أو إنقاذ المصابين أو نقلهم إلى خارج المخيم، مشيرًا إلى أن تزايد حدة المواجهات زاد من حجم الأزمة. وأعرب مرّة عن مخاوفه من أن يؤدي الخيار العسكري في معالجة الأزمة في مخيم نهر البارد "إلى تأزيم الوضع وتعقيد الحالة الراهنة، وانتقال الأزمة إلى أماكن أخرى ما يُدخل الفلسطينيين واللبنانيين في أزمات متلاحقة ومتنقلة يصعب علاجها والتحكم فيها والسيطرة عليها مجددًا رفض حماس لأية عملية عسكرية تعرِّض أمن اللاجئين الفلسطينيين الآمنين في مخيمات اللجوء بلبنان للخطر. كما شدد المسئول الإعلامي على حرص حماس على وحدة الموقف الفلسطيني المؤسّس على حماية الفلسطينيين واحترام السيادة اللبنانية، وعدم استخدام الفلسطينيين كأداة في الصراعات المحلية أو ذات الطابع الدولي"، مضيفًا: "نعتقد أنّ الموقف الفلسطيني الموحّد يشكل عنصرًا مهمًا وفاعلاً في بلورة حلّ مقبول لهذه الأزمة. إلى ذلك أصدرت منظمة التحرير الفلسطينية بيانا أكدت فيه أن الجيش اللبناني بذل قصارى جهده لتجنب إلحاق الضرر بالمدنيين مما يعتبر إشارةً إلى الموافقة الضمنية للمنظمة على العملية العسكرية التي يقوم بها الجيش اللبناني ضد فتح الإسلام دون أن يعني ذلك الموافقة على اقتحام المخيم. وفيما يتعلق بالاشتباكات التي دارت في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في لبنان، أكد منير المقدح- المشرف العام على قوات حركة فتح في مخيم عين الحلوة- أن الاشتباكات التي وقعت الليلة الماضية في المخيم بين عناصر من فتح وآخرين من تنظيم جند الشام هي أحداث فردية ولا علاقة لها بالأحداث التي يشهدها مخيم نهر البارد شمال لبنان. وأضاف المقدح أن لجنة المتابعة التي تضم جميع القوى والفصائل الفلسطينية الموجودة في المخيم استدعت أطراف الاشتباكات وحققت معهم وأحالتهم للجهات الأمنية الفلسطينية المختصة بعد تأكدها من عدم وجود علاقة مع أحداث نهر البارد، مشيرًا إلى عدم وقوع إصابات بين عناصر جند الشام وأنه تم احتواء الاشتباكات.