لا يجب، ولا يصح علي الإطلاق، ان يتجاهل أحد منا الحقيقة القائمة أمام أعيننا جميعا الآن، والماثلة علي أرض الواقع بلا خفاء، ودون مواربة، في كل موقع، وكل مكان علي أرضنا، بطول البلاد وعرضها. وليس معقولا، ولا مقبولا، علي الاطلاق، ان يسلك أي منا سلوك النعام، الذي يخفي رأسه في الرمال، أو نبات الأرض، حتي لا يري ما يحيط به، متصورا، أو متوهما زوال الخطر، طالما انه لا يراه، بينما الخطر يتربص به، ويتهيأ للانقضاض عليه. هذه ليست كلمات تحذير من خطر قادم، كما انها ليست جرس إنذار لما هو متوقع،..، بل هي في الحقيقة صيحة تنبيه إلي خطر قائم بالفعل، يجب الالتفات إليه، ومواجهته بكل الجدية والإصرار، حتي نستطيع تجاوزه والنجاة منه، والرسو بسفينة الوطن إلي مرفأ آمن يتيح الظروف المناسبة للانطلاق إلي آفاق المستقبل، وتحقيق حياة كريمة لكل مواطن مصري يتمتع فيها بكامل الحرية في دولة مدنية حديثة تقوم علي الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، ويسودها القانون الذي يتساوي أمامه الجميع بلا تفرقة ولا تمييز. وتلك الحقيقة الخطرة التي أضحت واضحة ومتحدية لكل منا علي أرض الواقع الآن، هي توقف العمل، وتعطل الانتاج في مواقع كثيرة، وهو ما اصبح مهددا للاقتصاد القومي، ومستنزفا له بصورة خطرة، يجب وقفها بكل السبل، وجميع الوسائل، لصالح الوطن، ومصلحة كل المواطنين. والمصارحة الواجبة تفرض علينا جميعا الإدراك بأن مصر تعاني الآن من حالة اقتصادية لا تسر أحدا، نتيجة القصور الشديد في الانتاج، والتقصير الأشد في سير العمل بالمصانع والشركات وتوقف العديد من المؤسسات الخدمية والانتاجية وهو ما أدي إلي قلة التصدير، وزيادة الاستيراد، واستهلاك المخزون من السلع والصرف من الرصيد الإحتياطي للنقد الأجنبي بالبنك المركزي وزيادة الدين العام، واللجوء للاقتراض الخارجي،...، وهذا وضع خطر لا يجب أن يستمر علي الاطلاق. وأحسب ان الضرورة تقتضي منا أن نؤمن جميعا بأن مصر في حاجة ماسة الآن، وفورا، لحشد كل الطاقات الخلاقة والمبدعة، لأبنائها الشرفاء، لإدارة دولاب العمل والانتاج في الدولة كلها، وإعادة الحياة إلي طبيعتها في كل المصانع والشركات والمؤسسات، وإنهاء حالة التوقف عن الانتاج وتعطل العمل، حتي تتوقف حالة النزيف الجارية للاقتصاد القومي، ونخرج من عنق الزجاجة الذي نحن فيه الآن، تمهيدا للانطلاق للأمام. هذه ضرورة،..، وهذا واجب، بل لقد أصبح فرض عين علي كل مصري. نقلا عن صحيفة "الاخبار" المصرية