أعلن المهندس رشيد محمد رشيد وزير الصناعة والتجارة أن الرئيس مبارك طلب من الجانب الفرنسي أن تكون مبادرة الاتحاد المتوسطي التي طرحها الرئيس الفرنسي ساركوزي ووافقت عليها مصر في خدمة المواطن المصري بحيث يشعر بتأثيرها عليه وأضاف رشيد أن الرئيس طلب في الاجتماعين اللذين عقدهما مع الرئيس الفرنسي ساركوزي ورئيس الوزراء فرانسوا فيون أن تؤدي المشروعات التي تتبناها المبادرة إلي تحسين معيشة المواطن المصري وتصب في الخدمات ومرافق البنية التحتية بحيث يشعر المصريون بأنها ساهمت في خلق فرص عمل أو زيادة الدخول للمواطنين. وأضاف: أن من ضمن أهداف المبادرة الانفتاح علي سوق عمالة به 40 مليون نسمة يحتاجون لوظائف في نفس الوقت الذي يوجد فيه نقص متوقع في العمالة الأوروبية قريبا يقدر ب 80 مليون عامل. وأضاف أن الرئيس وجه نظر الفرنسيين إلي أن هناك عمالة قوية موجودة في مصر ودول شمال أفريقيا تستطيع أن تحقق اكتفاء لفرنسا من احتياجاتها من الموارد البشرية لذلك فإن الرئيس يأمل أن تزداد الاستثمارات والمشروعات الفرنسية والأوروبية من خلال مبادرة الاتحاد المتوسطي في ملفات التنمية البشرية والتعليم والخدمات بحيث نصل في النهاية إلي صيغة تتجاوز مشكلة الهجرة غير الشرعية وتوفر في الوقت ذاته عمالة بالتعاقد مع شباب مصري وعربي لمدد محدودة وبتأشيرات قانونية وهذا أحد الحلول التي يفكر بها الرئيس لمشكلة البطالة في جنوب المتوسط. مضي رشيد قائلا: إن الفرنسيين يدركون أن العمالة الموجودة في جنوب المتوسط يمكن أن تتأقلم وتتكيف بصورة أسرع مع احتياجات المجتمع الأوروبي في شمال المتوسط نظرا لتقارب الثقافات والجذور الحضارية وعمق الصلات السياسية بين شمال المتوسط وجنوبه. وأضاف أن الجانب المصري أوضح في محادثاته مع رئيس الوزراء الفرنسي أن العمالة المصرية يمكن أن تكون أرخص من العمالة التي يجلبونها من الصين والهند للعمل في الاتحاد الأوروبي بشرط أن تقوم الدول الأوروبية بتوفير تدريب وتكنولوجيا عالية في مصر من خلال استثمارات أو مشروعات مشتركة وذلك لرفع كفاءة العامل المصري. ونوه إلي أن مبادرة الاتحاد المتوسطي تستهدف في المقام الأول بناء مصالح مشتركة وحل مشكلة العمالة في جنوب المتوسط بطريقة مبتكرة مؤكدا أن التركيز في هذه المحادثات التي أجراها الوفد المصري مع الجانب الفرنسي كان علي الإسراع بفتح الأسواق الزراعية بفرنسا. أمام المنتجات المصرية وتحرير الخدمات في مجال المقاولات وغيرها الأمر الذي يساهم في حل مشاكل التصدير والبطالة والقيود التي تفرض علي المنتجات من الجانب الأوروبي. وقال ان التجاوب الفرنسي كان عاليا جدا مشيرا إلي أن الاتحاد المتوسطي يستفيد من العلاقات السياسية الممتازة التي تربط بين دول شمال المتوسط وجنوبه. وأكد ان مصر ستستفيد اقتصاديا في المرحلة المقبلة من الاتحاد المتوسطي نتيجة لعلاقاتها السياسية الممتازة مع الدول الأوروبية بصفة عامة ودول شمال المتوسط بصفة خاصة التي ستجمعها مبادرة الاتحاد المتوسطي في تركيبة جديدة وفريدة تتقدم فيها المصلحة الاقتصادية علي أي خلافات سياسية قد تكون بين الدول. إعلان برشلونة وقال المهندس رشيد ان الرئيس مبارك نصح الجانب الفرنسي بعدم القفز فوق إعلان برشلونة وتجاهله تماما خاصة وان هناك آليات صالحة فيه كما أن هناك اتفاقيات تمت تحت مظلته وطالب الرئيس بأن تسير المبادرتان برشلونة والمتوسطي جنبا إلي جنب إلي أن تثبت فائدة الاتحاد المتوسطي القصوي. وقال رشيد ان هناك تنسيقا تجاريا دبلوماسيا بين مصر ودول شمال افريقيا والدول الأوروبية يستهدف تقوية العلاقات الاقتصادية مستشهدا بما تم انجازه مع اسبانيا حيث طلب رئيس وزرائها توقيع اتفاق استراتيجي مع مصر كما طلب رئيس وزراء ايطاليا رومانو برودي توقيع اتفاقية شراكة استراتيجية أخري مع مصر. وقال المهندس رشيد ان اتفاقية الاتحاد الأوروبي التي بدأت في روما عام 1957 يمكن أن تتكرر بأكثر من صورة وبصيغ متعددة تتركز كلها علي المصالح التي أصبحت في الوقت الراهن هي اللغة التي تتكلم بها الدول وهي ايضا اللغة التي بواسطتها تتشكل الكيانات الاقتصادية والتجمعات الاقليمية سعيا لتحقيق اقصي استفادة اقتصادية وتجارية ممكنة. وأشار رشيد إلي أن اللغة المفضلة في الوقت الراهن هي لغة المصالح المتبادلة وان هذه اللغة تنتصر علي الخلافات السياسية أو الدينية أو الاقليمية فمصلحة الشعوب هي الابقي في كل الأحوال. مجموعة عمل قال ان الرئيسين مبارك وساركوزي اتفقا علي تشكيل مجموعة عمل صغيرة مع مصر باعتبارها اكبر دولة واقتصاد في جنوب المتوسط وفرنسا باعتبارها أكبر اقتصاد في شمال المتوسط وستقوم هذه المجموعة المشكلة من اكبر قوتين اقتصاديتين في البحر المتوسط بوضع جدول اعمال لمبادرة الاتحاد المتوسطي تكون قابلة للتنفيذ وتتخطي ما يصادفها من عقبات وتسمح بالتشاور المستمر بين الدول أعضاء المبادرة. اعرب رشيد عن تفاؤله بزيادة حجم الصادرات المصرية لفرنسا خلال عام إلي مليار يورو ومن المتوقع ان تحقق زيادة أخري هذا العام ليكون مجموع الزيادتين اكثر من 60% خلال عامين فقط مقارنة بالفترات السابقة. كما أشار إلي زيادة حجم التبادل التجاري بين مصر وايطاليا إلي أكثر من 4 مليارات يورو. من ناحية أخري أكد أحمد أبوالغيط وزير الخارجية انه شعر خلال محادثات الرئيس مبارك في فرنسا ان الإدارة الفرنسية الجديدة ترغب في الانفتاح علي أكبر قوة سياسية واقتصادية في الشرق الأوسط والبحر المتوسط ونوه أبو الغيط إلي أن الرئيس الفرنسي الجديد يعرف قدر الرئيس مبارك جيداً وهو رجل عملي وواقعي يريد تحقيق قفزة اقتصادية لبلاده من خلال فتح الأسواق الهامة أمامها باعتبار أن مصر أكبر هذه الأسواق في المنطقة. فكرة مقبولة وأضاف أبو الغيط ان الاتحاد المتوسطي فكرة مقبولة مصريا ولكنه يحتاج إلي دراسات كثيرة في الفترة المقبلة تؤمن لها النجاح وبحيث لا تتضارب مع اعلان برشلونة الذي لم يحقق الاستفادة القصوي التي كانت متوقعة منه. وقال أبو الغيط: إن مصر كانت سباقة إلي إطلاق فكرة التعاون الأورومتوسطي وذلك عندما دعت عام 1994 إلي انشاء منتدي المتوسط وعقد أول اجتماع لوزراء خارجية المنتدي بالإسكندرية في مايو من نفس العام وحضره أكثر من 15 وزير خارجية. أضاف وزير الخارجية ان مصر وفرنسا تعملان حاليا علي دبلوماسية هادئة وفعالة تستهدف ترسيخ الاستقرار من الخليج إلي البحر المتوسط وجعل منطقة الشرق الأوسط منطقة سلام بدلا من كونها منطقة صراع. أشار إلي أن مصر وفرنسا تتفقان علي الرؤية العربية في قضية السلام ولبنان ودارفور وهي رؤية لم تختلف باختلاف الرئيس الفرنسي حيث حل ساركوزي محل شيراك لأن ثوابت العلاقات بين الدولتين راسخة وهدفهما الأسمي جعل البحر المتوسط بحيرة من الاستقرار والهدوء وابعاد التوترات عنه وجلب الرفاهية لشعوبه وتدعيم التنمية في دولة وذلك بأسرع وقت ممكن. توافق أضاف وزير الخارجية ان مصر ستشرع في الفترة القادمة في بحث مضمون فكرة الاتحاد المتوسطي مع الدول الأوروبية والعربية للوصول إلي توافق في جدول الأعمال وبحيث لا تتضارب مصالح الدول مع بعضها وتشكيل منظومة عمل واحدة تجعل التعاون فيما بينها نموذجيا. أضاف وزير الخارجية انه لاحظ أن العلاقة المتينة بين مصر وفرسنا ستساعد كثيرا في تنفيذ عدد كبير من الاتفاقيات يوقعها رئيس الوزراء عند مقدمه للقاهرة قريبا مشيرا إلي المنهج الفرنسي المتأثر باتفاقية روما عام 1957 وكيف أسفرت في النهاية عن تشكيل الاتحاد الأوروبي يظهر واضحا في مبادرة الاتحاد المتوسطي التي يعتقد ساركوزي انها يمكن أن تبدأ باتفاقية واحدة أو اثنتين كما بدأت اتفاقية روما باتفاقية الصلب والفحم. ثم تتسع بعد ذلك لتضم أكبر عدد من الاتفاقيات تؤدي في النهاية إلي تشكيل تكتل اقتصادي قوي.