لا تنتظروا من بلد يحكمه ثلاثة نسايب أن يأخذ على دماغه ويسكت. محمد مرسى رئيس الدولة، ومحمد الكتاتنى رئيس حزب الحرية والعدالة، وأحمد فهمى رئيس «الشورى»، نسايب بالمعنى الحرفى، نسايب قرايب حبايب، فهل تتوقع أن يراقب أحد أحدا، أو أن يتخلى أحد عن أحد، أو يحاسب أحد أحدا؟
هذه طبيعة جماعة الإخوان التى تعيش على زواج الأقارب، فتسيطر جينات وهرمونات واحدة على مجمل عروق الجماعة، ويتزوج بناتها بأولادها، وتتصاهر وتتكاثر، فيصبح من المستحيل التعامل مع هذا الكائن باعتباره جماعة سياسية ولا حتى جماعة دعوية، بل هى قبيلة داخل دولة، فعندما تسيطر هذه القبيلة على الدولة لا تتدوَّل القبيلة (أى لا تتحول إلى قيم الدولة وتقاليدها ومبادئها) بل تتقبَّل الدولة (أى تتحكم فيها مشاعر وقرارات روح القبيلة).
الأمر يفسر لك منذ اللحظة الأولى أن مرسى يخاطبنا بالأهل والعشيرة، لا بالإخوة المواطنين، لأن المواطنين تعنى أننا فى دولة، بينما الأهل تعنى أننا فى عائلة، والعشيرة تؤكد أننا فى قبيلة!
العجيب أن مصر كانت تتذمر فى السنوات الأخيرة من عهد الرئيس السابق من اختلاط الأنساب بعالم السياسة، ومن سيطرة اقتصاد المحاسيب، فها هى فى أول ستة أشهر من حكم مرسى تغطس فى مستنقع سياسة النسايب واقتصاد المحاسيب!
والجماعة نفسها قاصرة ذهنيا، ولا تقدم أى عطاء فكرى أو فقهى أو سياسى أو اقتصادى يوحى بأننا أمام جماعة ذكية نبيهة منجِزة، بل هى جماعة قبيلة وعشيرة قائمة على التعصب العائلى والانغلاق الجيناتى والانتماء القبلى والتحيز العاطفى، فلا تنتج تقدمًا على أى نحو وبأى قدر إلا إثارة الضجيج والصخب والغضب، فهى صورة من صور التخلف فى مواجهة التطور!
كيف نخرج إذن من حكم الجماعة التى تتحول فى وهلة حين شعورها بالخطر إلى عصابة لا تتورع عن الدفاع عن أبنائها (لا أعضائها فقط) بالسلاح والدم؟
الحل فى أن يتعلم مرسى ويخرج من الجماعة!
وهذا مستحيل!
إذن حتى يخرج مرسى من القصر الرئاسى (سيخرج طبعا، فلن يكون مؤبدا، ثم سيخرج ديمقراطيا وسلميا مع أى انتخابات رئاسية جديدة لو لم يكن هناك تزوير حقير مما شهدناه فى مهزلة الاستفتاء)، حتى هذا الحين فإن مهمة مصر المدنية كى تعود إلى عالم الدولة وتنهى علاقتها بمجتمع القبيلة، تقليل مخاطر سياسة النسايب والمحاسيب عبر:
- التمسك باستقلال القضاء ورفض الانتهاك اليومى الفجّ الفاجع من مرسى ومكى وأتباعهم.
- حماية مؤسسات الجيش والشرطة والمخابرات ضد تغوُّل الإخوان وسيطرة مجنديهم وجواسيسهم فى هذه المؤسسات.
- رفض التعامل والتعاون السياسى والانتخابى مع أى شخصيات أو أحزاب تدَّعى المدنية تهادن وتمالئ مرسى فى سطوته واستبداده ووقف أى نزف تنازلات عن الحرية والديمقراطية واستقلال القضاء، يقدمها متهاونون فى حق البلد.
- الفوز بالأغلبية البرلمانية فى الانتخابات القادمة.