تسعي قبائل سيناء إلي إحياء دور شيخ القبيلة والقضاء العرفي من جديد في حل جميع المشكلات التي تحدث بين القبائل، مع تزايد حدة الخلافات بين القبائل، لتصل في بعض الأحيان إلي مشاجرات ضخمة تستخدم فيها الأسلحة الآلية، وهي المشاجرات التي لا تتورط أجهزة الأمن في تصفيتها، بل تلجأ فيها أجهزة الأمن إلي مشايخ البدو للقضاء بحثاً عن الحلول الودية. وقد عاد دور مشايخ القبائل والقضاء العرفي بسيناء في الفترة الأخيرة إلي ما كان عليه سابقا، مع رعاية وزارة الداخلية المصرية لمحاكمات عرفية عقدت داخل خيام أقيمت بفناء مديرية أمن شمال سيناء، بالإضافة لقرار اللواء محمد عبد الفضيل شوشة محافظ شمال سيناء السابق بمنح راتب شهري للقضاة العرفيين وإلغاء المبلغ الذي كان يدفعه المتخاصمان للقاضي العرفي، حيث يعده البعض باباً للرشوة أو وسيلة للاسترزاق، مما يضعف قدر القضاء العرفي ويقلل من هيبته. ويقول عبد الله جهامة رئيس مجلس قبائل وسط سيناء أن شيخ القبيلة لابد أن تكون له سطوة وسيطرة علي أبناء القبيلة أو العشيرة، وأن يكون قادراً علي حل المشاكل. ويضيف: إن اختيار وتحديد مبدأ «الخمسات» سيعمل علي تقليل المشاكل وسرعة حلها والتزام جميع الأطراف بالقضاء العرفي الذي يعد ضابط إيقاع لحياة الصحراء. ويقضي مبدأ الخمسات بتقسيم كل قبيلة إلي خمسة أجزاء يضم كل جزء عدداً من العشائر والعائلات ينوب عن كل جزء شخص واحد يمثلها في التفاوض ويكون ملتزما بتنفيذ الأحكام العرفية. وطالب المشايخ بتشميس الشاب الذي يجلب مشاكل لعشيرته أو عائلته وقبيلته ليكون منبوذاً من الجميع. وأكد جهامة: أن القضاء العرفي في سيناء ظل متماسكاً علي مر السنين رغم تعاقب الحكومات وتعرض سيناء للاستعمار علي مدي عدة سنوات. من جانبه قال الشيخ جمعة الدلح أحد مشايخ وسط سيناء إن أعمال خطف السيارات الآن تلحق الضرر بجميع القبائل، والمطلوب سرعة تشكيل الخمسات داخل كل عشيرة. بينما طالب سليمان شتيوي شيخ قبيلة السماعنة ببئر العبد بعمل وثيقة تتضمن كبار العشائر والقبائل مع إلزام الجميع بالتوقيع عليها ليلتزم الكل ببنودها، علي أن يتم تنفيذها بين جميع القبائل. وأضاف الشيخ حلمي نجيب أحد مشايخ الشيخ زويد أنه لابد من الالتزام بالقانون العرفي الذي يحقق السلام الاجتماعي بين المواطنين، وقال: إن المطلوب هو سرعة التجاوب عند حدوث أي مشكلة، والعمل علي حلها علي الفور؛ خاصة أن معظم المشاكل تتم بسبب المعاملات المادية المشبوهة. وأكد الشيخ حسن محسن شيخ المحاسنة بالعريش أن أساس المشاكل الدائرة هو خطف السيارات وذلك برغم وجود نظام الوثاقة فإن الأمر يتطلب التزام جميع المشايخ وتوقيعهم علي الوثيقة التي يلتزم بها الجميع وبسرعة حل المشاكل وأن من يخرج علي النص يكون خارجاً علي الجماعة. ومن جانبه قال الشيخ عبد الكريم عبدربه شيخ قبيلة البكاروة بالعريش إننا نمر بمرحلة صعبة تتطلب تكاتف جميع القبائل حتي لا تتفاقم المشاكل بين الأطراف لاسيما أن المحافظة لها دول جوار، والاستقرار أمر مطلوب وحيوي لأمن مصر القومي. ويطالب القاضي العرفي يحيي الغول بدعم الدولة لهذا النوع من القضاء الذي يحكم أهالي أكثر من نصف مساحة مصر وهم سكان المحافظات الصحراوية من سيناء إلي الوادي الجديد والبحر الأحمر ومطروح إلي السلوم وبعض المحافظات الأخري التي تمت للبادية العربية من محافظات الوجه القبلي وبعض محافظات الوجه البحري. ويقول الدكتور عامر سليمان عميرة المدرس بكلية التربية بالعريش وأحد الباحثين في القضاء العرفي أن هناك علاقة وطيدة تربط بين القضاء العرفي والشريعة الإسلامية وهناك قاعدة قانونية عرفية عامة وملزمة تقول (الشرع مقدم علي الفرع) فكلمة الشرع تعني أحكام الشريعة الإسلامية وكلمة الفرع تعني أحكام القضاء العرفي. ومن أشهر القضايا التي نجح مشايخ البدو في حلها باللجوء إلي القضاء العرفي تغريم عائلة المنايعة مبلغ 3 ملايين جنيه لقيام عدد من أفرادها بإطلاق النار علي فايز أبوحرب عضو مجلس الشعب «واختطاف سيارته الملاكي واحتجازها لمدة 18 يوماً. وفي واقعة تعد الأولي من نوعها في شهر مارس آذار» الماضي لجأ مستثمر لبناني للقضاء العرفي بسيناء لحل نزاعا مع شريكه المصري وقضت المحكمة العرفية بدفع الشريك المصري وهو من أهالي سيناء 350 ألف جنيه مصري للمستثمر اللبناني. وفي أكتوبر من العام الماضي أنهي القضاء العرفي بسيناء نزاعاً قبلياً بين قبيلتي البياضية والترابين بعد محاكمة أول صحفي أمام مجلس عرفي بسبب نشره تقريراً وجه فيه عدة تهم لقبيلة الترابين حيث تنازلت قبيلة الترابين عن مبلغ مليون جنيه من قيمة الغرامة المفروضة علي قبيلة البياضية التي ينتمي إليها الصحفي والبالغة 2.7 مليون جنيه. وقررت قبيلة الترابين إعفاء قبيلة البياضية من بقية المبلغ فور قيامها برفع 12 راية لدي كل قبيلة للاعتذار مكتوباً عليها أنا غلطان وكتر خير الترابين قدروا وعفوا». وكان الصحفي عامر سليمان بجريدة الأحرار قد نشر تقريرا تضمن اتهامات لقبيلة الترابين بأنهم قُطاع طرق ومتورطون في عمليات خطف السيارات وتهريب المخدرات والاستيلاء علي مخازن الأسلحة والمتفجرات.