واصلت المؤسستان العسكرية والرئاسية التزام الغموض على حقيقة الأوضاع فى شمال سيناء منذ الحادثة الإجرامية التى أسقطت 16 شهيدًا من جنود حرس الحدود منتصف رمضان الماضى فى أثناء إفطارهم ليضع علامات استفهام قوية حول أسباب الصمت هذه، خصوصا بعد مقتل ثلاثة من رجال الشرطة فى هجوم مسلح على دورية الشرطة قبل يومين. الرئاسة والجيش من خلال متحدثيهما خرجا بتصريحات مكررة، لكنها حملت رسالة لا أحد يعرف الجناة حتى الآن.
المتحدث الرسمى باسم القوات المسلحة العقيد أحمد على، تصادف أن خرج بتصريحات الأحد عن عودة الجيش إلى كامل كفاءته فى نفس اللحظات التى كانت الجماعات المسلحة تقتل ثلاثة جنود فى العريش وبعد تدهور الأوضاع خرج فى بيان عبر صفحته الرسمية على «فيسبوك» لينفى إعلان سيناء منطقة عسكرية أو فرض الجيش حظر التجوال بشمال سيناء.
وأكد مساء الأحد أن هذه المعلومات مغلوطة وبعيدة تماما عن الصحة، وفى المرتين لم يتطرق المتحدث إلى العملية نسر ولا إلى ما يحدث فى سيناء، تأكيدًا لبيانه الأسبق الذى قال فيه «ليس كل ما يعرف يقال، وإن سرية العمليات تتطلب عدم الكشف عما يدور فيها»، واعتبر المتحدث العسكرى الزيارة القصيرة لوزير الدفاع إلى العريش -والتى أنهاها بسرعة بعد أن فشل فى الاجتماع بمشايخ القبائل لحصار مبنى المحافظة- اعتبرها دليلا على أن الحالة الأمنية فى شمال سيناء الآن فى صورتها الطبيعية، وأن الشرطة تعمل بكامل طاقتها بالتعاون مع القوات المسلحة بكل إصرار للحفاظ على أمن وسيادة الدولة على بقعة غالية من أراضيها.
أما المتحدث الرسمى باسم الرئاسة د.ياسر على، فقد خرج فى تصريحات مشابهة لا تحمل معلومة أو موقفًا بقدر ما تحمل مزيدًا من التشبث بالتعتيم على إهدار دماء 16 شهيدًا من المجندين، فقال إن الكشف عن منفذى العمليات التى تجرى فى سيناء سيتم مباشرة عقب انتهاء العملية «نسر»، ولكنه لم يحدد متى ستنتهى.
متحدث الرئاسة لم يتحرج رغم اشتعال الوضع فى سيناء، من الزعم أن العملية تسير بصورة جيدة وفى الاتجاه الصحيح، وأن أى قصور فى العمليات الأمنية سيتم علاجه فى الفترة القادمة، نافيا وجود نية لإقامة محافظة ثالثة بسيناء حاليا، لكنه عاد إلى التلاعب بألفاظ اللغة العربية ليعطى ردودا عامة، منها أن «هناك جهودا حثيثة لمعالجة المشكلة»، وأن هناك «إجراءات تم اتخاذها بالفعل»، وخلال «ساعات» سيتم الكشف عن نتائج العمليات، وأن المشكلة سيتم حلها «فى أسرع وقت ممكن»،
لكن يبدو أن ما يحدث فى سيناء غير منقطع الصلة بطبيعة العلاقة الجديدة بين مؤسسة الرئاسة فى مصر وحماس فى قطاع غزة.
مصادر خاصة كشفت أن مخطط تدمير الأنفاق بين مصر وغزة والذى أعده الجيش لمحاصرة وقطع الإمدادات عن هذه الجماعات مجمد بسبب القرار السياسى الذى يصدر من مستويات ترتبط بشكل مباشر بمصالح مع هذه الجماعات، وحذر المصدر من تداعيات الوصول إلى فشل عسكرى فى سيناء بسبب القرار السياسى.
وتتواصل علامات الاستفهام التى لا يتصدى لها المتحدث العسكرى فى أى من بياناته على «فيسبوك»، لتطول العمليات الهجومية على مقر القوات الدولية فى سيناء، ووحدات الشرطة التى أصبحت مستباحة الدماء للجماعات المسلحة وأدارت الدولة ظهرها لها، وهو ما أدى إلى انفجار عناصر الشرطة وانسحابها بعد أن تأكدت من تواطؤ النظام مع الجماعات المسلحة على دمائها.