سعر الذهب في مصر اليوم الاثنين 30-9-2024 مع بداية التعاملات    ارتفاع عدد ضحايا الغارات الإسرائيلية على بيروت إلى 12 شهيدا    الحوثيون في اليمن: لن تثنينا الغارات الإسرائيلية عن مساندة الشعب الفلسطيني واللبناني    رسميا.. حزب الله يؤكد اغتيال القيادي في صفوفه علي كركي    «لو كنتب موجود مكنش هياخد هداف الدوري».. سيف الجزيري يتحدى وسام أبوعلى    بعد الهزيمة أمام الزمالك.. 4 أسماء مرشحة لمنصب مدير الكرة ب النادي الأهلي    حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة اليوم الاثنين 30-9-2024    صفارات الإنذار تدوي في راموت نفتالي شمال إسرائيل    نقيب الفلاحين: الطماطم ب 50جنيها.. واللي يشتريها ب "أكثر من كدا غلطان"    التعليم تزف بشرى سارة ل "معلمي الحصة"    10"بعد إصابته في الركبة".. 10 صور تاريخيه محمد هاني مع النادي الأهلي    ملف يلا كورة.. إصابة هاني.. تصريحات لبيب.. وتألق مرموش    محمد أسامة: جوميز من أفضل المدربين الذين مروا على الزمالك.. والونش سيعود قريبًا    شراكة استراتيجية مع «الصحة العالمية» لتعزيز نظام الرقابة على الأدوية في مصر    إصابه 4 أشخاص إثر اصطدام دراجتين ناريتين في المنوفية    العثور على جثة حارس مهشم الرأس في أرض زراعية بالبحيرة    أحلام هاني فرحات بين القاهرة ولندن    10 تغييرات في نمط الحياة لتجعل قلبك أقوى    5 علامات للتعرف على نقص الفيتامينات والمعادن في الجسم    مستقبل وطن البحيرة يطلق مبادرة للقضاء على قوائم الانتظار    هل 200 جنيه للفرد شهريا «مبلغ عادل» للدعم النقدي؟.. أستاذ اقتصاد يجيب (فيديو)    صالون التنسيقية يفتح نقاشا موسعا حول ملف التحول إلى الدعم النقدي    صناع السياسة في الصين يتعهدون بدراسة تدابير اقتصادية تدريجية    الصين تتجه لخفض أسعار الرهن العقاري لإنعاش سوق الإسكان    من خلال برنامج القائد| 300 ألف يورو لاستكمال المركز الثقافي بالقسطنطينية    دونجا يوجه رسالة نارية ل إمام عاشور: «خليك جامد احنا مش ممثلين» (فيديو)    طبيب الزمالك يكشف آخر تطورات علاج أحمد حمدي    أجواء حماسية طلابية في الأنشطة المتنوعة باليوم الثاني لمهرجان استقبال الطلاب - (صور)    سعر استمارة الرقم القومي يصل ل 800 جنيه.. إجراءات جديدة لاستخراج البطاقة في دقائق    انطلاق أولى ندوات صالون المركز الثقافي القبطي الأرثوذكسي    المقاومة العراقية تحذر من إستخدام العراق منطلقا لعمليات التحالف الدولي ضد سوريا    مفاجآت سارة ل3 أبراج خلال الأسبوع المقبل.. هل أنت منهم؟    المفتي: الإلحاد نشأ من أفهام مغلوطة نتيجة خوض العقل في غير ميدانه    «الإفتاء» توضح حكم تناول مأكولات أو مشروبات بعد الوضوء.. هل يبطلها؟ (فيديو)    لبنان: استشهاد 45 شخصا وإصابة العشرات في أحدث الهجمات الإسرائيلية    بايدن: سنواصل الوقوف إلى جانب أوكرانيا    السعودية تعرب عن قلقها البالغ إزاء الأوضاع الأمنية في لبنان    مكون في مطبخك يقوي المناعة ضد البرد.. واظبي عليه في الشتاء    جامعة المنيا تقرر عزل عضو هيئة تدريس لإخلاله بالواجبات الوظيفية    مقتل 3 أشخاص من عائلة واحدة في مشاجرة على ري أرض بأسيوط    الأنبا باسيليوس يترأس قداس المناولة الاحتفالية بكاتدرائية يسوع الملك    السفيرة الأمريكية لدى مصر تشارك في فعاليات برنامج "هى الفنون" بالقاهرة    محافظ جنوب سيناء: 15% زيادة متوقعة بحجم الإقبال السياحي في أكتوبر ونوفمبر المقبلين    د.حماد عبدالله يكتب: فى سبيلنا للتنمية المستدامة فى مصر !!    زوج أمام محكمة الأسرة: «كوافير مراتي سبب خراب البيت» (تفاصيل)    نسرين طافش أنيقة وفيفي عبده بملابس شعبية.. 10 لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    حدث بالفن| اعتذار شيرين لشقيقها وموعد عزاء زوجة فنان وانطلاق مهرجان الجونة السينمائي    تامر عبدالمنعم بعد رئاسة "الفنون الشعبية": طالما لدي شباك تذاكر فالمسرح يهدف للربح    نابولي يفوز على مونزا 0/2 ويتصدر الدوري الإيطالي مؤقتا    "الحماية المدنية" تسيطر على حريق هائل في سيارة تريلا محملة بالتبن بإسنا جنوب الأقصر    جثة أسفل عقار مواجهة لسوبر ماركت شهير بالهرم    سقوط غامض لفتاة يثير لغزًا في أكتوبر    الفرح بقى جنازة، مصرع شاب وإصابة آخر في حادث تصادم جنوب الأقصر    عميد معهد القلب يكشف تفاصيل إنقاذ حياة شاب بعملية الأولى من نوعها    هل يجوز أن أترك عملي لأتابع مباراة أحبها؟.. رد صادم من أمين الفتوى لعشاق كرة القدم (فيديو)    إبراهيم رضا: الزوج الذي لا يعول أولاده خان علاقته بالله.. فيديو    مفاجأة حول المتسبب في واقعة سحر مؤمن زكريا.. عالم أزهري يوضح    الموت يفجع الشيخ أحمد عمر هاشم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثروت الخرباوي يكتب: سر المعبد «عندما قال محمود عزت: عبد الناصر رجل كافر»
نشر في الدستور الأصلي يوم 20 - 08 - 2012

- كان حسن البنا من الذين يضعون الخطط ويرتبون لتنفيذها على آجال وأزمنة، لذلك فإنه منذ أن أنشأ جماعته وكان قد استقر من أول لحظة فى عمر الجماعة على ضرورة إنشاء جيش مسلم يذب عن الدعوة ويناصر الفكرة.
- كانت دولة آل سعود شاخصة فى ذهن حسن البنا، وكان يعتبرها الدولة «البروفة» لدولة الخلافة الإسلامية التى كان يرى نفسه من خلالها خليفة المسلمين.
ومن فرط المعلومات المذهلة التى تدفق بها الأستاذ أحمد إبراهيم، سألته ذات يوم: كيف لك أن تعرف كل هذه الأخبار وتقف عند كل هذه الأفكار؟
فقال وهو يبتسم: أنا حفيد الشيخ طنطاوى جوهرى أحد عباقرة المسلمين من الذين اعتمد عليهم حسن البنا فى إنشاء جماعته فقد كان خالا لأمى، وكنت تلميذا لسيد قطب، وصديقا لشكرى مصطفى.
انتابتنى لحظة سكون، رأيت فيها بخيالى صورة الشيخ طنطاوى جوهرى صاحب المؤلفات الدينية والعلمية وتفسيره الفريد «الجواهر» للقرآن الكريم، وكتبه التى كاد أن يحصل بموجبها على جائزة نوبل، إلا أن المنية وافته قبل أن ينالها، ورأيت صورة سيد قطب الذى تحدثت بذكره الركبان، ثم استقرت فى ذهنى صورة شكرى مصطفى بوجهه البيضاوى وشعره الذى تعود على أن يفرقه من المنتصف ونظرات عينيه العميقة الغائرة ولحيته الكثة، نظرت إلى الأستاذ أحمد إبراهيم ثم قلت له: شكرى مصطفى مؤسس «التكفير والهجرة»!
رد قائلا: اسم جماعته الحقيقى هو جماعة المسلمين.
قلت: وما صلة شكرى مصطفى بالإخوان؟
وعلى غير ما كنت أتوقع سكت الأستاذ ولم يرد.
■ ■ ■
كان سر الإخوان غامضا لهذه الدرجة! فى الحقيقة لا، فقد كان تحت عينى طول الوقت، ولكننى لم أرَه، فالإنسان لا يرى ما لا يحب، فإذا رأى ممن يحبهم ما لا يحبه بحث لهم وله عن تبرير يستقيم مع حسن ظنه وتفسير أقرب لفكرته وعاطفته، والحقيقة أننى كنت أستطيع الوصول إلى سر الإخوان المفزع منذ السنوات الأولى لى فى الإخوان، ولكننى للأسف لم أضع يدى على صندوق الأسرار حينها.
ورغم أننى لم أدخل إلى كهف أسرار الجماعة وأفتح صندوقها السرى وأضع يدى على جواهرها المُخفاة إلا فى عام 2008 فإن خيوط بعض هذه الأسرار كانت قد بدأت تتجمع فى يدى قبل هذا التاريخ، كان بعضها قد وقع تحت يدى عام 1999، إلا أننى بحثت عن تأويل له يتفق مع حسن ظنى بالجماعة، ثم وقع البعض الآخر تحت يدى عام 2002 وما بعدها بقليل، إلى أن وقف علمى عند حد معين كتبت عنه ودللت عليه، وكان معظم مَن ينتقدون الإخوان يدورون حول الفكرة التى طرحتها وكشفت عنها وهى أن التنظيم القطبى سيطر على مقادير الجماعة وجعل من أفكار سيد قطب دستورًا فكريًّا للإخوان، ولكن عندما عرفت الحقيقة أدركت أن الأمر كان أخطر من ذلك بكثير.
وأنا أرتب أوراقى وأفكارى حتى أمتثل للأمر الذى استلهمته من حشاشات ضميرى «أن أكتب»، اكتب لتعطى أفكارك الحياة، اكتب لتميط اللثام عن السر المظلم الذى يضعونه فى مغارات معتمة، اكتب لتختلف عن الذين كتبوا ليتفقوا وهم يعلمون أن اتفاقهم نقمة، وليكن اختلافك رحمة، حينها عدت بذاكرتى إلى شهر نوفمبر من عام 1995، ذلك الشهر الذى أعادنى إليه أحمد ربيع ونحن نتحاور فى مكتبه، كان هذا الشهر بالنسبة إلىّ كئيبا موجعا مزعجا، فدفعة ثانية من قيادات الإخوان تم القبض عليها، وها هى نيابة أمن الدولة تبدأ التحقيق معهم، تذكرتنى واسترجعت مشاعرى حين كنت مع الإخوة فى نيابة أمن الدولة بمصر الجديدة لأحضر معهم التحقيقات وأدافع عنهم قدر جهدى، كنت أحمل فى قلبى هموما لا قبل لى بتحملها، فلقد عشت عمرى أرى أن أفدح الظلم أن يُحبس أصحاب الرأى والفكر، فالأفكار تولد لتنطلق فى السماء الرحيب بأجنحة كالطير يجنح نحو الأفق.
كنتُ قد خرجت من غرفة التحقيق التى جرت فيها وقائع التحقيق مع الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، فوجدت الدكتور محمود عزت عضو مكتب الإرشاد يقف فى الردهة بجوار إحدى غرف التحقيق ويقف معه مختار نوح وأحمد ربيع وعاطف عواد، كان الدكتور محمود عزت هو أحد المقبوض عليهم وكانت التهمة التى توجه إلى الجميع هى الانتماء إلى تنظيم مخالف للقانون، وكانت التهمة الموجهة إلى الدكتور محمود عزت والدكتور عبد المنعم أبو الفتوح هى إنشاء هذا التنظيم، وهو الأمر الذى يترتب عليه صدور عقوبة مشددة ضدهما، ذهبت إلى المجموعة التى كانت تقف مع محمود عزت فوجدتهم يتأهبون للذهاب إلى إحدى حجرات الموظفين ليقيموا صلاة المغرب فانضممت إليهم وانضمّ إلينا عدد كبير من المتهمين والمحامين، أمَّنا محمود عزت فى الصلاة وبعد الصلاة ألقى درسا قصيرا عن الثبات واليقين أننا على الحق وأن الله ناصر دعوته وغالب على أمره، ولكن أكثر الناس لا يعلمون، والله مُتِمّ نوره ولو كره الكافرون، كنت أعرف أن الآية الكريمة «والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون» من الآيات التى تجرى على ألسنة الإخوان كثيرا، ولكننى لم أستسغ سماع آيات عن الكفر والكفار فى موضع الخلاف السياسى، لذلك قفزت فى ذهنى علامات استفهام عن الآية الكريمة «والله متم نوره ولو كره الكافرون»، هل هنا مجال تطبيقها؟! وبعد أن قام المحامون والمتهمون إلى شؤونهم استبقيت محمود عزت وأشرت إلى عاطف عواد وأحمد ربيع بعدم القيام، ثم سألت محمود عزت: نريد أن نعرف منك سبب هذه الحملة الأمنية على الإخوان.
ظل محمود عزت صامتًا، حتى إننى ظننت أنه لم يسمع السؤال، ثم قال بعد فترة وكأنه يقدح زناد فكره: هل تعرفون أن ما يحدث فى هذه الأيام يعتبر نزهة جميلة بالنسبة إلى ما كان يحدث لنا ونحن فى سجون عبد الناصر؟ لم تكن هناك تحقيقات مثل هذه ولا محامون، ولا أى شىء آدمى، وحين دخلنا الزنازين أول مرة كنا نشرب الماء الذى قام حراس السجن برشه فى الزنازين، كنا نشرب كما تشرب الحيوانات وكانوا يتعمدون ذلك لإذلالنا، أتعرفون لماذا كانوا يفعلون ذلك؟ لأنهم تلقوا الأوامر بهذا من الكافر جمال عبد الناصر، أو تعرفون لماذا فعل بنا عبد الناصر هذا؟ لأنه تلقى الأمر بذلك من أسياده الملحدين فى روسيا، أصدر عبد الناصر أوامره بالقبض علينا من موسكو طاعة منه للكفرة، والآن تلقى مبارك أوامره من أسياده فى أمريكا فأصدر أوامره بالقبض علينا، روسيا الملحدة فى الستينيات، وأمريكا الكافرة فى التسعينيات.
قطع عاطف عواد استرساله: ولماذا ترغب أمريكا فى القضاء على الإخوان؟ أمريكا توافق على نشاط الإخوان عندها.
نظر إليه محمود عزت كأنه يعاتبه: أمريكا هى الطاغوت الأكبر فى العالم وهى لا تريد للإسلام أن يرتفع شأنه، أمريكا تعلم أننا لو حكمنا سنقضى على إسرائيل ثم سنتجه صوبها ونقضى على قيادتها للعالم، الإخوان يا أخ عاطف سيقيمون دولة الإسلام ثم سيحصلون لهذه الدولة على أستاذية العالم، وأمريكا تعلم ذلك لذلك هى تحرض علينا نظامنا الكافر.
استفهم منه أحمد ربيع: ولكن كيف سنقيم دولة الإسلام ونحن فى قمة الاستضعاف لا توجد خطة لدينا.
رد محمود عزت: لهذا يتم القبض علينا.
تعجبت من الإجابة فقلت له: يتم القبض علينا لأنه لا توجد خطة لدينا!
محمود عزت: لا، ولكن لأنه توجد خطة لدينا.
أحمد ربيع: وهل يعرفون خطتنا؟!
محمود عزت: يحاولون الوصول إليها ولكنهم لن يصلوا.
أحمد ربيع: هل خيار القوة هو خطتنا؟
محمود عزت: الأفكار التى لا تساندها قوة تموت.
تدخلت فى الحديث: وما القوة التى تساندنا؟
محمود عزت: هذا سؤال لا يسأله أحد، ولكن القوة التى تساندنا هى قوة ذاتية، يعنى مننا فينا، جواهر قوتنا تحت أيدينا.
ختم أحمد ربيع قائلا: واللبيب بالإشارة يفهم.
■ ■ ■
ظلت عبارة محمود عزت «القوة التى تساندنا قوة ذاتية» عالقة فى ذاكرتى لا ترغب فى التلاشى، ما معنى قوة ذاتية، وماذا يقصد ب(مننا فينا)».
والفكر يجلب بعضه، والخيوط تتشابك وتلتقى، فقبل أعوام قليلة من حوارنا مع محمود عزت وحين كنت من إخوان «منطقة الزيتون» حضرت كتيبة إخوانية فى بيت أحد الإخوة المسؤولين فى المنطقة، وكان بيته فى شارع اسمه «الليث بن سعد» المتفرع من شارع طومانباى.
كان المحاضر هو الدكتور جمال عبد الهادى أستاذ التاريخ الإسلامى، وهو أحد الدعاة الكبار فى الإخوان، وكان له عديد من الدروس يلقيها فى أحد المساجد بمنطقة الأميرية القريبة من الزيتون، والحق أن الدكتور جمال عبد الهادى رجل مفعم بالمشاعر الإيمانية الفياضة حتى إنه كثيرًا ما كان يبكى فى أثناء درسه، وهو من الرجال الذين يأخذون أنفسهم بالشدة فى العبادة، ولم يحدث أن طلب دنيا أو مغنما بل كان مخلصا لفكرته مدافعا عنها، إلا أن قلب الإنسان غير عقله وفكره، فمن الممكن أن يجذبك أحدهم بنقاء سريرته ونبل عاطفته ويصدمك بطريقة تفكيره.
فى تلك الكتيبة الإخوانية قال الدكتور جمال عدة أفكار كانت صادمة بالنسبة إلىّ، وكنت قد دوَّنت هذه المحاضرة فى مفكرتى، وكان مما قاله الشيخ.
- لا نستطيع أن نتهم شخصا بعينه بالكفر، فلا يجوز إطلاق القول بالكفر إلا بأن يثبت بالدليل الشرعى، ومن ثَم لا يجوز تكفير الأعيان «أى الأشخاص» إلا إذا ثبت ذلك من خلال قول أو فعل.
- ولكننا نستطيع تكفير الحكومات والأنظمة، ويثبت كفرها إذا امتنعت عن تحكيم شرع الله وهى تعلم وجوب هذا التحكيم، ويثبت علمها بالوجوب إذا أنذرها أهل العلم والفقه، ونظرا لأننا أنذرنا حكوماتنا وأخذنا عليهم الحجة فتكون الحكومات المصرية كافرة كفرا يخرجها من الملة.
وفى نهاية المحاضرة، قلت له: يا فضيلة الشيخ لقد أشكل علىَّ شىء مما قلته فهل من إيضاح؟
فرد بسماحته: تفضل يا أخى؟
قلت: كيف تكفر الحكومة ولا يكفر الحاكم، فالحكومة هى شىء معنوى، اعتبارى، والأشياء الاعتبارية لا تكفر ولا تؤمن، ولكن الأشخاص الذين يديرونها هم الذين كذلك، أنا أرى أننا لا يمكن أن نقول إن دولة كذا هى دولة كافرة، ولكننا نقولها من باب المجاز، إنما نقصد أن معظم شعبها على الكفر وأن أفراد حكومتها على الكفر، وكذلك لو قلنا إن الحكومة كافرة لأنها تتحاكم إلى الطاغوت ولا تحكم بما أنزل الله فإن هذا مجاز، إنما هنا نقصد أن بضعة أفراد عددهم معروف وأعيانهم معروفة قد كفروا بالله، وبذلك نكون قد حكمنا بكفر رفعت المحجوب لأنه هو ومجلس الشعب يُشرِّعون من دون الله، والقضاة الذين يحكمون بغير ما أنزل الله فهم أيضا كفار، والمحامون الذين يترافعون بالقوانين التى ما أنزل الله بها من سلطان هم أيضا كفار، فهل أنا بهذه المثابة كافر لأننى أعمل بالمحاماة؟
ضحك الجالسون فى الكتيبة من كلمتى الأخيرة وقال أحد الإخوة اسمه ياسر وهو يحوِّل الأمر إلى دعابة: معلهش يا مولانا، الطبع يحكم والأخ ثروت يعمل بالمحاماة «هو طبعا ماكانش بيسأل وبس إنما كان يترافع، وواضح أنه يخشى على مهنته».
قال الشيخ جمال عبد الهادى: الأمر يا أخى يحتمل الخلاف، والشيخ ابن باز قال: إن من يحكم بغير ما أنزل الله أو يتحاكم إليه وهو يعلم أن الذى أنزله الله أفضل من الذى يتحاكم إليه فهو كافر كفرا لا يخرجه من الملة، وأنا أرى أن الذى يتحاكم إلى غير ما أنزل الله مجبرا مضطرا لا خيار له فلا شىء عليه إن شاء الله، وإلا من يدافع عنا يا أخ ثروت، نحن نريدكم أنت والأخ مختار نوح والأخ جمال تاج وباقى الإخوة لتدافعوا عنا فى المحاكم.
ثم أكمل الشيخ: ولكن نصيحتى لكم أن تستعدوا ليوم التمكين، فى هذا اليوم يجب أن نكون جاهزين أصحاء أقوياء، فالمؤمن القوى خير عند الله من المؤمن الضعيف، ولقد عرفت من وقت قريب أن بعض الإخوة يقومون بعمل تدريبات رياضية، وليت هذه التدريبات تكون نواة لجيش مسلم، يقف فى مواجهة اليهود فى اليوم الموعود، كل منكم يجب أن يشترك فى هذه التدريبات.
رد أخ من الجالسين اسمه خالد عبد المطلب: وكيف نشترك؟
قال الشيخ: الحقيقة لا أعرف، اسألوا الدكتور محمود عزت فقد تكون عنده الإجابة.
يا لها من دنيا غريبة وعقول غريبة! أأسخر من نفسى أم أجعل نفسى تسخر منى؟ الموضوع كله يصلح أن يكتبه كاتب ساخر فى مسرحية ساخرة، لقد كنتُ أحد أفراد الجيش المسلم وكنت أتلقى تدريبات رياضية وأذهب إلى معسكرات، كنت فى الجيش المسلم دون أن أعلم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.