بالطبع ورث الرئيس محمد مرسى تركة ثقيلة جدا.. نتيجة الأداء الفاشل لجنرالات المجلس العسكرى لإدارة شؤون البلاد، فضلا عن حكومات عاجزة شاركت المجلس العسكرى فى الإدارة.. فأضاعت على البلاد فرصة عظيمة فى انتقال سريع من نظام استبدادى فاسد إلى نظام ديمقراطى شفاف ولكن أرادوا لمصر تعطيل مسيرتها عن جهل وغباء وعجز وفشل فى النهاية.
.. وبالطبع لا يمكن إعفاء جماعة الإخوان المسلمين من المشاركة فى هذا الأمر بمحاولتهم «السريعة» تقسيم تورتة الثورة.. وتباين تحالفاتهم من أجل الصراع على السلطة.. وقد بدا ذلك منذ الاستفتاء المشؤوم فى مارس 2011 على ترقيعات دستورية لا تغنى ولا تثمن من جوع.. وما تبعه من مناخ سيئ للانتقال الديمقراطى، وتحالفات مريبة بين قوى سياسية ومع المجلس العسكرى لإجهاض الثورة.
وجرت انتخابات مجلس الشعب فى ظل هذا المناخ السيئ ومجلس الشورى دون اختصاصات، ولم يهتم به أحد حتى أصبح مجلس ال7٪..
ولأن المناخ السياسى سيئ، وبعد الصراع على تورتة الثورة، وطمع الإخوان فى السلطة وغرورهم بعد حصولهم على الأكثرية مع حلفائهم السلفيين، كان لا بد أن تكون الطريقة التى نسير عليها هى الخطأ، والتى لا تتفق أبدًا مع الثورة السلمية التى دعت إلى الحرية والكرامة، فكانت القوانين التى أجريت عليها انتخابات البرلمان غير دستورية..
وكان يجب النظر من جديد فى هذه القوانين والبناء من جديد، ولكن جنرالات المجلس العسكرى لم يفعلوا ذلك، وقاموا بتسليم السلطة «بعبلها» للرئيس محمد مرسى، ولكن لم يفعل الرئيس مرسى شيئًا لإعادة البناء الديمقراطى من جديد أو حتى التفكير فى جعل هذه الفترة الحالية فترة انتقالية جديدة يمكن البناء عليها بالتوافق الوطنى العام وإعادة الثقة إلى جماعته التى فقدت الكثير من شعبيتها نتيجة أدائها فى الشارع أو فى البرلمان «المنحل» غير المأسوف عليه.
فأراد الرئيس مرسى إعادة مجلس الشعب وانتهاك أحكام المحكمة الدستورية ليضعنا الرجل فى «عك» قانونى وجدل عقيم بين القانونيين، وكشف هذا الوضع تفاهة من يطلقون عليهم شيوخ مهنة القضاء.. فللأسف الشديد فعل ما كان يحدث مع مبارك ونظامه عندما يشير إليهم أحد فى السلطة فيقدمون خدماتهم فى رعاية السلطات ويتحولون إلى وعاظ السلطان ويُفتُون بما كانوا يقولون عكسه فى فترات سابقة..
نفس الأمر اتخذه الدكتور سعد الكتاتنى بعد حل مجلس الشعب، فلم يحترم أحكام المحكمة الدستورية، وأراد ومستشاروه وترزية قوانينهم الجدد تفسير الحكم على مزاجهم وإشاعة جدل وهمى، رغم أن الحكم واضح بحل البرلمان بالكامل، ولكن اللف والدوران الذى تعوّد عليه أعضاء جماعة الإخوان المسلمين فى تعاليمهم كتنظيم سرى، ولم يُشفَوا من هذا الداء بعد الثورة، وتمكنهم من الحصول على الأكثرية.. واضح أنهم لا يصدقون أنهم فى السلطة الآن ولا يريدون أن يكونوا شفافين، فللأسف الشديد خرجنا من الإدارة الفاشلة لجنرالات معاشات المجلس العسكرى إلى ما يبدو أنه إدارة فاشلة للرئيس الجديد الذى مضى عليه أسبوعان فى الرئاسة، ولم يشكل حكومته أو فريقه الرئاسى، وإنما يحيط نفسه بترزية قوانين جدد لا يريدون بناء إصلاحيًّا جديدًا، ويستمر فى «العك» والعبث القانونى والدستورى، ولعل ما فعله أمس من تصديق على قانون معايير انتخاب أعضاء الجمعية التأسيسية لتحصينه قبل حكم المحكمة الإدارية بعدم قانونية تشكيلها ب24 ساعة..
ألم يكن من الأفضل أن ينتظر الرئيس مرسى أياما على ذلك؟ ويستخدم صلاحياته فى تشكيل حكومته وفريقه الرئاسى، والبدء من جديد فى مرحلة انتقالية، وكما يقولون على «ميه بيضا»، لكنه للأسف لا يريد، ومن معه، الخير أو حتى النهضة لهذا البلد الذى عانى الكثير من حكم الاستبداد والفاشية.. ويبدو أنهم مستمرون وبفاشية جديدة.. يا أيها الذين فى «العسكرى».. منكم لله.. ويا أيها الذين فى جماعة الإخوان.. حرام عليكم.