ولعل انتخابات الرئاسة توضح ذلك.. وعودة الفلول وعصابة مبارك وابنه لمساندة المرشح الذى تم طرده من باب رئاسة الوزراء فى الثورة ليحاول أن يعود من شباك رئاسة الجمهورية.. وكان الأداء الفاشل لجنرالات معاشات المجلس العسكرى خلال الفترة الانتقالية أحد الأسباب المهمة لخسارة الثورة.. وكان الأداء الفاشل لمن اختارتهم الثورة مثل عصام شرف أحد الأسباب المهمة فى تلك الخسارة، فالرجل لم يكن على قدر الثقة التى منحها له الثوار والشعب لتقلد أهم منصب بعد الثورة.. وكان يمكن أن يكون معبرا عن الثورة ومحققا أهدافها.. لكنه ابتعد عن الثورة وذهب إلى المجلس العسكرى وكان نموذجا للسمع والطاعة لجنرالات معاشات المجلس العسكرى.. ولم يكن يتخذ قرارا إلا بعد استئذانهم.. فكان ولاء عصام شرف -ومن معه مثل يحيى الجمل ومن بعده على السلمى- للمجلس العسكرى لا للثورة التى خرجت فى مليونية لتتويجه رئيسا للحكومة بعد إسقاط حكومة شفيق وخلعه.
كما أن الأداء السيئ للأحزاب والقوى السياسية ورؤسائها الذين يعملون لمصالحهم الشخصية.. فوجدوا مصالحهم مع المجلس العسكرى باعتباره السلطة الحاكمة كما كانوا يفعلون بالضبط مع نظام مبارك ورجله صفوت الشريف ومباحث أمن الدولة من اتّباعهم التعليمات.. فضلا عن أن كثيرا من رؤساء تلك الأحزاب كانوا ضد الثورة من البداية، وإن حاولوا أن يتلونوا وينافقوا كعادتهم، وها هم يعودون الآن إلى أصولهم.. لينافقوا السلطة الجديدة ويعملوا لصالحها، ومن أجل مصالحهم الشخصية وبيزنسهم الخاص!
ولعل الأسوأ فى الأداء وسبب فى خسارة الثورة كان جماعة الإخوان المسلمين وحزبها الحرية والعدالة، الجماعة التى باعت الثورة والثوار وتركتهم لجنرالات المجلس العسكرى للقضاء عليهم كما جرى فى محمد محمود ومجلس الوزراء وقصر العينى ومحيط وزارة الداخلية حيث سقط شهداء جدد للثورة.. أليسوا هم الذين وقفوا ضد الثوار الذين ذهبوا إلى البرلمان فى أول يوم لمجلس الشعب الجديد يطالبونه بتحمل مسؤولياته التى انتُخب من أجلها وتولى السلطة باعتباره يشكل المؤسسة الوحيدة التى جرى انتخابها؟ إلا أنهم أتوا بميليشياتهم ليمنعوا الثوار من تقديم مطالبهم للمجلس.
وهم الذين ذهبوا من اليوم الأول تاركين الثورة فى الميدان إلى جنرالات المجلس العسكرى للاتفاق وعقد الصفقات لتقاسم السلطة على حساب الثوار ومطالب الثورة.. وهم الذين طمعوا فى السلطة ولحسوا تعهداتهم وتصريحات قياداتهم بأنهم يسعون للمشاركة لا للمغالبة.. فإذا بهم يفعلون غير ذلك.. وأخذهم الغرور والمغالبة وبدؤوا يتصرفون كأنهم السلطة المطلقة.. وتخلوا عن الثورة والقوى الثورية.. وأرادوا أن يكتبوا دستور البلاد على مقاسهم.. لا من أجل مستقبل هذا البلد.. ومن أجل الحرية والكرامة والعدالة الإنسانية.. فكانوا هم الخاسر الأكبر.. فلم يعد يثق بهم الشعب.. بعد تجربتهم السيئة فى إدارة البرلمان وسعيهم إلى التكويش على السلطة على حساب الديمقراطية وحقوق ومطالب الثورة.. وفشلوا فى التوافق الوطنى حول اللجنة التأسيسية لطمعهم وغرورهم.. وفقدوا مصداقيتهم فى الشارع.. فكان حسابهم عسيرا ولم يصبر عليهم الناس أكثر من أربعة أشهر بعد كشف وفضح أدائهم الفاشل.
ويُسأل عن ذلك قيادات الجماعة بدءا من المرشد العام محمد بديع ونائبه خيرت الشاطر الرجل القوى والمسيطر على مقدَّرات الجماعة، مرورا بقيادات مجلس الشعب وعلى رأسهم سعد الكتاتنى وحسين إبراهيم زعيم الأغلبية.. وعصام العريان.. وحتى محمد البلتاجى.. لقد فشلوا فى قيادة مرحلة ما بعد الثورة وكانت فرصتهم عظيمة لكن طمعهم وغرورهم أفقدهم كثيرا.. بعد أن أفقدوا الثورة كثيرا.. فهل وصلت الرسالة إلى قيادات الجماعة ومكتب إرشادها وشاطرها.. ويعترفون بفشلهم.. ويتركون مقاعدهم لجيل آخر لم يتعود على التنظيم المغلق؟
وهل يترك هؤلاء القيادات الجماعة ويجلسون فى بيوتهم ويتركون القيادة لجيل خرج من رحم الثورة لا من تنظيم عقَدِى يعتمد على السمع والطاعة؟