دون شك موقف جماعة الإخوان المسلمين والمتحالفين معها كان السبب الرئيسى فى تأخر وضع الدستور الجديد للبلاد. .. ودون شك سعيهم -أى الإخوان ومن معهم- للتكويش على السلطة، وتفسير الإعلان الدستورى على مزاجهم فى تشكيل اللجنة هو سبب التعطيل، وقد جاء حكم المحكمة الإدارية ببطلان تشكيل لجنة الإخوان ليضع حدًّا لذلك، مع انسحاب ممثلى القوى السياسية من اللجنة.
.. لكن تبقى فترة زمنية تقترب من الشهرين لكتابة الدستور والمناقشات المجتمعية حوله، إضافة إلى تشكيل اللجنة نفسها وإجراء استفتاء حوله، وهى فترة لا تكفى لكل ذلك.
.. لكن المجلس العسكرى يريد الانتهاء من كل إجراءات الدستور فى تلك الفترة!
.. ويريد الدستور قبل الرئاسة وهو أمر صعب جدا سيؤدى فى النهاية إلى سَلق الدستور.. كما جرى وسُلِقت جميع القوانين التى أقرها المجلس العسكرى، وأوصلنا إلى الوضع المرتبك الذى نحن فيه الآن، ونعانى الآن من هذا الارتباك التشريعى.
.. كان المجلس العسكرى مرتبكا فى إجراء ترقيعاته الدستورية فى استفتاء مارس 2011 بحثا عن شرعيته الفاشلة لإدارة شؤون البلاد وقوانينه الخاصة بالانتخابات بدءا من قانون مباشرة الحقوق السياسية وقانون انتخابات مجلس الشعب وحرصه على الإبقاء على مجلس الشورى، وقانون تقسيم الدوائر الانتخابية، وقانون انتخابات الرئاسة، وصولا إلى الإعلان الدستورى الذى تضمن مواد لم تكن موجودة فى الترقيعات الدستورية التى جرت فى استفتاء 19 مارس «الهزلى»، وقد أدى ذلك إلى تشويه الواقع التشريعى والمرحلة الانتقالية ليؤكد فى النهاية الفشل الذريع لجنرالات معاشات المجلس العسكرى فى إدارة شؤون البلاد واستعانته بترزية قوانين فاشلين، ينتمون إلى المرحلة السابقة من الفساد التشريعى الذى كان مدرسة يتميز بها حكم مبارك المخلوع وعصابته.
وقد حاول المجلس العسكرى تغطية فشله بغطاء قوى سياسية وأحزاب ينتمى معظمها إلى النظام المخلوع وكانت خادمة مطيعة للنظام، فضلا عن إدارتها برجال أمن الدولة وأحزاب أخرى كانت صنيعة صفوت الشريف لتقوم بدور الكومبارس للحزب الوطنى، وهى تلعب نفس الدور الآن للمجلس العسكرى تارة ولحزب الأكثرية الجديد تارة أخرى، ما دام لا يختلف مع جنرالات المجلس العسكرى.
لقد كان الاجتماع الأخير للمشير طنطاوى وتلك الأحزاب حول إعادة تشكيل اللجنة الدستورية الأحد الماضى، وحذرهم طنطاوى من خطورة إجراء انتخابات الرئاسة قبل انتهاء الدستور، ومع هذا لم ينطق أحد ويحذِّر من سَلق الدستور بتلك الطريقة من التحذير العسكرى بعد التخدير الذى مارسه فى المرحلة الانتقالية وإدارته الفاشلة لتلك المرحلة وإصراره على هذا الفشل الذى أوصلتنا إلى تبريد الثورة وإجهاضها والحفاظ على فلول النظام السابق فى الوجود على الساحة بل وتصدر المشهد السياسى حتى أوصلنا إلى أن نرى عمر سليمان نائب مبارك المخلوع يطمح ويطمع فى تولى منصب الرئيس.
لقد شاركت فى هذا الاجتماع عينة من الأحزاب مثل: «مصر الحديثة»، و«الاتحاد» و«المواطن المصرى»، و«الاتحاد المصرى العربى»، و«الحرية»، و«السلام الديمقراطى» لصاحبه أحمد الفضالى، و«الجيل» لصاحبه ناجى الشهابى، وأعضاء من مجلس الشعب مثل مصطفى بكرى وماريان ملاك (ليه.. ما تعرفش!) وكأنك ترى النظام السابق فى استدعائه عينة من تلك الأحزاب للمشاركة ككومبارس للحزب الوطنى.
إضافة إلى ذلك قيام السيد البدوى باعتباره رئيسا لحزب الوفد -الذى حوَّله إلى دكانة خاصة به إلى جانب دكاكينه فى الأدوية والفضائيات- بقيادة المبادرات لتشكيل اللجنة الدستورية الجديدة.
.. وبالطبع سينفذ الرجل ما يطلبه جنرالات معاشات المجلس العسكرى فهو دائما رجل تابع لأى سلطة من أجل مصالحه الشخصية.
بالله عليكم.. هل يقود السيد البدوى الآن عملية التغيير ووضع دستور جديد للبلاد يدعو إلى الحرية والديمقراطية والانتقال إلى الدولة المدنية الحديثة وهو الذى صادر الحرية وباع جريدة «الدستور» ببلاش للرئيس المخلوع وعصابته؟!